تشير المراجع التاريخية إلى أن انتشار المسيحية في مصر بدأ مع نهاية القرن الأول الميلادي، حيث تعرّض أتباعها إلى اضطهاد وملاحقات من قبل السلطة الرومانية، ما اضطرهم إلى العيش خارج المدن في أديرة وصوامع بنيت أقدمها في منطقتي الزعفرانة ورأس غارب شرق البلاد.
ويُعتبر الأنبا أنطونيوس المعلم (251 - 356) في أدبيات الكنيسة القبطية من أوائل الذين انتقلوا من النيل (وُلد ونشأ في بلدة قمن العروس بالقرب من مدينة بني سويف) إلى جبل القلزم شمال البحر الأحمر؛ حيث اعتزال الناس وبنى ديراً حمل اسمه، بعد أن قرّر الالتحاق بمعلمه الأنبا بولا.
"الرهبنة في الصحراء الشرقية" عنوان المحاضرة التي يلقيها الباحث السلوفيني جان سيغلينيكي (1980) عند السادسة من مساء غدٍ الخميس في "المعهد الهولندي الفلمنكي" بالقاهرة، ويتناول خلالها آثار عالميْ المصريات البريطانييْن جيمس بيرتون (1761 - 1837) وغاردنر ويلكنسون (1797 - 1875) اللذين تتبّعا تاريخ الرهبنة في مصر.
يتناول المحاضِر "النتائج الأولية لمشروع بحث عن تاريخ استكشاف الصحراء الشرقية، كما يركّز على الوثائق الشخصية لاثنين من المستكشفين الأوائل في الصحراء الشرقية الذين وثّقوا العديد من الآثار الرهبانية في المنطقة"، بحسب بيان المنظّمين.
ويوضّح البيان: "معظم المخطوطات التي يعرضها جان سيغلينيكي محفوظة في المكتبة البريطانية بلندن، ومكتبات بودليان في أكسفورد وهي غير منشورة سابقاً، لذلك تكتسب أهمية كبيرة في الإضاءة على تاريخ الرهبنة المصرية، لأنها تسجل العديد من الآثار التي دُمّرت الآن، أو تضرّرت بشدّة، أو أصبحت منسية".
يقف الباحث عند زيارات ويلكنسون الأربع إلى مصر التي أقام خلالها أكثر من اثني عشر عاماً متصلة، حيث أصدر عدّة كتب ومقالات؛ من بينها: "عادات وتقاليد قدماء المصريين" في ثلاثة أجزاء سنة 1837، و"طبوغرافيا طيبة ونظرة عامة إلى مصر" (1935).
أما بيرتون، فكان أول من وضع خريطة لوادي الملوك الذي تضمّ مقابر فرعونية، وبعد مشاركته في عدّة حملات تنقيب عن الآثار، ذهب في رحلة استكشاف إلى الصحراء الشرقية التي قضى فيها قرابة تسع سنوات، وترك العديد من الأوراق والوثائق حولها.
تشكّل المواد غير المنشورة، من ملاحظات ورسومات وخرائط ولوحات بالألوان المائية، من أرشيف بيرتون وويلكنسون محور المحاضرة الأساسي، إلى جانب المواد الفوتوغرافية التي جرى جمعها مؤخراً ضمن مشروع "الأرواح المهددة بالانقراض: توثيق التراث القبطي في مصر الوسطى والشرق مشروع الصحراء" الذي أُقيم بين عاميْ 2018 و2019.