يسأل عن الأشياء الكاملة

06 أكتوبر 2024
حروفية ليزيد خلوفي (الجزائر)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- يبحث النص عن الطمأنينة والكنوز المخفية بين السطور، حيث يجد الراوي السلام في الأصوات المألوفة والأغاني القديمة التي تذكره بأقاليم حارة، مما يعكس رحلة البحث عن الذات والهدوء الداخلي.

- يتناول النص لحظات الظهيرة التي تتسلل فيها أشعة الشمس بهدوء، وتملأ الغرفة بأصوات البحر والنباتات النامية، مما يثير شعورًا بالسرور والحنين إلى الزمن المتداعي.

- يعبر النص عن لحظات التأمل في الطبيعة والإنسان، حيث يتداخل المطر مع الكرز والضباب، ويستحضر الراوي لحظات من السرور والحنين، مستغرقًا في الزمن السكري والذكريات المسروقة.

(1)

يسأل عن الأشياء الكاملة
يبحث بين السطور والكلمات
ولكنّ الكلام كلام
والكنوز لا تُدفن بين السطور؛
ثمّ صار يبحث عن الطمأنينة
يفتّش بين الضوء والضوء
في أركان العيون وموسيقى الأصوات؛
ثمّ عثر عليها
على بوّابة النوم
داخل الصوت الذي يسأله برفق
عن اسم منسيّ
كان يتردّد دائماً
في أغاني الأقاليم الحارّة.


(2)

تسألينني أيّ ظهيرة أُحبّ؟
تلك التي تتوقّف على حدود الستائر المخملية
ثم تُطلّ من ورائها بضياء طريّ
تلك التي تسبح أشعّتها المتسلّلة بهدوء
في مسارب الزجاج العسليّ الداكن
وتأتي معها بأصوات البحر في القواقع الغريبة.
أُحبّ تلك الظهيرة
التي تنمو فيها نباتات غرفة الجلوس
أمام العين الناظرة
ومعها أصداء هتافات أولاد من وادٍ بعيد
تلك التي أسأل فيها عن اسم اليوم
فيأتيني مألوفاً
ولكن في آخره لحن
كأنّ الزمان الآن يتداعى
وبغتةً يجتاحني السرور.


(3)

مشبعٌ بالمطر
كرزُ هذه الحديقة
نويرات قُرمزِ مَلَكيّ
تزيّن جدران فُلك الضباب السيّار
موجة إثر موجة
يُعسكِر في الأرجاء
يدثّر كامل الجسد الأخضر
ثمّ ينادي الغزلان وأولاد البرّيّة والأيل العملاق
ولكن ها هو أيضاً
الإنسان الذي حنث بالعهد
وأدّى سرّاً قَسَم الأيائل -
أمدّ يدي
لأسطو على اللحظة
أنتشل من بطن الأرض مفاتيح الأقاليم الحارّة
آنَس إلى الصورة:
من يعرف طعم الشفاه المسروقة حين تكون كأوّل حليب التين؟
أنال حصّتي من الغنيمة أيها العالم
وأستغرق طويلاً
في الزمن السكّري.


(4)

وحده
على زاوية شارعَين
بين عشرات الأزقّة المتداخلة
يسهر تحت أضواء النيون
في العتمة السرمدية.
جدران السيراميك الأبيض
سيجارته المشتعلة
مذياعه الطروب الخافت
بقايا روائح الشواء واللحم النيء
كانت كلّها لأجلنا
نحن التائهين
الدوّارين بين الأشياء نصف الميتة
إبَراً في الروح
ورعدة في القلب
الذي كان ينوس كلّ الليل
بين رغبة الانغماس
وشهوة الفرار.


(5)

ألف مرّة نلتقي
صدفةً في نصف العتمة
على طريق التبّانة
الذي يلفّ مدينة لا تنتهي
وكلّ مرّة تقولين:
لأجل عينَيّ اللتين تحبّهما
أُخرِس ضجيج المجرّة
الذي لا يختفي
وتظاهر بأنّك حبيبي.


* شاعر وكاتب سوري مقيم في السويد
 

المساهمون