سجّلت أسعار الوقود في لبنان، الجمعة، المزيد من الارتفاع في وقتٍ تشتدّ حدّة أزمة المحروقات، أخطرها شح المازوت الذي ينعكس بشكل كبير على مختلف القطاعات وسط إعلان حالة "طوارئ اقتصادية".
وارتفع سعر صفيحة البنزين 1.8 دولار وفق السعر الرسمي (1500 ليرة للدولار)، والمازوت دولارا واحدا، وقارورة الغاز 1.5 دولار، لتصبح الأسعار على الشكل الآتي: بنزين 95 أوكتان 75900 ليرة (50.6 دولاراً)، بنزين 98 أوكتان 78100 ليرة (52 دولاراً)، المازوت 58200 ليرة (38.8 دولاراً)، والغاز 53700 ليرة (35.8 دولاراً). علماً أن سعر الدولار في السوق السوداء تعدى 23 ألف ليرة.
ورجّحت مصادر "العربي الجديد" استمرار المسار التصاعدي للأسعار في المرحلة المقبلة، ولا سيما في حال رفع الدعم تماماً عن المحروقات ليتخطى عندها سعر الصفيحة حاجز 350 ألف ليرة لبنانية (233 دولاراً). وتهافت المواطنون لتعبئة خزانات سياراتهم بالبنزين، باعتبار أن غالبية محطات الوقود تقفل أبوابها خلال عطلة الأسبوع في إطار التقنين والحفاظ على مخزونها.
وفي السياق ذاته، ضربت أزمة شح المازوت جميع القطاعات في لبنان من دون استثناء، وأطلقت إنذارها الأخير لتأمين المادة سريعاً أو توقف عدد كبير من الخدمات بما فيها المستشفيات، التي بات عدد كبير منها مهدّدا بنفاد المادة، ويتعذر عليها الحصول على المازوت لتشغيل المولّدات الخاصة في ظلّ تخطي التقنين العشرين ساعة يومياً.
وحذّرت نقابة المستشفيات من انعكاسات الأزمة على حياة المرضى المعرّضة للخطر، مهيبةً بالمسؤولين العمل فوراً على "حلّ هذه المشكلة تجنباً لكارثة صحية محتملة".
وبينما تعوّل السلطات في لبنان على الموسم السياحي وترفع رايته لتجرّع بعض "الأوكسجين الاقتصادي" وفق تصريحات عدد من المسؤولين، أعلن نقيب أصحاب المطاعم والمقاهي والملاهي والباتسري طوني الرامي حالة الطوارئ السياحية في ظلّ فقدان مادة المازوت، محذراً من إقفال المؤسسات السياحية خلال أقل من 48 ساعة.
ولفت إلى أنه قد يلجأ أصحاب المطاعم في حال استمرار الأزمة وعدم إيجاد حلول لها إلى اعتماد واحدة من الوجبتين إما الغداء أو العشاء، الأمر الذي من شأنه أن يلحق بهم خسائر جمّة. وانعكست أزمة المازوت على قطاع الفنادق، حيث يسود الإقفال في ظلّ انقطاع الكهرباء وإطفاء المولدات الخاصة.
وطلب عدد من أصحاب الفنادق من الزبائن المغادرة مع تقديم الاعتذار بسبب الظرف الخارج عن إرادتهم، وفق معلومات "العربي الجديد"، علماً أنّ الفنادق تعول كثيراً على موسم الصيف، وخصوصاً على السياح الأجانب الذين تتقاضى منهم الدولار النقدي.
وعلمت "العربي الجديد" أن عدداً كبيراً من المنتجعات السياحية في منطقة جونية شمال بيروت دخل مرحلة تقنين الكهرباء على دفعات في اليوم، وقد أقدم عدد منهم على إقفال مسابحه باكراً وعدم استقبال الزبائن في ساعات بعد الظهر، وقد يتجه القسم الأكبر إلى الإقفال نهائياً حتى تأمين مادة المازوت.
وتلفت المصادر إلى أن الفنادق تعتمد على مولداتها الخاصة، وعمدت في الفترة الأخيرة إلى شراء المازوت من السوق السوداء لتسيير أعمالها ولكنها اليوم باتت خالية من المخزون. كذلك، أقفل بعض الأفران الجمعة أبوابه بسبب نفاد مادة المازوت وانقطاع التيار الكهربائي، والامر نفسه حصل على صعيد السوبرماركت التي إما أقفلت أو لم تشترِ الكثير من المواد الحساسة التي تتطلب التبريد المستمرّ.
وقال رئيس تجمع أصحاب المولدات الخاصة عبدو سعادة لـ"العربي الجديد" إن توقيع الاعتمادات لاستيراد المحروقات بات خطوة ضرورية اليوم قبل الغد، وإلا سنكون أمام كارثة وهلاك خصوصاً في عطلة الأسبوع، مشيراً إلى أن المسؤولين دائماً ما يتحركون بعد إذلال الناس والمواطنين ولا يقومون بأي خطوة استباقية لتفادي الانعكاسات التي ضربت اليوم كل القطاعات حتى المستشفيات. ولفت سعادة إلى أن كل يوم يمرّ يعتبر أسوأ من قبله، وكل خزان ينفد من مادة المازوت يعني تلقائياً إطفاء المولدات.
وتلقى سكان بعض المناطق رسائل من أصحاب المولدات باحتمال الإطفاء الكامل ووقف الكهرباء، ما يعني العتمة الشاملة مع نفاد مادة المازوت بشكل كلّي، في حين تصل ساعات تقنين الكهرباء الحكومية إلى أكثر من 20 ساعة يومياً.
وكررت المديرية العامة للنفط في بيان الخميس أن "المخزون في منشآت النفط في طرابلس والزهراني في حدّه الأدنى، وهو مخصّص للحالات الاستثنائية والطارئة".
وتمنت على مصرف لبنان الإسراع إلى فتح الاعتمادات الخاصة بمادة الديزل أويل، وأهابت بكافة المسؤولين التعاون الكامل لتأمين مادة المازوت من دون انقطاع لأنها تشكل نبض التيار الكهربائي وكل القطاعات في لبنان. وقال المكتب الإعلامي في السراي الحكومي في بيان إن "رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب تابع قضية شح مادتي البنزين والمازوت في الأسواق، وطلب فتح تحقيق لكشف المتلاعبين والمحتكرين وإعلان أسمائهم إلى الرأي العام".