أزمة السياحة الإسرائيلية تتعمّق لتكبدها خسائر هائلة مع انتكاس قطاعات عديدة

07 نوفمبر 2024
التقاط صور تظهر في خلفيتها قبة الصخرة، القدس، 14 ديسمبر 2013 (ليور مزراحي/ Getty)
+ الخط -

منذ هجوم حماس في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023 ردا على الجرائم الإسرائيلية بحقّ الفلسطينيين، ثم بدء عدوان الاحتلال على قطاع غزة ولبنان، تواجه السياحة الإسرائيلية تحديات عديدة. وبحسب بيانات رسمية صادرة عن الاتحاد الأوروبي بشأن اقتصادات دول الشرق الأوسط، وجد أن السياحة بشكل مباشر تمثل نحو 2.8% من الناتج المحلي الإجمالي لإسرائيل، ونحو 3.5% من إجمالي العمالة، فيما يقدر إجمالي الوظائف المباشرة وغير المباشرة في قطاع السياحة بنحو 230 ألف وظيفة.

تبدل المشهد منذ أكثر من عام، وبدأت تظهر مؤشرات أخرى تشير إلى ضعف الاقتصاد الإسرائيلي، إذ تراجعت تقديرات صندوق النقد الدولي للنمو من 3.4% إلى 1.6%. ووفق الصندوق، فإن السبب يعود إلى هبوط السياحة الإسرائيلية والنشاط العقاري وغيرهما من القطاعات. فكيف كان المشهد السياحي منذ أكثر من عام؟ وكيف تبدلت مؤشراته؟

انخفاض أعداد السياح الوافدين إلى إسرائيل

نقلت صحيفة هآرتس الإسرائيلية عن بيانات رسمية انخفاض أعداد السياح المسافرين إلى إسرائيل بشكل ملحوظ في النصف الأول من عام 2024. ووفق الصحيفة، فقد انخفض السفر إلى كيان الاحتلال بنسبة 76% وسط الحرب في غزة، بينما لا يزال الإسرائيليون حريصين على الرحلات الجوية إلى الخارج. وقد أدت الحرب المستمرة على غزة والعدوان على لبنان إلى انخفاض حاد في عدد السياح الذين يزورون البلاد خلال الأشهر الستة الأولى من عام 2024.

وبالأرقام، انخفض عدد السياح من سبتمبر 2023، أي قبل 7 أكتوبر 2023، والذي سجل 390 ألف سائح، إلى ما يقارب 60 ألفا منتصف العام. ووفق رؤية وزارة السياحة الإسرائيلية لأفضل السيناريوهات، فلن يصل عدد السياح حتى نهاية 2024 إلى أكثر من مليون سائح، أي ربع ما كان عليه في 2019.

انخفاض إيرادات السياحة الإسرائيلية

تسبب غياب السياح في انخفاض قيمة الإيرادات المالية، خاصة أن إسرائيل كانت تتطلع إلى أن يكون موسم 2024 مشابهاً، أو حتى أفضل من موسم العام 2019، أي قبل جائحة كورونا، إذ وصل حينها أعداد السياح إلى أكثر من أربعة ملايين سائح، ووصلت الإيرادات حينها إلى 4.9 مليارات دولار. ومع توقعات بألا يتخطى عدد السياح حتى نهاية العام حاجز مليون سائح، فإن الإيرادات، وبطبيعة الحال، ستنخفض بنسبة 75%، ولن تتخطى حاجز مليار و200 مليون دولار في أفضل تقدير.

وبالمجمل، فإن إسرائيل، وبعد أكثر من عام من اندلاع الحرب، تكبدت خسارة صافية قدرها 18.7 مليار شيكل من السياحة الدولية، أي نحو 4.7 مليارات دولار، وخسارة 756 مليون شيكل من السياحة الداخلية، أي نحو 202 مليون دولار، وخاصة في شمال كيان الاحتلال، حسب ما أعلنت وزارة السياحة.

إلغاء مهرجانات سياحية في إسرائيل

خسرت إسرائيل استقطاب السياح وتشغيل اليد العاملة في مناطق الشمال، تحديداً بعد إخلائها منذ أكثر من عام. وتشتهر تلك المناطق بالرحلات الطبيعية، والنشاطات التي تتعلق بالرياضة واكتشاف الأودية والجبال في الأراضي المحتلة. وقد عمدت إسرائيل إلى إلغاء جميع الاحتفالات والمهرجانات في تلك المنطقة، كما ألغي أيضاً موسم التزلج في العام 2024. ففي جبل حرمون (الشيخ)، وباعتباره المكان الوحيد في إسرائيل الذي يشهد تساقطاً منتظماً للثلوج، اجتذبت المنطقة 400 ألف زائر في شتاء 2022-2023.

لكن في شتاء 2024، لم يتمكن أي زائر من القدوم إلى مناطق الجذب السياحي على مدار العام في مرتفعات الجولان الشمالية المحتلة، وتسببت أيضاً الحرب ضد لبنان، والمخاوف من توسع الحرب، بإلغاء مهرجانات فنية وثقافية. أضف إلى ذلك، فإن عزوف الكثير من السياح الدوليين عن زيارة إسرائيل بسبب الأوضاع الأمنية وحركة المقاطعة يكبد إسرائيل خسائر تقدر بنحو ثمانية مليارات دولار، خاصة أن الكثير من السياح يقصدون الأراضي المقدسة في فلسطين المحتلة بهدف التعرف إلى التقاليد والعادات، ولذا تأثرت السياحة الدينية التي تساهم، بحسب تقديرات صحيفة "ذي كونفرزايشن" الأميركية، بنحو 10% من إجمالي إيرادات السياحة.

عزلة سياحية دولية لإسرائيل نتيجة عدوانها

مع دخول إسرائيل في حرب ضد لبنان في سبتمبر/ أيلول 2024، بدأت العديد من شركات الطيران إرجاء أو تأجيل وإلغاء رحلاتها إلى إسرائيل حتى نهاية العام أو منتصف العام 2025، على غرار شركة كاثي باسيفيك ومقرها في هونغ كونغ، والتي أرجأت جميع رحلاتها إلى تل أبيب حتى 27 مارس/آذار 2025، بالإضافة إلى إعلان شركة إيزي جت البريطانية للطيران منخفض التكلفة توقف رحلاتها من تل أبيب وإليها حتى 30 مارس/آذار 2025، ناهيك عن عدد كبير من شركات الطيران العالمية الأخرى التي أرجأت رحلاتها إلى إسرائيل منذ منتصف عام 2024 بسبب الحرب في قطاع غزة. هذا الواقع تسبب في خسائر لمكاتب السياحة والسفر في إسرائيل. ووفق صحيفة معاريف، فإن 250 شركة طيران كانت تعمل في إسرائيل قبل اندلاع الحرب ضد غزة، إلا أن 45 شركة فقط منها لا تزال تعمل، ما يعني إقفال ما لا يقل عن 205 شركات، ما أدى إلى "عزلة مماثلة لتلك التي تعيشها كوريا الشمالية"، بحسب وصف الصحيفة.

المساهمون