لم يفاجئ بنك الاحتياط الفيدرالي الأسواق ورفع معدل العائد على أمواله للمرة الخامسة على التوالي، وبنسبة 0.75% للمرة الثالثة على التوالي، في أكثر سياسات البنك تشدداً منذ ثمانينيات القرن الماضي، في محاولة لضمان القضاء على أكبر تضخم يضرب البلاد في أكثر من أربعين عاماً.
ومع استمرار سخونة سوق العمل الأميركية، واستمرار الأسعار في ارتفاعها بمعدلات غير مسبوقة حتى نهاية شهر أغسطس/ آب الماضي، رفع البنك المركزي الأكبر في العالم تقديره لمعدل الفائدة على أمواله بحلول نهاية العام إلى 4.40%، بعد أن كان 3.40% في يونيو/ حزيران الماضي.
واستقر معدل الفائدة على أموال البنك عند نطاق 2.25% - 2.50% منذ شهر يوليو/ تموز الماضي، حين رفع البنك الفائدة بخمسٍ وسبعين نقطة أساس، لينتقل إلى نطاق 3% - 3.25% بعد الرفع الأخير، ويستقر الدولار الأميركي عند أعلى مستوياته في أكثر من عقدين أمام سلة من أكبر عملات العالم.
وفهم محللو الأسواق هذه التغييرات باعتبارها مؤشراً إلى عدم توجه البنك لخفض معدلات الفائدة قبل حلول عام 2024، وهو ما كان له مردوده السيئ على أسواق الأسهم والسندات، حيث تراجعت مؤشرات الأسهم الرئيسة بنسبة تقترب من 1% في الدقائق التالية لإعلان القرار، رغم استباقها الإعلان بالارتفاع بما يقرب من 1% أيضاً، وذلك قبل أكثر من ساعة ونصف من انتهاء تعاملات اليوم.
وكانت الخسائر أكبر نسبياً في سوق السندات، حيث ارتفع العائد على سندات الخزانة لمدة عامين ليسجل 4.11% للمرة الأولى منذ عام 2007، بينما وصل عائد سندات العشر سنوات المعيارية إلى 3.62%، هو الأعلى منذ عام 2011.
ومع هذه المعدلات، استبعد فريدريك ميشكين، أستاذ الاقتصاد في جامعة كولومبيا، تمكن الاقتصاد الأميركي من تحقيق "الهبوط الآمن" المأمول، مؤكداً حتمية دخوله في ركود خلال العام القادم.
وككل مرة، ستقوم البنوك المركزية في أغلب بلدان العالم، وتحديداً في الدول الخليجية التي تربط عملتها بالدولار، برفع الفائدة على أموالها، وعلى الأرجح بالنسبة نفسها.