باحثاً عن استثمارات لدعم الاقتصاد التركي.. أردوغان يستبق جولته الخليجية بتأكيد نية بوتين تجديد اتفاق الحبوب
قبيل انطلاق جولته الخليجية التي تشمل السعودية وقطر والإمارات اليوم الاثنين، بحثا عن استثمارات تدعم اقتصاد بلاده المتعثر، عقد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مؤتمرا صحافيا في مطار أتاتورك، وكان لافتا فيه تأكيده أن نظيره الروسي فلاديمير بوتين يريد الاستمرار في اتفاق الحبوب الذي يصادف اليوم أيضا انتهاء أجله.
وقال أردوغان: "أعتقد أنه على رغم تصريحات اليوم، صديقي السيد بوتين يريد الاستمرار في الاتفاق" الذي يتيح تصدير الحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود، وتم التوصل إليه العام الماضي برعاية تركيا والأمم المتحدة، مضيفا: "بالرغم من التصريحات (المتحفظة على تمديد الاتفاقية) الصادرة اليوم أؤمن أن الرئيس بوتين يرغب باستمرار هذا الجسر الإنساني". وتابع: "ربما نتخذ خطواتنا عبر اتصال هاتفي مع بوتين دون أن ننتظر حلول أغسطس/آب (موعد زيارة بوتين لتركيا)"، بحسب "الأناضول".
كما أكد أنه سيناقش مع بوتين مسألة تصدير الأسمدة الروسية التي تقول موسكو إنها عملية لا تزال تجد العراقيل، ويبدو أنها العقبة الوحيدة أمام قبول روسيا تجديد الاتفاق.
أكثر من 200 رجل أعمال تركي يرافقون أردوغان في جولته الخليجية
في غضون ذلك، قال رئيس مجلس العلاقات الاقتصادية الخارجية التركي، نائل أولباك، إن أكثر من 200 رجل أعمال تركي في المجلس، سيرافقون أردوغان في جولته الخليجية، مشيرا إلى أن المجلس ينظم 3 منتديات أعمال في كل من السعودية وقطر والإمارات، بمشاركة أردوغان كجزء من جولته.
ويعقد منتدى الأعمال السعودي التركي أعماله في جدّة اليوم الاثنين، فيما ينعقد منتدى الأعمال القطري التركي في الدوحة غدا الثلاثاء، ومنتدى الأعمال الإماراتي التركي في 19 يوليو/تموز في أبو ظبي.
وقال أولباك لمراسل "الأناضول" إن مجموعة من رجال الأعمال الأتراك، الأعضاء تحت مظلة المجلس، سيرافقون أردوغان في جولته الخليجية، موضحا أن هناك اهتماما بين رجال الأعمال، بأنشطة المنتديات المزمع إنشاؤها في دول الخليج، لا سيما وأن هذه المنتديات تخلق فرصا قيمة للتعاون بين رجال الأعمال الأتراك والخليجيين.
وقال: "تماشياً مع هذا الاهتمام، نشارك مع أكثر من 200 رجل أعمال، الرئيس التركي جولته الخليجية التي تشمل ثلاث دول"، متابعا أن "الجولة تتضمن عقد جملة من الاجتماعات المثمرة، ونتوقع أن يتم التفاوض أيضا على اتفاقيات تعاون بمليارات الدولارات في قطاعات مثل المقاولات والإسكان والتقنيات الرقمية والطاقة والسياحة والصحة والغذاء والزراعة والنقل والتمويل".
يعقد منتدى الأعمال السعودي التركي أعماله في جدّة اليوم، فيما ينعقد منتدى الأعمال القطري التركي في الدوحة غداً، ومنتدى الأعمال الإماراتي التركي في بعد غد
وكان ملتقى الأعمال السعودي التركي في مدينة إسطنبول، والذي عقد الأسبوع الماضي، شهد التوقيع على 16 اتفاقية تعاون بين الجانب السعودي والشركات التركية. وتم التوقيع بحضور وزير الشؤون البلدية والقروية والإسكان السعودي ماجد بن عبدالله الحقيل، ووزير التجارة التركي عمر بولات.
زيادة حجم التبادل التجاري التركي الخليجي
وقال رئيس مجلس العلاقات الاقتصادية الخارجية: "التعاون الذي نهدف إليه سيزيد من حجم التجارة المتبادلة مع جميع دول المنطقة، ويدعم قطاع الصادرات التركي الذي يستعد لتسجيل أرقام قياسية جديدة الفترة القادمة".
كذلك، لفت أولباك الانتباه إلى الروابط التاريخية والجغرافية والثقافية القوية التي تربط تركيا مع بلدان الخليج. وقال: "علاقاتنا مع قطر كانت دائما جيدة.. فضلا عن أن السنوات الماضية شهدت تعزيزا لجسور الحوار والصداقة مع الإمارات والسعودية".
