برز المخرج الإيطالي باولو سورينتينو (الجزائر، 1970)، بعمله "الجمال العظيم" الذي ظهر في دور السينما عام 2013، كما تعرّف له الجماهير من بين أعماله الكثيرة فيلم "إل ديفو" (2008) إلى جانب مسلسل تلفزيوني اشتهر ولقي نجاحاً كبيراً تحت عنوان "البابا الشاب" (2016).
يعدّ سورينتينو أحد المخرجين الأكثر تأثيراً في الفيلم الأوروبي في القرن الحادي والعشرين، وكثيراً ما وصف عمله بأنه بمثابة امتداد للماضي الكبير للسينما الإيطالية ومدارسها المتعددة والمؤثرة، كما أن أعماله عابرة للحدود والمناطق والثقافات مقدماً مجموعة من الشخصيات في لحظة من حياتها تكون فيها على حافة شيء ما.
يتناول الكتاب الصادر مؤخراً عن منشورات "وولفلاور" تحت عنوان "سينما باولو سورينتينو: الالتزام بالأسلوب" للباحث راسل جيه. كيلبورن قصة هذه الصناعة التي قدمها صاحب "مسألة قلب"، جنباً إلى جنب مع زملائه المعتادين بما في ذلك المصور السينمائي لوكا بيجازي والمحرر كريستيانو ترافاجليولو، والممثلين الذين شاركوه مغامراته وأبرزهم توني سيرفيلو.
يعتبر الكاتب أن سورينتينو قدّم تصويرًا دقيقاً للحالة الأوروبية المعاصرة عن طريق أسلوب ما بعد كلاسيكي مذهل، بحسب وصف المؤلف، وأنه يستمر مع ذلك في متابعة تقاليد الفيلم الإيطالي بعد الحرب من حيث الالتزام السياسي.
الكتاب، بحسب الناشر، هو فحص نقدي لعمل سورينتينو، مع التركيز على ظهوره كمؤلف بارز أيضاً فهو إلى جانب كونه كاتب أفلامه، أصدر روايتين،هما: "مظاهر هامشية"، و"حق الجميع".
يقدم كيلبورن قراءات عميقة ومتشعبة الجوانب للأفلام الروائية والإخراج التلفزيوني، والتي تتميز بتحليلات متعمقة لنمط الفيلم الحماسي والمكثف، كما يتناول الكاتب معالجة المواضيع عند سورينتو، وبشكل خاص ثيمة الذكوريه التي قدمها بوعي كئيب، وفقاً لتعبير المؤلف.
يلفت الكاتب أيضاً إلى طريقة تعامل سورينتينو مع التمثيل السينمائي التقليدي للنساء، ويضيء قدرته على إفساد مرثيات ما بعد الحداثة للرؤية الإنسانية والمسؤولية الاجتماعية. يقدم كيلبورن أيضًا دور مساهمات سورينتينو في التحولات الجارية للواقعية السينمائية وتقاليد السينما الفنية الإيطالية والأوروبية على نطاق أوسع.
الكتاب الذي يعيد إحياء تقليد تأليف الكتب عن المخرجين وأعمالهم ومدارسهم التي برزت في السبعينيات والثمانينيات، يعد أول دراسة باللغة الإنكليزية للمخرج الإيطالي، ويحاول أن يفكر في الأسباب التي تجعل باولو سورينتينو أحد أكثر الشخصيات ديناميكية في صناعة الأفلام اليوم.
يذكر أن راسل جيه. كيلبورن أستاذ دراسات اللغة الإنكليزية والأفلام بجامعة ويلفريد لوريير. تشمل كتبه: "السينما والذاكرة والحداثة: تمثيل الذاكرة من الفيلم الفني إلى السينما العابرة للحدود" (2010)، و"الفداء اللاحق لـ دبليو جي سيبالد: كارثة مع المشاهد" (2018).