تقف هذه الزاوية مع مبدع عربي في أسئلة سريعة حول انشغالاته الإبداعية وجديد إنتاجه وبعض ما يودّ مشاطرته مع قرّائه. "تعوزني حياةٌ أخرى لأنجز ما جئت من أجله"، يقول الفنان والكاتب العراقي في حديثه إلى "العربي الجديد".
■ ما الذي يشغلك هذه الأيام؟
عَكَفتُ منذ شهورٍ على مخطوطة أعدّها الأهمّ في سلسلة أعمالي الغرافيكية؛ إنها مخطوطة لقصيدة "تمرين على اليقين" للشاعر العراقي عبد الرحمن طهمازي، وتقع في ستّين صفحة مخطوطةً ومرسومة. أنتظر شهرين حتى أُنجز ما تبقّى منها. العمل عليها يشبه نحت جبلٍ من المرمر.
■ ما هو آخر عمل صدر لك وما هو عملك القادم؟
في مجال الرسم صدر لي كتاب "الغايات" عام 2018. في الكتابة صدرت لي رواية "الشوق" عن دار "الرافدين" عام 2019، وتحت الطبع مجموعتي القصصية "أهواء الغربان"، التي ستصدر عن "الهيئة المصرية العامة للكتاب".
■ هل أنت راضٍ عن إنتاجك ولماذا؟
أجل، أنا راضٍ كلّ الرضا عمّا أفعله، ما دام يُراكم معرفتي، ويستدعي أيّاماً جديدة أخرى، ويجبرني على العبور على جسور قلِقة لم أعهدها من قبل. أنا سعيد بالحفرة العميقة التي خَلَّفتُها ورائي، ويلزمني ردمها بما يليق؛ لهذا تعوزني حياة أخرى لأنجز ما جئت من أجله.
■ لو قُيّض لك البدء من جديد، أي مسار كنت ستختار؟
لو خُيِّرتُ العودة إلى الماضي، فلن أختار غير ما اخترته سابقاً، فقد تمّ بإرادتي، وما جنيته من يأسٍ كان متاعاً حقيقيّاً وفعّالاً ولن أتخلّى عنه، حتى لو خُيِّرتُ الفردوس، فهي الأُخرى ميؤوسٌ منها.
أتعلّم كيف يسري الإحساس في أخاديد المعدن وأسمع صوت الخطوط
■ ما هو التغيير الذي تنتظره أو تريده في العالم؟
أنتظر المزيد من الخراب... ما أريده حقّاً أن يفهم البشر أن الحياة التي يعيشونها في ظل الرأسمالية ما هي إلّا جحيم أرضيّ، وباءٌ عليهم التغلّب عليه، ويلزمهم الكفاح ضدّه بأسنانهم إذا لزم الأمر.
■ شخصية من الماضي تودّ لقاءها، ولماذا هي بالذات؟
أحنُّ إلى لقاء صديقي عبد الرحمن طهمازي، لنمشي من أقصى الكرخ إلى أقصى الرصافة؛ نتحدَّث عن كل شيء، لا أسأله ولا يسألني، فكلانا يعرف جواب الآخر، نأكل قليلاً ونشرب قليلاً ونحلم كثيراً.
■ ماذا تقرأ الآن؟
بجواري "العهد القديم" و"ظلال الطيور" ليانيس ريتسوس، وبين يديّ "الكوميديا الإلهية" لدانتي، المزيّنة برسوم الحفر (الحفر الغائر بالمنقاش) لغوستاف دوريه، أتعلّم منها كيف يسري الإحساس في أخاديد المعدن وأسمع صوت الخطوط.
■ ماذا تسمع الآن وهل تقترح علينا تجربة غنائية أو موسيقية يمكننا أن نشاركك سماعها؟
لا يفارقني شوبان، فهو يُشبه الفجر حين يبزغ، وحده يحمي روحي من الخوف، وأوصيكم بالاستماع إلى كونشرتات البيانو.
بطاقة
فنان وشاعر وروائي عراقي، من مواليد العِمارة عام 1945. تخرّج في "معهد الفنون الجميلة" ببغداد عام 1966، ثم غادر العراق منتصف السبعينيات إلى يوغسلافيا لاستكمال تحصيله العملي في فن الغرافيك، حيث حصل على ماجستير، ثم على دكتوراه في علوم الفن من "معهد البحوث النظرية" في موسكو (1984). أقام العديد من المعارض الفردية في دول عربية وغربية، تنوعت بين الغرافيك ولوحات مصنوعة من الصوف اللبّاد وريش الطيور. من مؤلّفاته: " سيرة الرماد" (سيرة، 2013)، "ساعة الحائط" (شعر، 2015)، "بهجة الأفاعي" (رواية، 2016)، "أنزل النهر مرّتين" (شعر، 2017)، "الغايات" (رسوم، 2018)، "الشوق" (رواية، 2019).