تتركّز جهود المؤرخ والمعماري الأسترالي جورج ميتشل (1944) على العمارة الإسلامية في جنوب ووسط آسيا، عبر سلسلة أبحاث خصّصها حول تاريخ النشاط التجاري والتطوّر العمراني وأثرهما على المجتمع والحياة العامة في تلك المناطق، وقد تجاوزت الخميسن بحثاً.
يُلقي صاحب كتاب "كاشغار: المدينة الواحة على طريق الحرير الصيني القديم" (2008) محاضرة عند الحادية عشرة من صباح غدٍ الثلاثاء في "دار الآثار الإسلامية" في الكويت، بعنوان "العمارة الإسلامية في هضبة الدكن الهندية: بوجابور وغولكوندا".
يعود ميتشيل في محاضرته إلى الخلاصات التي يتضمّنها كتابه الصادر العام الحالي بالاشتراك مع الباحثة البريطانية هيلين فيلون (لها دراسات حول العمارة في فارس وسورية القديمة) ويحمل العنوان ذاته، ويشتمل على مسح كامل لجميع المباني التي شُيّدت إبان حكم الممالك المغولية في الشمال الهندي منذ منتصف القرن الرابع عشر حتى نهاية القرن التاسع.
المغول القادمون من الشرق، أسّسوا نمطاً في البناء يمزج بين العمارة الإسلامية والفارسية والهندية، بحسب المحاضر، يحتوي على قباب دائرية الشكل، ومآذن رفيع الزوايا، وقاعات كبيرة والزخرفة التي ازداد الاهتمام بدقائقها وتفاصيلها أكثر، وساد هذا النمط في مناطق حكمهم في الباكستان وأفغانستان أيضاً.
يبرز ميتشل الذي ضمّ كتابه مئات الصور الفوتوغرافية التي التقطتها الفوتوغرافي الإيطالي انطونيو مارتينيللي، والمخططات المعمارية لمعظم القصور والمساجد والمقابر والبيوت التي تشير بوضوح إلى "دمج الأفكار المحلية والمستوردة، والتقاليد المحلية والإسلامية، وإعادة إنشاء تراث معماري مهيب مع مباني استثنائية على حافة العالم الإسلامي"، وفق الكتاب.
اختيار هضبة الدكن موضوعاً للدراسة، يستند إلى أن أغنى منطقة في الهند بالنسبة إلى تنوّعها والثقافي، إذ شهدت منذ سبعة قرون تنافساً بين عدد من السلطنات المغولية من جهة، ثم أنها تفاعلت مع تراث معماري أقدم شهده شمال الهند قياساً إلى جنوبه، ثم أن هذه من معظم المعالم التي بنيت وما زالت محافظة على شكلها، خلافاً لحواضر أخرى تنتمي إلى العصر المغولي ذاته لحقها أضرار كبيرة في الصين وبلدان أخرى.
العديد من هذه المعالم لم يجر دراستها من قبل، خاصة في ما يتعلّق بما احتضنته من منحوتات واللوحات الجدارية والنقوش والأرابيسك والرسومات، والتي تشير إلى تطوير الفنون في تلك الحقبة، وازدهار تلك المدن المغولية التي ازدهرت بسبب وقوعها على خط تجاري مهم ربط شرق آسيا بغربها وأفريقيا وأوروبا بعد أن توقّفت الحروب التي دامت لقرون في وسط آسيا.