حذر نائب ممثل الأمم المتحدة لدى الصومال، مدير مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية للبعثات الأممية آدم عبد المولى، في مقابلة مع "العربي الجديد"، من مغبة حدوث أزمة مجاعة في البلاد قريباً، بسبب توسع رقعة الجفاف.
وقال: في الأعوام القليلة الماضية زاد عدد المحتاجين في الصومال إلى الغوث الإنساني من 5.9 ملايين في عام 2021 إلى 7.7 ملايين شخص عام 2022.
وفيما يلي نص الحوار:
- ما هو تقييمكم للوضع الإنساني في الصومال منذ مجاعة عام 2011، وهل هناك تأثيرات واضحة للتغير المناخي في الصومال؟
خلال العشرين عاماً الماضية زاد معدل موجات الجفاف والفيضانات في الصومال ثلاثة أضعاف ما شهدته البلاد في العقود الماضية، وفي هذه الفترة تزايدت حدة تلك الكوارث البيئية في البلاد، وهذا انعكاس مباشر لأثر التغير المناخي.
والصومال واحدة من أكثر الدول تضرراً مقارنة بالدول الأفريقية وخاصة المجاورة لها. وطبقاً لأكثر المصادر الدقيقة للرصد المناخي، فمن المحتمل أن تزداد درجات الحرارة في الصومال خلال الفترة المقبلة بمعدل 3 درجات مئوية، ما يجعل رقعة الجغرافيا الصومالية غير قابلة لأن تكون مأهولة سكانياً.
- كم يصل عدد المحتاجين إلى مساعدات إنسانية في الصومال في الوضع الراهن؟
في الأعوام القليلة الماضية زاد عدد المحتاجين في الصومال إلى الغوث الإنساني من 5.9 ملايين في عام 2021 إلى 7.7 ملايين شخص عام 2022، و6.1 ملايين من المتضررين من كارثة الجفاف بحاجة إلى إغاثة عاجلة. ومن بين هؤلاء 4.9 ملايين شخص يواجهون حالياً تداعيات الجفاف ويفتقدون المياه والأغذية والرعاية الصحية، ومن بين هذا المجموع 1.4 مليون طفل يواجهون خطر سوء التغذية، وحوالي 350 ألف طفل معرضون لسوء تغذية حاد، وهو ما يمكن أن يودي بحياتهم إذا لم يكن هناك تدخل عاجل لإنقاذهم من براثن الموت.
- ما هي المناطق الأكثر تضرراً بكارثة الجفاف؟ وماذا عن آليات الرصد والتقييم لمواجهة خطر الجفاف؟
تُعد المناطق الأكثر تضرراً بكارثة الجفاف أقاليم باي وبكول وجوبا الوسطى وجوبا السفلى في الجنوب، وإقاليم هيران وجلجدود (وسط البلاد)، وبري ونغال (شمال شرق)، وسول وسناغ وتكطير (إقليم أرض الصومال). أما في ما يتعلق بآلية الرصد لدى مجموعة الأمم المتحدة في الصومال، فهي الآلية المتبعة للعقود الماضية التابعة لوحدة التقييم والرصد، والتي تراقب نسبة هطول الأمطار والإنتاج الزراعي، وذلك بالتعاون بين المنظمات الأممية، مثل منظمة الأغذية والزراعة (فاو)، وبرنامج الغذاء العالمي، وتعمل تلك المنظمات مشتركة في رصد الرطوبة ودرجات الحرارة ونسبة الأمطار والإنتاج الزراعي في البلاد.
- هل الصومال مقبل على مجاعة خلال وقت قريب؟
قد يشهد الصومال أربعة فصول مطرية فاشلة على التوالي، وهذا لم يحدث في تاريخ الصومال المعاصر. ومن المؤكد إذا صدقت هذه التنبؤات فإن الصومال سيواجه أزمة مجاعة بحلول منتصف هذا العام، وحالياً الوضع الإنساني في بعض المناطق الجنوبية يمكن وصفه بأنه مجاعة، طبقاً لتقارير المنظمات الأممية، ووصلت تلك المناطق إلى مرحلة الكارثة.
