عجزت الدولة اللبنانية بنظامها المالي والمصرفي المترهل وقضائها الضعيف عن إحقاق العدل في تعاملات البنوك مع عملائها، الذين تحتجز عشرات مليارات الدولارات من ودائعهم، فلم يجد هؤلاء إلا تكسير أبوابها واقتحام ردهاتها مطالبين بحقوقهم.
"العربي الجديد" رصد 17 عملية ضمن مسلسل اقتحامات المصارف الذي بدأت أولى حلقاته مع بداية العام الجاري، لكن أحداثه تسارعت منذ نحو شهرين، ولم تعد تقتصر على المدنيين من المودعين، بل أصبح يشارك فيها عسكريون وأمنيون وموظفو قطاع عام، وكذلك أعضاء في مجلس النواب.
أما موقف البنوك فكان بارزا فيه التحايل والتسويف ومحاولة تخفيض الكميات التي يمكن للمقتحمين سحبها إلى أدنى حد ممكن، مع تفضيل دفعها بالليرة اللبنانية من باب أن قيمة السحوبات بالليرة أسهل بالنسبة إلى البنوك بعدما فقدت العملة المحلية أكثر من 95% من قيمتها منذ عام 2019، واقتربت من مستوى منخفض جديد عند نحو 40 ألفا مقابل الدولار اليوم الأربعاء.
يناير/كانون الثاني
مع بداية العام استعاد أحد اللبنانيين 50 ألف دولار من وديعته بعدما اقتحم مصرفاً في محافظة البقاع، شرقي البلاد، واحتجز عددا من الرهائن وهدد بإحراق المكان.
11 أغسطس/آب
في هذا اليوم، اقتحم بسام الشيخ حسين مسلحاً أحد المصارف في شارع الحمرا، واحتجز رهائن وانتهت العملية بعد الاتفاق معه على تسليمه جزءا من أمواله المودعة.
حسين الذي حصل على نحو 30 ألف دولار من مدخراته البالغة 200 ألف دولار، قال إن هذه الحوادث ستتكرر طالما كانت هناك أموال في الداخل، مضيفا أن الناس ليس لديها أي حل آخر.
14 سبتمبر/أيلول
شكّل هذا اليوم علامة فارقة في مسلسل الاقتحامات بعدما تمكنت المواطنة سالي حافظ من إجبار "بنك لبنان والمهجر" في بيروت على تسليمها 13 ألف دولار من وديعتها تحت تهديد السلاح، حيث اقتحمت أحد فروعه وهددت بحرق نفسها في حال عدم تسليمها وديعتها وذلك لمعالجة شقيقتها المريضة.
أحد أعضاء جمعية المودعين اللبنانيين اقتحم "بنك ميد" (البحر المتوسط) في مدينة عاليه في جبل لبنان شرق بيروت، وكان يحمل بندقية فارغة.
16 سبتمبر
وفي هذا اليوم، اقتحم مودعون 5 مصارف، للمطالبة باستعادة مدخراتهم المجمدة في النظام المصرفي، في استمرار لموجة من الاقتحامات مدفوعة بحالة إحباط بسبب الانهيار المالي المتفاقم دون نهاية تلوح في الأفق.
في التفاصيل، دخل عبد الرحمن سوبرة فرع "بنك لبنان والمهجر" (بلوم) في منطقة الطريق الجديدة في بيروت للمطالبة بمدخراته. وسلم الرجل مسدسه لقوات الأمن في وقت لاحق، لكنه قال إنه بقي متحصنا داخل فرع البنك حتى بعد حلول الليل وواصل التفاوض مع مسؤولي البنك لسحب مدخراته التي تبلغ 300 ألف دولار نقدا.
وغادر سوبرة البنك دون أن يحصل على أي أموال بناء على اتفاق بوساطة شيخ من الشخصيات المؤثرة، ولم يتم احتجازه. وأضاف أنه رفض عرضا من البنك للحصول على جزء من مدخراته بالعملة اللبنانية المنهارة.
وانتهت عمليات الاقتحام الأربع الأخرى بحصول منفذيها على نحو 60 ألف دولار من أرصدتهم. وتم القبض على معظم منفذي عمليات الاقتحام فيما اختبأ أحدهم.
فقد اقتحم رجل "بنك بيبلوس" في مدينة الغازية وتمكن من استرداد جزء من أمواله قبل اعتقاله، فيما من المعتقد أن السلاح الذي كان بحوزته لعبة.
