"هل ما زال للمعماريين دور؟"، كان ذلك هو السؤال الذي بنى عليه القيّم على النسخة 15 من بنيالي البندقية للمعمار، أليخاندور أرافينا، فكرة التظاهرة. سؤال يبدو أنه حثّ المشاركين على إعادة طرح الأسئلة الكبرى لمجالهم على أنفسهم من جديد، ويبدو من خلال ردود الفعل الإيجابية للصحافة العالمية تجاه التظاهرة - التي افتتحت منذ أسبوع تقريباً وتمتد حتى شهر تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل - أنه حقق نوعاً من النجاح.
عبّر المعمار دائماً عن المتغيّرات، متغيرات القيم والأحجام والمواد. خلال قرن تقريباً، ومنذ أن سلّط علم الاجتماع أضواءه على هذه المهمة، ومنها تفرّعت علوم إنسانية أكثر تسليطاً للضوء عليها، بدا وأن كل شيء قيل بخصوص المعماريين ودورهم. فماذا نعني اليوم حين نقول بأنهم محدّدو الإطار العام الذي يمكن أن نخرج منه بالعقلانية أو بالفوضوية، أو ماذا يعني القول بأنهم صانعو الرفاهية أو التعقيدات. إنها أقوال باتت تبدو بلا معنى من فرط استهلاكها، ويبدو أنها باتت عبئاً على معماريّي اليوم. من هنا فكّر أرافينا في دعوة المعماريين لتعريف جديد عن أنفسهم.
في عملية اختيار المشاركين، لم يعتمد المعماري التشيلي على دعوة الأسماء الكبرى التي من المتوقّع أن تنظّر لمثل هذا التعريف، بل أنه بحث عن وسيلة للإجابة من خلال مفردات المعمار نفسه، إذ أرسل مقترحات لمؤسسات معمارية في قارات العالم الخمس، ودعاها أن تفكّر في سؤاله من خلال انتخاب مشاريع تصميمات تقدّم في معارض.
من هنا يلحظ زائر "بينالي البندقية" 2016 تنوّعاً لافتاً في الأفكار وفي الحوامل أيضاً، من اللوحات إلى التصميمات ثلاثية الأبعاد (بعضها بأحجام المباني الأصلية) مروراً بأعمال يمكن تصنيفها ضمن فن التجهيز وأخرى لم تكن سوى صور فوتوغرافية، بعضها ممزوج بتصميمات.
يبدو أن المعماري التشيلي حاول الدفع بزملائه لكسر تلك العقدة التي تقول بأن كل شيء قيل في مجال المعمار. "بينالي البندقية" يوضّح أيضاً – من خلال عناوين العديد من المشاريع المشاركة – أن قضايا العالم (العدالة - البيئة - الحرية...) حاضرة بقوة في أذهان المعماريين.