"اللغة العربية في أفريقيا: الواقع والتطلّعات" عنوان ندوة علمية دولية انطلقت أشغالها، أمس الأربعاء في الرباط، وتتواصل اليوم بمشاركة باحثين من المغرب ونيجيريا والسنغال ومالي وموريتانيا.
الندوة، التي تنظّمها "مؤسّسة مفتاح السعد للرأسمال اللامادي للمغرب" و"معهد الدراسات الأفريقية" في الرباط، و"المركز النيجيري للبحوث العربية" في نيجيريا، تهدف، بحسب المنظّمين، إلى الاقتراب من واقع العربية في البلدان الأفريقية جنوب الصحراء، وملامسة التحدّيات التي تواجهها في ضوء التغيّرات الإقليمية والدولية، ومناقشة الخيارات الممكنة لتطوير الواقع اللغوي العربي في القارة السمراء.
يطرح المشاركون تلك القضايا ضمن عددٍ من المحاور؛ من بينها: اللغة العربية في أفريقيا وعوامل النشأة، وعلاقة العربية وتفاعلها مع اللغات الأفريقية، والمنظورات المستقبلية للعربية في أفريقيا، والأبعاد الحضارية والثقافية للعربية في القارة، والسياسات الأفريقية تجاه العربية، والسياسات العربية تجاه أفريقيا.
وبينما تشهد اللغة العربية تحدّيات عدّة على مستويات مختلفة، وفي البلاد العربية نفسها، غلب التفاؤل على مداخلات المشاركين، الذين رسموا صورةً إيجابية عن راهن هذه اللغة ومستقبلها في البلدان الأفريقية.
في مداخلته، أضاء الأكاديمي المغربي، يحيى أبو الفرح، على واقع العربية في أفريقيا وآفاق تطوّرها وانتشارها على الصعيد القاري، مشيراً إلى أن اعتماد بعض الشعوب الأفريقية الحرف العربي في الكتابة شكّل عاملاً أساسياً في توسّع استخداماتها، وأيضاً في نشأة أدبٍ أفريقي مكتوب بالعربية، يُسمّى "الأدب الأعجمي".
من جهتها، أشارت الباحثة المغربية، بدر السعود العلوي، إلى أنه لا يمكن فصل التطوّر التاريخي في أفريقيا عن تطوّر اللغة العربية، مضيفةً أن تلك السيرورة واجهتها الكثير من التحدّيات، ومن أبرزها الاستعمار الأجنبي للقارّة.
أمّا الباحث النيجيري، الخضر عبد الباقي محمد، فاعتبر أن العربية في جنوب الصحراء، وخصوصاً في نيجيريا، تعيش أحسن أحوالها، مشيراً إلى أن ارتباط هذه اللغة بالديانة الإسلامية يُعدّ أحد أبرز العوامل التي ساهمت في انتشارها، مضيفاً: "العمل على تدعيم لغة الضاد ونشرها هو من صميم الأمن القومي الثقافي العربي والإسلامي".
غالبية المداخلات اشتركت في الدعوة إلى تطوير اللغة العربية وتعميم تعليمها وحمايتها لمواجهة تحديات التكنولوجيا الحديثة ومواكبتها، من خلال إنشاء معاهد ومدارس خاصّة بتعليمها في البلدان الأفريقية، ودفع عجلة الترجمة منها وإليها، وإدراجها لغةً رسمية في المناهج الدراسية.
ومع أن الندوة خُصّصت لبحث واقع اللغة العربية في القارة الأفريقية، فإن المداخلات لم تخلُ من إشارات سياسية؛ خصوصاً مداخلة عبد الحق المريني الذي يوصف بـ "مؤرّخ المملكة"؛ والتي ركّز فيها على الدور الإقليمي للمغرب، وأيضاً رئيس "المعهد الإفريقي للدراسات" يحيى أبو الفرح الذي قال إن الندوة تأتي بعد أشهر قليلة من طلب المغرب العودة إلى الاتحاد الأفريقي، وثلاثة أيام بعد وضعه طلباً رسمياً في هذا الشأن.