كما دخل جواد سليم مسلحا بمسدس خرطوش أحد فروع "بنك لبنان والخليج" في منطقة الرملة البيضاء في بيروت لاستعادة مدخرات تقدر بنحو 50 ألف دولار. وقال شقيقه إنه بحلول الليل اتفق مع البنك على المغادرة ومعه 15 ألف دولار وشيك بقيمة 35 ألف دولار. واحتجزته قوات الأمن لاحقا.
واقتحم محمد إسماعيل الموسوي "البنك اللبناني الفرنسي" بمسدس مزيف، ونجح في الحصول على 20 ألف دولار نقدا من حسابه.
وأطلق رجل النار في أحد فروع "بنك ميد" بينما كان يسعى للوصول إلى مدخراته، وهو أحد أفراد قوات الأمن ولم يكن هناك أي بلاغات عن إصابات، وتمكن من الحصول على 25 ألف دولار من حسابه. وقد سلم المال لوالدته واعتقلته قوات الأمن لاحقا.
3 أكتوبر/تشرين الأول
وبعد أكثر من أسبوعين، اقتحم أحد المودعين فرع "بلوم بنك" في منطقة حارة حريك في ضاحية بيروت الجنوبية.
4 أكتوبر
يوم الثلاثاء، نفذ مودعون 4 عمليات اقتحام لمصارف، مطالبين باسترداد أموالهم.
المودع علي الساحلي، وهو عسكري متقاعد، اقتحم مصرف "بي إل سي" فرع مدينة شتورة في البقاع (شرق)، واحتجز عددا من الرهائن، مطالبا بتحرير وديعته البالغة نحو 24500 دولار. ولاحقا، أعلنت جمعية المودعين أن قوى الأمن ألقت القبض عليه، بعدما تمكن أحد الأشخاص في المصرف من سحب السلاح منه.
وسبق للساحلي أن توجه إلى المصرف مرات عدة من أجل تحويل 4430 دولاراً بدل سكن وتعليم لابنه الذي يتابع دراسته في أوكرانيا، لكن المصرف رفض طلبه، فأقدم على اقتحام المصرف.
ونقلت وسائل إعلام محلية عن الساحلي أن ابنه طرد من مسكنه لعدم سداده بدل الإيجار، ما اضطره إلى عرض كليته للبيع لتأمين المبلغ المطلوب.
كما اقتحم موظفو شركة كهرباء لبنان في طرابلس، شمال لبنان، فرع "فيرست ناشونال بنك" في المدينة، احتجاجاً على عدم تسلمهم رواتبهم.
واقتحم المودع علي حسن حدرج فرع "بنك بيبلوس" في مدينة صور الجنوبية، واحتجز رهائن مطالبا بوديعته البالغة 44 ألف دولار لسداد ديونه. ولاحقا سلم نفسه إلى قوى الأمن الداخلي بعد تسلّمه 352 مليون ليرة (ما يعادل 9 آلاف دولار على السوق السوداء التي بلغ سعر الصرف فيها 39100 للدولار الواحد) من وديعته.
واعتصم المودع جورج شيام سلميا داخل "بنك إنتركونتيننتال" في الحازمية شرقي بيروت وهدد بعدم الخروج قبل الحصول على جزء من أمواله، مطالبا برفع سقف السحوبات المتاح له شهريا.
5 أكتوبر
وتجددت يوم الأربعاء، محاولات اقتحام المصارف بعد شروع عدد من المودعين في الحصول على أموالهم منها عن طريق القوة.
وجرت عملية اقتحام في فرع مصرف الاعتماد اللبناني في حارة حريك في ضاحية بيروت الجنوبية.
كما أطلق مواطن النار من سلاحه على فرع "بنك بيروت" في منطقة جبيل (شمال) بعد محاولته الدخول من دون موعد مسبق. وأحدث إطلاق النار أضرارا مادية في زجاج المبنى، قبل أن تحضر القوى الأمنية إلى المكان وتباشر تحقيقاتها.
وكان بارزاً الأربعاء، تنفيذ النائبة في مجلس النواب سينتيا زرازير اعتصاماً في "بنك بيبلوس" في ضاحية بيروت الشمالية للمطالبة بجزء من وديعتها لإجراء عملية جراحية.
وقالت زرازير للصحافيين بعد خروجها من المصرف: "أنا مودعة ومواطنة، جئت للمطالبة بحقّي بعد سلسلة من الإجراءات طلبها المصرف مني لكن كان هناك تهرّب". وأردفت: "وصلنا إلى حلّ مجحف (من دون تفاصيل) وكان هناك ضغط لتوقيع ورقة تعسفية".
وذكرت وسائل إعلام محلية أن "زرازير دخلت بنك بيبلوس وأغلقت أبواب المصرف حيث تجتمع بمدير الفرع وتفاوضه للحصول على 8 آلاف دولار".