بدءاً من "ملحمة قسنطينة الكبرى" ووصولاً إلى مختلف العروض المسرحية التي قُدّمت في إطار "قسنطينة عاصمة الثقافة العربية 2015"، كان جليّاً أن الموضوعات التاريخية هي الأكثر حضوراً، بالمقارنة مع القضايا الراهنة.
كان لافتاً أيضاً حضور الثقافة والتاريخ الأمازيغي في عروض "عاصمة الثقافة العربية" التي طاولتها انتقادات متسرعة، قبل بدايتها، بـ "تغييب البعد الأمازيغي" للمدينة.
قبل أيام، عُرضت في "المسرح الجهوي لقسنطينة" مسرحية "ماسينيسا وصوفونيسبا" للمخرجة حميدة آيت الحاج عن نص لنعيمة حساس اقتبسه نور الدين آيت سليمان، وتناول العرض حياة الملك الأمازيغي ماسينيسا (238 - 148 ق. م) وجهوده في توحيد نوميديا.
كان ماسينيسا أيضاً محور مسرحية "الحب المفقود" للممثّل والمخرج أحمد بن عيسى، التي عُرضت الشهر الماضي. عمل بن عيسى أعاد ربط القائد النوميدي بذاكرة قسنطينة وكفاح الأمازيغ ضدّ الغزاة الرومان.
في هذا السياق، تقدّم "جمعية مرايا الثقافة"، السبت المقبل، في "المسرح الجهوي لقسنطينة" العرض الأول لـ "مأدبة اللئام" التي تتناول اللحظات الأخيرة من حياة القائد الأمازيغي يوغرطة (160 - 104 ق.م).
لكن، هل يندرج العرض الجديد ضمن اشتغال فنّي على فترة من تاريخ الجزائر يرى كثيرون أنها ظلّت مغيّبة، أم أن الأمر لا يعدو هروباً للخشبة الجزائرية إلى التاريخ بدل مساءلة الراهن؟
يعترف مخرج العمل، صلاح الدين ميلاط، ردّاً على سؤال "العربي الجديد" أنه لم يختر المسرحية: "النص كان واحداً من النصوص التي اختيرت للتظاهرة. وجرى اختياري لإخراجه". لكنه يضيف أن العرض، وإن التزم بالنص الأصلي، فإنه يحاول تقديم رؤية مسرحية مغايرة لشخصية يوغرطة، من خلال توظيف الموسيقى والسينوغرافيا الحديثة والتقليل من الحوار: "لا نكتفي بسرد تاريخي، بل نعتمد على رؤية فلسفية ترتكز على طرح أسئلة وجودية".
يؤكّد ميلاط أن العرض يتضمّن الكثير من الإسقاطات على الوضع الاجتماعي والسياسي المعاصر: "يستعيد العمل شخصية يوغرطة المقاومة حتى اللحظة الأخيرة ويربطها بما يعيشه الوطن العربي؛ حيث تتكرّر الأخطاء نفسها منذ نصف قرن".
يضيف: "يتناول العرض المآمرة التي حاكها الرومان مع الملك بوخوص للإطاحة بيوغرطة. الرومان إسقاط للعالم الغربي، أمّا اللحظات الأخيرة من حياة الشخصية هي لحظات يمكن أن تسقط على الحياة الإنسانية عموماً، حيث نقف على التناقضات التي يعيشها الفرد في حياته اليومية".
يشارك في العرض، الذي كتب نصه لمبارك الشمالي، 11 ممثلاً؛ من بينهم: عبد الجليل نجاعي ورمزي لبيض وأيوب بودربالة ومحمد الصديق بودماغ ووليد قلقولة وأسامة بودشيش وميساء ميلاط.
اقرأ أيضاً: "الحب المفقود": الملك النوميدي يعود إلى سيرتا