تتصاعد أزمة الأدوية المقطوعة من الأسواق في لبنان، في ظلّ غياب المعالجات الحقيقية والجدية من جانب المسؤولين.
ويتكرر مشهد طوابير الوقود أيضاً أمام الصيدليات، حيث ينتظر المواطنون بحثاً عن دواء "مفقود" أو "مُقنَّن" أو "مُخزَّن" أو "مُهرَّب"، ويعتمدون شتى السبل والوسائل لإيجاده، فيما تنتشر طلبات المساعدة في البحث عن الأدوية عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
ورمى وزير الصحة اللبناني في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن كرة المسؤولية الكبرى في ملعب مصرف لبنان، مشككاً في أرقامه ووعوده، فكان أن حمل شكواه هذه في لقاءات متتالية بدأها أولاً مع رئيس الجمهورية ميشال عون، فرئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، ورئيس البرلمان نبيه بري.
وشدد حسن، أمس الثلاثاء، على أن المطلوب 3 أمور أساسية لكي يتوافر الدواء في الصيدليات، "أولاً على الحاكم رياض سلامة أن يتبنى كل الأدوية التي وصلت إلى مستودعات المستوردين، قبل إعلان سياسة الموافقة المسبقة الجديدة على تمويل الواردات، وقد تمنينا من الرئيس عون أن تتم مراسلة حاكم مصرف لبنان بهذا الخصوص"، لافتاً إلى أن "قيمة الجردة التي أجريناها والمتوافرة في المستودعات تقارب 185 مليون دولار أدوية، و40 مليون دولار كواشف مخبرية ومستلزمات طبية".
وأضاف حسن: "ثانياً، نحن اليوم لا نتكلم عن ترشيد أو عن رفع دعم، بل عن تفنيد الأولويات وفق ما تقترحه وزارة الصحة العامة، ولكن بدءاً من تحديد حاكم المصرف لمبلغ شهري معلن ورسمي لوزارة الصحة العامة كي نتمكن من العمل من خلاله، ونفند أولوياتنا بناء عليه"، مؤكداً أن "الأرقام التي طرحت من حاكمية المصرف، وجاء فيها أنه تم دفع 485 مليون دولار في أول 5 أشهر من العام الحالي لمستوردي الأدوية، والفواتير المقدمة هي بقيمة مليار و200 مليون دولار، أي تكفي لمدة عام، غير دقيقة، وتحتاج إلى مطابقة وتفنيد".
وأشار حسن، في السياق ذاته، إلى أن "ما تم دفعه هو فواتير من الشهر السابع حتى الشهر الأخير من عام 2020، بمعدل 100 مليون دولار في الشهر، وإذا أضفنا أول 5 أشهر من العام الحالي، أي ما يوازي تقريباً 500 مليون دولار، وأخذنا في الاعتبار أن المستوردين أنفسهم عندما أعلن المصرف استراتيجيته الجديدة القائمة على الموافقة المسبقة، أخذوا ملفاتهم المقدمة سابقاً، وقدموها مجدداً للموافقة المسبقة، حينها سيبلغ المجموع بالنسبة ملياراً و200 مليون دولار".
من جهة ثالثة، طالب وزير الصحة بـ"رفع السرية المصرفية عن الحسابات المدعومة للاستيراد خلال عام 2020 حتى يتسنى لوزارة الصحة تتبع الدواء منذ لحظة وصوله إلى لبنان حتى صرفه إلى المواطن. وإذا لم نتمكن من الذهاب إلى هذه الخطوة، يصار إلى تحويل الملف إلى النيابة العامة المالية ووضع يدها عليه لما له من تداعيات خطرة على صحة المواطن".
وأوضح وزير الصحة أن "وزارة الصحة العامة هي حلقة من حلقات المعاملة الإدارية لتنظيم وصول الدواء إلى لبنان، ونحن في دائرة الاستيراد نوقع ونصادق على الفواتير المقدمة لكل دواء مسجل في لبنان وفق القانون"، مشيراً إلى أن "اختيار الفواتير ودعمها كانا يتمان في حاكمية مصرف لبنان، وتبدأ الإجراءات مع المستورد والمصرف المعني، وتصل عبر الوزارة إلى البنك المركزي".
وأضاف: "للأسف هناك حلقة مفقودة، لأن فريق التفتيش الوزاري لا يستطيع، وخاصة في الفترة الأخيرة بعدما كشفنا على مستودعات المستوردين، التمييز بين الأدوية والمستلزمات المدعومة، أو كيتات الفحوصات المفقودة المدعومة، من عدمها، لأننا لم نتمكن من الحصول من حاكمية المصرف على الفواتير أو جردة عام 2020 وعام 2021".
وكان البنك المركزي قد أصدر بياناً، في 21 مايو/ أيار الماضي، أعلن فيه أنه "خلال عام 2020 باع عملات أجنبية للمصارف التي تقدَّمت بملفات استيراد أدوية ومستلزمات طبية وحليب رضع ومواد أولية للصناعة الدوائية، وذلك بسعر الصرف الرسمي بما يعادل 1173 مليون دولار أميركي".
وأضاف: "منذ بداية عام 2021 وحتى مايو/ أيار الجاري، باع عملات أجنبية للمصارف التي قدمت ملفات استيراد المواد الطبية المتنوعة بما يعادل 485 مليون دولار أميركي، ولدينا حالياً ملفات استيراد قيد الدرس بقيمة 535 مليوناً، وقد تسلمنا خلال عشرة أيام 507 طلبات للموافقة بقيمة إجمالية تساوي 212 مليوناً، ما يرفع الفاتورة الطبية التي يتحمّلها مصرف لبنان وحتى 20 مايو إلى 1232 مليون دولار أميركي، وهذا يتخطى كامل المبالغ التي بيعت خلال عام 2020 لهذا الغرض".
وشدد وزير الصحة اللبناني في حكومة تصريف الأعمال على أنه "استكمالًا لأزمة الدواء المفتعلة في ظل عدم انتظام والتزام حاكمية مصرف لبنان بالوعود" أتت زيارته أيضاً إلى رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب بهدف إطلاعه على "حقيقة الأرقام التي أعلنها حاكم المصرف، والتي يجب مطابقتها والتدقيق بها قبل الإعلان عنها".
كذلك، زار وزير الصحة رئيس البرلمان نبيه بري، وبحث معه دعم وزارة الصحة باستراتيجيتها للحفاظ على الأمن الدوائي، وأشار إلى أن "الأرقام الجدلية المطروحة من حاكمية المصرف لا تخدم استراتيجية الوزارة الدوائية".