وأردف أن "منتديات الأعمال المشار إليها، من شأنها زيادة التعاون التجاري المتبادل مع دول المنطقة، ومناقشة فرص الاستثمار المشتركة داخل وخارج المنطقة، خاصة مع وجود رغبة لدى رجال الأعمال الأتراك في التعاون مع نظرائهم الخليجيين للقيام باستثمارات متبادلة وفي بلدان ثالثة، خاصة أفريقيا".
إلى ذلك، أوضح أولباك أن الحوار الدافئ بين تركيا ودول المنطقة حول قضايا مثل الجمارك والتأشيرات، أدى لتذليل العقبات واستقرار العلاقات على أرضية إيجابية.
ويركز مجلس العلاقات الاقتصادية الخارجية، على تطوير فرص التعاون في القطاعات والمشاريع ذات الاهتمام المشترك، بالتزامن مع بزوغ مساحة واسعة من الفرص الاستثمارية والتجارية، في عديد القطاعات في بلدان الخليج الثلاثة.
يبلغ إجمالي مشاريع رؤية المملكة 2030 أكثر من 3 تريليونات دولار وتحتوي بالتالي على العديد من فرص التعاون بين السعودية وتركيا
وأشار أولباك إلى أن هذه الدول التي تتصدر الاقتصاد الخليجي "تعمل الآن وفق رؤية التنويع الاقتصادي وتطوير القطاع الصناعي". وقال: "يعد القطاع الخاص التركي، بصناعته القوية وتنوعه القطاعي، من بين أفضل البدائل التي يمكن أن تكون قدوة لهذه البلدان من أجل السير معا في إنجاز أهم المشاريع وتبادل الخبرات".
وتابع: "نعلم وجود مشاريع كبيرة في مجالات المقاولات والبنية التحتية في دول الخليج. على سبيل المثال، يبلغ إجمالي مشاريع رؤية المملكة 2030، أكثر من 3 تريليونات دولار". وختم: "نعتقد أن هذه الرؤية تحتوي على العديد من فرص التعاون في العديد من المجالات مثل الطاقة وخاصة الطاقة المتجددة، والزراعة والغذاء والتقنيات الرقمية والتجارة الإلكترونية والتكنولوجيا المالية والتمويل والسياحة والإسكان والخدمات اللوجستية".
تركيا والسعودية: تسارع تجاري غير مسبوق
وبتسارع غير مسبوق، نمت حركة التبادل التجاري بين تركيا والسعودية خلال السنوات الماضية، مع تعزيز العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.
واستبق أردوغان زياراته إلى منطقة الخليج العربي بتصريحات صحافية أكد فيها، أن ثمة تعهدات من دول خليجية بضخ استثمارات كبيرة في بلاده. وقال: "سأجري جولة في السعودية وقطر والإمارات العربية رغبة في تعزيز كافة العلاقات بشكل أكبر"، مبديا تفاؤله بالزيارة التي سيجريها مع وفد مرافق له.
ونجحت تركيا باستقطاب مليارات الدولارات من الاستثمارات الأجنبية المباشرة خلال السنوات الماضية، مع تميزها بتطور بنيتها التحتية والتكنولوجية والأيدي العاملة الماهرة والموقع الجغرافي الرابط بين ثلاث قارات.
تجارة صاعدة
حجم التبادل التجاري بين تركيا والسعودية بلغ 3.4 مليارات دولار في النصف الأول من 2023
وتظهر بيانات تركية وسعودية متطابقة أن العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين تتطور يوميا، مع بلوغ حجم التبادل التجاري 6.5 مليارات دولار في 2022، صعودا من 3.7 مليارات في 2021. ومع استثناء عام 2020 الذي شهد تفشي جائحة كورونا، فإن التبادل التجاري بين البلدين بلغ 6.5 مليارات دولار في 2019، بحسب بيانات الهيئة العامة للإحصاء السعودية ومعهد الإحصاء التركي.
وكان حجم التبادل التجاري بلغ 4.96 مليارات دولار في 2018، من 4.85 مليارات دولار في 2017، بينما بلغت في 2016، نحو 5.01 مليارات دولار، و5.6 مليارات دولار في 2015.
والأسبوع الماضي، قال وزير التجارة التركي عمر بولاط، إن حجم التبادل التجاري بين بلاده والسعودية بلغ 3.4 مليارات دولار في النصف الأول من 2023.
والبلدان عضوان في مجموعة العشرين، التي تضم أقوى 20 اقتصادا حول العالم، بحسب بياناتهما للناتج المحلي الإجمالي للعام الماضي 2022.
وسجلت قيمة الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للسعودية نحو 2.975 تريليون ريال (795.4 مليار دولار) في 2022، وهي أعلى قيمة تاريخية له، وفقاً لبيانات الهيئة العامة للإحصاء.
