العمل مدته 52 دقيقة، ويتضمّن "مقتطفات لأحاديث الكاتب التونسي الراحل (1911 – 2004)، وشهادات للنقاد وأصدقائه وعائلته مثل عزيز وصالحة المسعدي، وأحمد صالح، والناقد الراحل توفيق بكار ومحمد اليعلاوي، إضافة إلى كاتب السنياريو نفسه.
باستثناء عرضه الوحيد في مدينة الكتاب، فإن الفيلم الذي دعمت إنتاجه وزارة الثقافة، سيقدّم ضمن جولة على المدارس الثانوية والمراكز الثقافية بداية من الشهر المقبل، قبل أن يعود إلى أدراج الوزارة، كما حصل مع الفيلم السابق حول المسعدي عام 2011 وحمل توقيع طرشونة والعجيمي أيضاً.
يعيد القائمون على العمل نفس المقولات التي لا تصدر إلا منهم حول "تنوع الفيلم واستحسان الحاضرين له"، و"إجماع الشهادات حول صاحب كتاب "السد" (1940) بأنه منارة عربية وعالمية في الأدب والترجمة"، في تكرار لسلسة المحاضرات والكتب التي استحوذت على مجمل نتاج طرشونة البحثي.
في الوقت نفسه، تصرّ المؤسسة الرسمية على استعادة المسعدي وفق هذه الرؤية، وهي التي نصبّته أباً للأدب التونسي طيلة حياته عبر تكريس نصوصه كمحفوظات دراسية في المدارس والجامعات والنظر إليها من خلال قراءات جاهزة لا تسمح لأحد بالخروج عنها بوصفه مؤسساً للحداثة في البلاد.
استمراراً لذلك النهج، يحتكر طرشونة إلى حدٍ الحديث عن صاحب "حدث أبو هريرة قال" في جميع المناسبات التي تستذكر تجربته، وعلاوة على ذلك يسند إليه كتابة فيلمين وثائقين عنه، في الأول يستجلب شهادة نقاد عرب حوله وفي الثاني يكتفي بشهادات تونسية، دون الالتفات إلى مستوى العملين اللذين يقدّمان كدرس في أحد فصول الدراسة، حيث المحتفى به "أيقونة" صامتة، وما سيقال عنها يعرفه الجميع مسبقاً.
وتبدو طرفة أن تتداول وسائل المحلية أن البرنامج الذي أعدّته المندوبية الجهوية للشؤون الثقافية في تونس، كان يتمحور حول "أدب إرادة الحياة"؛ عنوان فضفاض يتسع للحديث عن أي أدب وعن أي إرادة للحياة، إلا أن طرشونة اعتذر عن تقديم هذا المحور لضيق الوقت، واقترح تقديم فيلم "ساحر الوجود".