ومن المتوقع أن تشمل تلك الأزمة الإنسانية مناطق عدة، ولذلك، فإن بعثة الأمم المتحدة في الصومال تدعو عبر وسائل الإعلام إلى اتخاذ كل الخطوات المناسبة لتلافي خطر حدوث أزمة مجاعة في الصومال، أما إذا استمر الوضع على ما هو عليه من دون تدخل من المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية، فإن مكتب الأمم المتحدة سيضطر إلى الإعلان بحلول منتصف هذا العام أن الصومال تحت وطأة كارثة "المجاعة".
- ما مدى الاستجابة الدولية لنداءات الأمم المتحدة لتلافي خطر حدوث مجاعة في الصومال؟ وماذا عن أسباب تقلص مستوى الدعم الإنساني من قبل الدول المانحة؟
أصبح هناك اهتمام أقل خاصة في الإعلام الدولي حول ما يجري في الصومال من أزمة قحط وجفاف، فقبل الحرب الروسية على أوكرانيا كنا نصارع من أجل الحصول على مساحة في الإعلام الدولي للفت الانتباه وتسليط الضوء على الأزمة الإنسانية في الصومال، إذ كانت أنظار العالم متجهة إعلامياً نحو إقليم "تيغراي "، وقبلها نحو اليمن وأفغانستان، وبالتالي، صار هناك اهتمام أقل إعلامياً بقتامة المشهد الإنساني في الصومال.
من الأسباب الجوهرية التي أدت إلى قلة دعم المانحين وتراجع مستوى الاستجابة لنداءات الأمم المتحدة وباء كورونا، الذي دفع معظم الدول المانحة إلى استثمار إمكاناتها المادية في إطار حدودها الجغرافية، هذا إلى جانب التناقص الحاد لتحويلات الصوماليين المغتربين في الخارج نحو الصومال، فضلاً عن الإغلاق الجوي والبحري وتوقف تجارة الشحن نحو الصومال بسبب جائحة كورونا.
- ما هي الانعكاسات المستقبلية لأزمات الجفاف في الصومال؟ وهل يمكن أن تؤثر سلباً على ديمغرافية البلاد؟ وهل هناك خطط أممية لإعادة توطين النازحين بعد الكارثة؟
من غير المرجح أن يعود النازحون إلى قراهم، لأن أراضي المزارعين الزراعية لم تعد صالحة، بينما الرعاة عادة يرغبون في الرعي بسبب تحول المساحات الخضراء إلى أرض أخرى، وهذا يحتم على الأمم المتحدة والمجتمع الدولي والدول المانحة والحكومة الفيدرالية أن تتبنى مشاريع طويلة المدى لتوطين هؤلاء الأشخاص، والسماح لهم بممارسة حياة طبيعية في المناطق التي يعيشون فيها.
لهذا شرعت الأمم المتحدة في تنفيذ بعض المشاريع لإعادة توطين 100 ألف شخص، وإذا نجح هذا المشروع فستتم توسعته لاحقاً، وتطبيقه في مناطق أخرى، وخاصة تلك التي تشهد كثافة في عدد النازحين، خاصة في مقديشو التي تأوي نحو 900 ألف نازح، وفي مدينة بوصاصو نحو 400 ألف نازح، أما في بيدوا فيعيش نحو 350 ألف نازح، وهناك أيضاً 260 موقعاً تحتوي على مجموعات متفرقة من النازحين، لكن المواقع الرئيسة الثلاث هي التي ستكون وجهة بعثات الأمم المتحدة لتنفيذ مشاريع طويلة المدى.
ويتجاوز العدد الكلي للنازحين في عموم الصومال 3 ملايين شخص ينتشرون في مناطق مختلفة من الصومال خلال العقدين الأخيرين.