وبحسب معطيات الناتج المحلي الإجمالي الصادرة عن مكتب الإحصاء التركي، بلغ الناتج المحلي 15 تريليونا و6 مليارات و574 مليون ليرة (نحو 866 مليار دولار).
وبلغ متوسط دخل الفرد الواحد في تركيا خلال العام المنصرم 10 آلاف و655 دولارا، وبذلك يحقق الاقتصاد نموا على مدار 10 أرباع متتالية.
زيارة أردوغان قطر فرصة لتوسيع قاعدة الاستثمار
إلى ذلك، قال سفير قطر لدى أنقرة الشيخ محمد بن ناصر بن جاسم آل ثاني، إن زيارة أردوغان إلى الدوحة "بالغة الأهمية" وستتناول سبل توسيع الاستثمارات وتسهم بترسيخ العلاقات الثنائية بين البلدين. وجاء ذلك في معرض رده خطيا على أسئلة "الأناضول" بشأن الزيارة الرسمية التي يجريها الرئيس أردوغان إلى قطر الثلاثاء، ضمن جولته الخليجية وانعكاساتها على العلاقات القطرية التركية.
إعادة انتخاب الرئيس أردوغان تعني استمرار العمل على المشاريع القائمة بين تركيا وقطر وخلق فرص تعاون أخرى
ولفت السفير إلى أن "العلاقات بين البلدين تُعد استراتيجية، ونحن نحتفل هذا العام بمرور 50 عاما على تأسيس العلاقات الدبلوماسية بين الجانبين، والتي تطورت وامتدت لتشمل مختلف القطاعات الاقتصادية والأمنية والعسكرية والسياسية وغيرها"، مضيفا أن "علاقات البلدين خلال السنوات الخمسين الماضية مرت بالعديد من المحطات والتحديات حتى تبلورت ووصلت إلى ما هي عليه اليوم من التميز والقوة".
وذكر أن "هناك العديد من مجالات التعاون المشتركة، ويعمل الجانبان بشكلٍ دائم لتوسيع هذه المجالات، وإزالة العوائق التي قد تعترض تحقيق النجاح المأمول منها". كما لفت آل ثاني إلى أن مجالات التعاون بين البلدين "مرنة للغاية وتتكيف تبعاً للظروف والأوضاع".
وأردف: "فعلى سبيل المثال كانت الجمهورية التركية من بين الشركاء الموثوقين الذين شاركوا معنا بتنظيم بطولة استثنائية لكأس العالم -فيفا قطر 2022- وبالمقابل هبت دولة قطر واستنفرت على كافة المستويات لمساعدة أشقائنا الأتراك خلال فاجعة الزلازل التي ضربت تركيا (في 6 فبراير/شباط الماضي)".
وتطرق السفير القطري إلى إعادة انتخاب أردوغان رئيسا للجمهورية في مايو/أيار الماضي. وقال: "بالطبع فإن إعادة انتخاب الرئيس أردوغان تعني استمرار العمل على المشاريع القائمة، وخلق فرص تعاون أخرى، فضلاً عن التنسيق في ملفاتٍ سياسية وإقليمية"، متابعا: "ويعزز ذلك كله زيارات المسؤولين رفيعي المستوى والمستثمرين والخبراء واللجان المتبادلة، فضلاً عن الانعقاد الدوري لاجتماعات اللجنة الاستراتيجية العليا القطرية التركية".
وأضاف: "هذه الزيارة بالغة الأهمية بلا شك وستسهم في ترسيخ العلاقات الثنائية بين البلدين، كما أنها تحمل دلالات بالغة على العلاقات المتينة التي تربط تركيا بدولة قطر، وعلى الأرجح فإن الزيارة ستغطي العديد من مجالات التنسيق والتعاون المشترك، وستتناول سبل توسيع الاستثمارات بين البلدين، فضلاً عن التباحث في الملفات الإقليمية والدولية".
ولفت السفير آل ثاني إلى أن "الجمهورية التركية تتميز بموقعها الجغرافي الفريد، وتقدمها الصناعي والتقني الكبير، وبنيتها التحتية المتينة، وخدماتها العامة الممتازة، مما يجعل منها بيئة جاذبة للاستثمار"، مضيفا أن "تركيا باتت من الوجهات المفضلة لمواطنينا سواءً للاستثمار أو السياحة أو التعليم، لذا فإن من المرجح أن تتم مناقشة فرص الاستثمار الواعدة في الجمهورية التركية أو الفرص التي تقدمها دولة قطر للمستثمرين الأتراك والامتيازات والحوافز التي تترافق معها، خاصة مع المكانة المميزة التي تحتلها دولة قطر عالمياً وإقليمياً".