من خلال ارتباطه بالهامش، وبأسئلة الجيل الجديد من شباب الموسيقيين المغاربة اتخذ مهرجان "لبولفار" هويته الخاصة، لا سيما أنه لا يضع نفسه ضمن خريطة المهرجانات الموسيقية والفنية بالمغرب، إلا من خلال هذا الاختيار الموسيقي المحدّد، موسيقى الشباب في تعددها وتنوّع أساليبها.
رغم هذا الخيار، فإن المهرجان منذ تأسيسه، ظلّ يخلق الحدث الفني في المغرب، معمقاً أسئلة الجزء المنسي من المشهد الفني، وبدا دائماً غير مهتم بانتقادات المشككين في اختياراته.
وبعد إلغائه العام الماضي، لأسباب تتعلّق بالدعم المالي، يعود "لبولفار" هذا الشهر من 15 إلى 24 أيلول/ سبتمبر الجاري، ليستأنف مسيرته، وهي المسيرة التي رافقت ظهور العديد من الفرق الشابة الموسيقية. اختيرت الدار البيضاء مسرحاً لهذه العودة، وهو خيار نابع ربما من قدرة المدينة على احتضان مختلف أشكال التعابير الموسيقية، وهي المدينة التي لا تسكن فيها الحركة.
الدورة السابعة عشرة من المهرجان، تنحاز إلى الموسيقى الحضرية الحديثة وتنفتح على المواهب الموسيقية من دون اعتبارات تتعلّق بمدارسها أو أنماطها. وغالباً ما تختار هذه الفرق محاولة دمج بعض التعابير الموسيقية الحديثة والعصرية، ضمن قالب موسيقي واحد.
لكن، المهرجان ظل على الدوام يشكل صورة لـ"شباب رافض" متحمس للتغيير بطريقته الخاصة، وهو ما أنتج في المقابل أطرافاً مضادة (ذات ميولات أيديولوجية محافظة) تنظر إلى التظاهرة بعين الرضا، باعتبار أن الاختيارات الموسيقية تصبح رديفاً لنمط تفكير ثقافي ومجتمعي بديل.
الدورة الجديدة ستشهد مشاركة فرق من الولايات المتحدة الأميريكة وفرنسا والجزائر ونيجيريا وإسبانيا وهولندا والمغرب، من بينها: أووم، وبيتوين أتنا، وماستا فلو، ويحيى زيتان، ولفريدا.. وميطال داغوبا الفرنسي ولاباس الجزائرية والعديد من الفرق التي ستحيي حفلاتها على منصتي الأمل و(RUC) في الدار البيضاء.
ينفتح المهرجان أيضاً على التسويق الفني والموسيقي، إلى جانب تنظيم حملات غالباً ما تتخذ طابعاً اجتماعياً، إذ تتحوّل هذه الفعاليات غالباً إلى فضاء تواصلي يتجاوز المجال الموسيقي.
"سوق" لبولفار الموسيقي، هو أيضاً فضاء للبحث عن الإنتاج الموسيقي المشترك، من خلال عقد لقاءات بين فاعلين ومديري ومعدّي مهرجانات موسيقية. اللقاء لا يقيم تمييزاً فاصلاً بين العقلية الاحترافية وعقلية الهواة، بقدر ما يرسخ ضمن اختيار موسيقي حر، قدرة الموسيقى على توحيد الشعوب والحضارات حول قضايا الإنسان الكونية.
الجدير بالذكر أن العديد من الفرق الموسيقية الشابة، والمعروفة اليوم في المشهد الموسيقي، لهذا المهرجان، فـ "الرابور البيغ"، وفرقة "آش كاين" و"الفناير" و"هوبا هوبا سبيرت" مرّت من "لبولفار" (الشارع الكبير بالفرنسية، مع تحوير قليل من العامية المغربية).