استمع إلى الملخص
- **الإيرادات غير الضريبية**: لتعويض النقص، زادت الحكومات المحلية الإيرادات غير الضريبية بنسبة 12%، لكن الخبراء يحذرون من عدم استدامتها وافتقارها للشفافية.
- **استراتيجيات الحكومة المركزية**: تعهدت الحكومة المركزية بدعم الحكومات المحلية عبر تعزيز التحويلات ومنح حصة أكبر من عائدات ضريبة الاستهلاك، لكن الخطط تفتقر للتفاصيل والتقدم الفعلي.
ضربت أزمة الركود العقاري في الصين الحكومات المحلية بشدة، إذ هوت مبيعاتها من الأراضي بنسبة تزيد عن 20%، خلال الأشهر السبعة الأولى من العام الجاري، مما أدى إلى تجفيف مصدر رئيسي للدخل.
وتسعى الحكومات الإقليمية، التي تعاني نقص السيولة والديون، إلى مصادر دخل بديلة للتعويض عن انخفاض دخل الأراضي والضرائب. ويقول محللون إن هذه علامة مقلقة على تدهور الظروف المالية، وتنذر بالسوء للاقتصاد الصيني المتأثر بتعثر القطاع الضخم.
وخلال الأشهر السبعة الأولى من عام 2024، انخفضت عائدات الضرائب في الصين بنسبة 5.4% على أساس سنوي، مما يعكس استمرار الركود الاقتصادي وتخفيضات الضرائب. وأظهرت بيانات وزارة المالية أن عائدات الحكومات المحلية من مبيعات الأراضي انخفضت بنسبة تزيد عن 20%.
وعلى النقيض من ذلك، قفز الدخل المالي للصين من البنود غير الضريبية، بما في ذلك العائدات من مبيعات الأصول المملوكة للدولة والغرامات والممتلكات المصادرة بنسبة 12% خلال الفترة من يناير/كانون الثاني إلى نهاية يوليو/تموز، حيث ذهب معظمها إلى جيوب الحكومات المحلية. وهذا مقارنة بانخفاض سنوي بنسبة 3.7% في عام 2023.
وقال خبراء في مجموعة "نومورا" المالية الدولية في مذكرة وفق تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال الأميركية، أمس الاثنين: "يشير النمو المستمر المكون من رقمين للإيرادات غير الضريبية إلى أن الحكومات المحلية التي استنفدت النقد ربما سعت إلى زيادة العقوبات، حيث تكافح مع انخفاض عائدات مبيعات الأراضي".
وفي يوليو/تموز، ارتفعت الإيرادات غير الضريبية بنحو 15% عن العام الماضي، مما حافظ على وتيرة النمو المكونة من رقمين في يونيو/حزيران، وفق معطيات أشارت إليها نومورا بناءً على بيانات رسمية. وفي حين أن الدخل غير الضريبي يوفر راحة للحكومات الإقليمية، يحذر خبراء الاقتصاد من أنه غير مستدام. ولأنه يميل إلى أن يكون أقل شفافية، فقد يؤدي إلى تآكل ثقة المستهلكين والشركات الضعيفة بالفعل.
كما أن ضعف البيانات حول مصادر الإيرادات غير الضريبية يترك مجالاً للتكهنات، خاصة وسط سلسلة من التقارير الإخبارية المحلية الأخيرة عن حالات فرضت فيها السلطات غرامات كبيرة على مخالفات بسيطة. وقال خبراء في شركة "غالاكسي للأوراق المالية" إن الإيرادات من العقوبات تشكل عادة نحو 9% إلى 12% من الدخل السنوي غير الضريبي للصين. ومنذ الصيف الماضي، ضاعفت المدن في جميع أنحاء الصين من بيع وتأجير أصول الدولة، أي شيء من المباني غير المستخدمة ومواقف السيارات إلى الاحتياطيات المعدنية.
وقد أثبتت هذه الاستراتيجية نجاحها بشكل خاص في المناطق الغنية مثل مقاطعة جيانغسو (جنوب شرق)، حيث ساهمت بمعظم الزيادة التي بلغت نحو 30% في الإيرادات غير الضريبية في الفترة من يناير/كانون الثاني إلى مايو/أيار، كما أظهرت البيانات الرسمية. يأتي هذا في أعقاب حث الحكومة المركزية للحكومات المحلية على معالجة أعباء ديونها، بل وحتى اللجوء إلى تدابير متطرفة مثل "بيع كل شيء لسداد الديون، وخاصة في المناطق التي تواجه ضغوط ديون عالية"، كما قال وينين هوانغ، المسؤول في وكالة "ستاندرد آند بورز غلوبال" للتصنيفات الائتمانية.
لكن مع عدم قدرة مصادر الإيرادات التقليدية على الاستمرار وعدم اليقين بشأن المصادر الجديدة، فإن حل قضية الديون يشكل تحدياً. وأثارت حكومة مدينة تشونغتشينغ (جنوب غرب الصين) ضجة مؤخراً من خلال إنشاء فريق عمل "لتحطيم الأواني الحديدية وبيع الفولاذ"، وهو استعارة للتخلص من أصولها بأي ثمن لسداد الديون، وفق وول ستريت جورنال.
ومن غير الواضح عدد الأصول المربحة التي تركتها الحكومات المحلية، ومن يشتريها، كما يقول بعض المحللين. وفي بعض الحالات، كانت الإدارات المحلية تنقل الأصول من جيب إلى آخر، وتطلب من الشركات المملوكة للدولة شراء الأصول، وفقًا لتقارير حكومية حديثة.
ويبدو أن بكين قد لاحظت ذلك، حيث جدد المسؤولون في الاجتماعات رفيعة المستوى تعهداتهم بالمساعدة في تحمل العبء المالي. وتشمل الخطط تعزيز التحويلات الحكومية المركزية إلى الإدارات الإقليمية، ومنح حصة أكبر من عائدات ضريبة الاستهلاك للحكومات المحلية والسماح لها بفرض ضرائب على المزيد من البنود. لكن المحللين يقولون إن الخطط تفتقر إلى التفاصيل، مع إحراز تقدم ضئيل.
وقال محللون في بنك "غولدمان ساكس" في مذكرة: "على الرغم من توقعات السوق المرتفعة للدعم المالي الاستباقي في وقت مبكر من هذا العام، تبدو التحديات المالية أكثر حدة واستمراراً من السنوات السابقة". وقالت وكالة "ستاندرد آند بورز" في تقرير إن إيقاف انخفاض مبيعات العقارات من شأنه أن ينعش قدرة الحكومات المحلية على توليد الإيرادات، لكن التعافي يعتمد أيضاً على إيقاف توسيع برامج الإغاثة المالية التي أطلقتها الصين منذ عام 2018.