نور هشام السيف: خروجٌ طويل من الطفولة

16 يناير 2023
جانب من المعرض ("غاليري النيل للفن)
+ الخط -

هل النموّ والتقدُّم في السنّ أمرٌ اختياريّ، يعتمد على إرادتنا ورغبتنا في أن نكبر أم لا؟ هذا ما تُحيلنا إليه عبارة "نسيتُ أن أكبر"، التي تختارها الفنانة السعودية نور هشام السيف عنواناً لمعرضها الجديد، الذي افتُتح يوم الأربعاء الماضي، الحادي عشر من هذا الشهر، في "غاليري النيل للفن" بالقاهرة.

والمعرض ــ الذي يستمرّ حتى الخامس والعشرين من الشهر الجاري ــ يتبع العنوان في جزء كبير منه، حيث نجد أنفسنا، في كثير من اللوحات، أمام فتاة أو أشخاص بالغين عمراً، لكنّهم لا يزالون في عالَم الطفولة، حيث تُحيطهم عناصر اللعب واللهو والألوان الزاهية، كما في هذه اللوحة التي تستلقي فيها فتاةٌ بين العديد من دُماها المكدّسة على السرير، أو في تلك اللوحة التي نقع فيها على فتاة أُخرى، بحجم صغير صغَرَ أشياء الغرفة، بما يذكّرنا بعوالم "أليس في بلاد العجائب".

من عالم الطفولة ومباشرته ننتقل إلى توريةٍ في تصوير عالم الشباب

اللوحات المعروضة تمثّل، رغم ذلك، ما يشبه الشريط للنموّ وازدياد الوعي. فمنَ الطفولة التي لا همّ يعكّر لعبها ولهوها، نجد أنفسنا أيضاً أمام تصاوير تُحيل إلى عالَم المراهقة، حيث العقل الطفولي يختلط، شيئاً فشيئاً، مع انفتاح على العالَم، ومع فضول، ورغبة ثقافية، كما هو الحال في هذه اللوحة التي تجلس فيها فتاةٌ بين العديد من أشرطة الفيديو التي تحمل أسماء أفلام يعرفها أيّ مُحبٍّ للسينما.

المزاج الطفولي، أو اللعبيّ، ينطبق أيضاً على تركيبات الفنانة؛ فبعض اللوحات، ببساطتها، تريد إعادتنا إلى الملصقات الفنية وملصقات الأفلام وتركيباتها المتسرّعة (حيث الأشخاص مصفوفون كيفما اتفق)، في حين تتقصّد لوحاتٌ أُخرى البناء على هذا العبث لكنْ بلغةٍ فنّية أكثر جدّية، كما في هذه اللوحة التي تُمسك فيها فتاةٌ بشابٍّ من ساقه، وهو يبدو مقلوباً رأساً على عقب. عبثٌ نخرج معه من الطفولة إلى مكان يجمع بين التصوير الواقعي والسريالية، ضمن خياراتٍ لونية تلفت النظر.

من معرض نور هشام السيف  -القسم الثقافي
جانب من المعرض

في معرض نور هشام السيف ما يفيض، في نهاية الأمر، عن عالَم الطفولة، وما يذهب نحو غموضٍ وتورية هُما، أساساً، من عمل الوعي والفكر. وأغلب اللوحات التي نقف فيها على سؤال كهذا هي تلك التي يحضر فيها سؤال العلاقة بين الجنسين، بين امرأة ورجل، أو فتاةٍ وفتى. هنا، خفّة الطفولة تترك المكان لتمثيلاتٍ أقلّ وضوحاً، وأكثر انفتاحاً على التأويل، كما في هاتين اللوحتين المتجاورتين، واللتين تمتلئان بشابٍّ واقفٍ يعطينا ظهره، تجلس أمامه فتاةٌ لا تبدو منغمسةً، هذه المرّة، بعوالم الطفولة، بل بعوالم الرغبة. رغبةٌ نلمحها فقط، ولا نراها كما نرى انشغالات الطفولة، التي تصوّرها الفنانة بلغة مباشرة.

نور هشام السيف من مواليد عام 1982 في مدينة صفوى (شرق السعودية)؛ درست الفنون والتصميم في الرياض، ولها، قبل معرضها الحالي، أربعة معارض فردية، أُقيمت في جدّة والمنامة والكويت وبيروت، بين عامي 2015 و2018.

المساهمون