اصطف أخيراً قطاع الثقافة في الأردن إلى جانب القطاعات الاقتصادية والأمنية والاجتماعية، على الصعيد الرسمي، من حيث الشكوى من "الأثر السلبي" للجوء السوري، لا سيما في مدينة المفرق، التي تستضيف قرابة أربعمائة ألف لاجئ سوري، 80 ألف منهم في مخيم الزعتري.
وزيرة الثقافة لانا مامكغ أشارت إلى ذلك "الأثر"، من دون أن تتحدّث عن مِصداقيته على أرض الواقع، خلافاً لمدير "مديرية ثقافة مدينة المفرق" فيصل العجيان، الذي اعتبر، خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، أن أبرز ملامح ذلك الأثر، على صعيد مدينته، تتجسّد في "تحوّل دور بعض الهيئات الثقافية المتعدّدة من العمل الثقافي إلى العمل الخيري، من خلال اهتماماتها بتوزيع المساعدات والمعونات على اللاجئين السوريين، بعد حصولها على تمويل من متبرع أو محسن، أو من منظمة محلية أو دولية".
ولكن؛ أين كانت تلك الهيئات، التي يبلغ عددها 22 هيئة ثقافية في المفرق، قبل اللجوء السوري؟ "في الحقيقة فإن جلّ تلك الهيئات يتمتّع بحضور في سجلات وزارة الثقافة فقط، من دون أن يكون لها أثرٌ ملموسٌ على أرض الواقع"، يجيب العجيان، الذي يبيّـن أن دور الوزارة حيال تلك الهيئات ينحصر بمراقبة انتخاباتها، حيث تتمتع باستقلالية تحول دون التدخل المباشر في عملها من قبل مديرية ثقافة المدينة.
وبطبيعة الحال فإن "ثقافة المفرق" لم تقدم خدمات ثقافية لـ"الزعتري"، على اعتبار أن "نشاطاتها موجهة للأردنيين"، بحسب العجيان. وإذا كان الحال كذلك؛ فلماذا يعلّق غياب الفعل الثقافي في المدينة على مشجب اللجوء السوري؟
"التعريف الأساسي للثقافة يصنّفها من ضمن البنى الفوقية، وهذا التعريف يستند إلى الممارسات التي أرساها عصر الأنوار، كما أن الرؤيا الاشتراكية قد عضّدت هذه الرؤية، وبالتالي فإن ذلك يفرض فرقاً نوعياً بين المؤسسات التي تعنى بالثقافة وبين غيرها من المؤسسات التي تعنى بالبنى التحتية للمجتمع"، يقول الباحث مجدي ممدوح لـ"العربي الجديد".
ويضيف أن "أعباء اللجوء السوري تخص المؤسسات التي تتصل بالبنى التحتية، وهي كثيرة ومتنوعة. وإذا كان هناك ضرورات لانخراط المؤسسات الثقافية في أعمال إنسانية فإنه غالباً ما يكون نشاطاً هامشياً ولا يشكّل عبئاً على كاهل المؤسسة، لأن هذه المؤسسة غير مهيأة أصلاً للتعامل مع حالات خارج الهدف الذي أنشئت من أجله بسبب اختلاف الاختصاص".
هو تخبّط إجرائي ينطلق من غياب لرؤية واضحة، وفي ظل قصور للفعل المؤثر، تلك هي أبرز ملامح الحالة الثقافية في مدينة المفرق، ولكن كيف سيكون حالها العام المقبل وهي تحتفل بكونها "مدينة الثقافة الأردنية"؟ سؤال تبدو إجابته واضخة منذ الآن.