يحيى بن الوليد: محمد شكري وعابرو طنجة

25 نوفمبر 2020
شاطئ طنجنة، هنري ماتيس، 1912
+ الخط -

صدر حديثاً عن دار "أكور" المغربية كتاب "محمد شكري.. طنجة والكتّاب الأجانب" للباحث والكاتب المغربي يحيى بن الوليد، وقد صدر الكتاب سابقاً، ولكن الكاتب أضاف إلى الطبعة الجديدة والمزيدة مقالاً مطوّل حول علاقته الشخصية بصاحب "الخبز الحافي". 

يذكر الكاتب: "كان آخر اتصال لي بالكاتب المغربي العالمي محمد شكري عبر الهاتف، حصل ذلك في صباح من صباحاته المعدوده والمكرورة، بالمستشفى العسكري بالرباط الذي سيلفظ فيه أنفاسه الأخيرة مساء يوم السبت الخامس عشر من نوفمبر عام 2003".

ويتابع: "ما أزال أتذكر كيف أنه ودونما تأكد من هويتي صاح: فتحية فتحية، فاعترضت عليه بلباقه بأن الأمر يتعلق به وليس بفتحية خادمته على مدار يزيد على عقدين من الزمن، والتي تكون قد درجت على الاتصال به كل صباح على مدار فتره إقامته بالمستشفى، واكتفى بالقول إن الكولونيل الدكتور والفنان الفوتوغرافي جمال والملقب بن عبد السلام بجواره، وختم بالدارجة المغربية: "هذا المرض لي فيّ صعيب"، كانت هناك صعوبة واضحة في طريقة رده واستقطار كلماته، وكانت تلك آخر كلمات متبادلة بيننا قبل أن يعرج إلى عالم اللارجوع".

غلاف الكتاب
غلاف

الكتاب بمثابة تحليل ثقافي حيث تناول الأجانب في طنجة وعلاقة محمد شكري بهم، ويضم إلى جانب التحليل والدراسة فصولاً عبارة عن مذكرات للمؤلف مع الكاتب الراحل لم تنشر من قبل. تتضمن جملة أحداث ووقائع لا يعرفها إلا من كان يقابل شكري بدون موعد.

وجاء في تقديم الكتاب: "لا يبدو غريباً أن يستوعب فضاء طنجة كتّاباً أجانب عالميين ورسّامين ورحالة وموسيقيين وسينمائيين وإعلاميين... إلخ. ويصعب حصر جميع هؤلاء الذين انشدوا إلى "أسطورة طنجة" على مدار الأربعينيات والخمسينيات والستينيات من القرن المنصرم، وأبدعوا فيها أو حولها. وعلى هذا المستوى فقد خلَّف هؤلاء متناً قائماً بذاته أو تراثاً قريباً أو نصاً يمكن الاصطلاح عليه بـ"النص الطنجي" الذي لا يفارق، في حال بعض هؤلاء، نوعاً من "العالمية" التي لا تذيب المحلية أو الخصوصية". 

ويكمل الكاتب: "غير أن معظم هؤلاء، خصوصاً مع تزايد موجات "تآكل المكان" الذي سيؤول لاحقاً إلى "الفضاء المُعَوْلم"، سيرحلون عن المدينة. هذا بالإضافة إلى الموت الذي غيَّب بعض هؤلاء دون أن يدركوا هذا الفضاء المعولم وما رافقه من إتلاف للميراث العمراني أو الهندسي للمدينة. ولذلك لن تبق إلا القلة القليلة من هؤلاء، وفي مقدّمهم بول بولز الذي آثر أن يواصل حياة ما بعد الموت داخل إحدى مقابر طنجة. وهو الاختيار ذاته الذي أصَّر عليه جان جنيه دفين مقبرة أغلب ضيوفها من الجنود الإسبان ومحاطة بسجن مركزي وثكنة عسكرية إسبانية هرمة في مدينة العرائش التي لا تبعد كثيراً عن طنجة. وكلاهما لم يكن، سواء في المغرب أو خارجه، في حاجة إلى أن يموت لكي يولد إذا جاز أن نحوِّر عبارة الفيلسوف الألماني الأبرز نيشته".

آداب وفنون
التحديثات الحية
المساهمون