أزمة محروقات جديدة تؤثر على الحياة الاقتصادية والاجتماعية في إدلب

28 ديسمبر 2024
محطة وقود في إدلب بسورية (عارف وتد/ فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- تعاني محافظة إدلب وريفها من أزمة حادة في توفير المازوت المحسن، مما يزيد من معاناة السكان في ظل شتاء قارس وظروف اقتصادية صعبة، حيث يُعتبر بديلاً أرخص من المازوت الأوروبي المستورد.

- يؤثر نقص المازوت المحسن على القطاعات الصناعية والزراعية، مما يؤدي إلى زيادة الأجور وضعف الحركة الاقتصادية، ويعطل الإنتاج الزراعي ويؤخر المواسم الزراعية.

- يساهم انقطاع المازوت في زيادة الفقر والبطالة، حيث يلجأ البعض إلى الديون والمساعدات، ويطالب الأهالي الجهات المعنية بإيجاد حلول عاجلة.

تواجه محافظة إدلب وريفها أزمة محروقات خانقة وصعوبة في توفير مادة المازوت المحسن، وهو الوقود الأساسي الذي يعتمد عليه الأهالي في قطاعات عدة، بدءاً من التدفئة وتشغيل المركبات والجرارات الزراعية، وصولاً إلى الورش الصناعية وتزويد المولدات الكهربائية.

وينعكس هذا النقص بشكل واضح على حياة السكان، بسبب غياب هذه المادة في محطات الوقود، ما زاد من صعوبة تأمين احتياجاتهم اليومية، وخاصة بالنسبة لذوي الدخل المحدود، إذ باتت الخيارات المتاحة أكثر تكلفة، مما يعمّق معاناتهم في مواجهة شتاء قارس وظروف اقتصادية متردية.

ويُنتَج المازوت المحسن في محطات تكرير بدائية منتشرة في ريف حلب الشمالي، ثم يُحسَّن ليُنتج بعد ذلك بتكلفة أقل من المازوت الأوروبي المستورد الذي يصل سعره إلى أضعاف سعر المازوت المحسن، مما يجعله حكراً على الطبقة الميسورة، وعلى الرغم اختلاف الجودة، إلا أن المازوت المحسن يبقى الخيار الأول للأشخاص الذين يعتمدون عليه بشكل يومي لانخفاض أسعاره مقارنة مع أسعار الأوروبي.

وقال أحمد السلور، وهو عامل في إحدى ورش تصليح السيارات وسط مخيمات مشهد روحين شمال إدلب، إن غياب المازوت المحسن وانقطاعه في الآونة الأخيرة دفعهم للحد من تشغيل المولدات الكهربائية التي تعتمد على هذه المادة بشكل أساسي، مما أثر على عملهم واستمراريته بشكل كبير.

وأضاف أن المازوت الأوروبي غالي الثمن ولا يمكث طويلاً في المولدات، عكس المازوت المحسن الأرخص ثمناً وأكثر استخداماً، وانقطاعه المتكرر يؤثر على عملهم ومصادر دخلهم بشكل واضح، إذ يضطرون لرفع الأجور لتغطية زيادة سعر المازوت الأوروبي، وهو ما يؤدي بالتالي إلى ضعف الحركة وتأجيل الكثير من الزبائن لأعمالهم لحين توفر المادة وانخفاض الأسعار والأجور.

 ولا يؤثر ذلك على القطاع الصناعي وحسب وإنما يؤثر انقطاع المازوت المحسن على القطاع الزراعي أيضاً، بسبب توقف الفلاحين عن تشغيل الجرارات الزراعية وتأجيل الأعمال الزراعية لحين توفر المادة ما يسهم بتأخر المواسم، ويقلل من الإنتاج الزراعي الذي يشكل مصدراً رئيسياً للرزق بالنسبة للكثير من الأسر.

ويقول محمد الفلفل، المزارع من ريف إدلب الجنوبي، إنه لم يتمكن من حراثة أرضه وزراعتها بالحبوب بسبب انقطاع مادة المازوت المحسن، إذ يستهلك الجرار كميات كبيرة من المازوت ولا طاقة له على تحمل تكاليف المازوت الأوروبي البديل الذي وصل سعر اللتر منه إلى 40 ليرة تركية، بينما يباع المازوت المحسّن بـ24 ليرة تركية إن توفر، ولذا فإن استخدام الأوروبي يحدث فارقاً بالتكلفة ولن يتمكن من الحصول عليه.

وهذا الوضع ساهم في زيادة العمالة وانتشار الفقر بين الأسر التي تعتمد على الأعمال المتعلقة بالوقود كمصدر دخل رئيسي،
وهو ما عبّر عنه أحمد العبد، وهو سائق شاحنة صغيرة توقّف عن عمله منذ انقطاع المازوت المحسن، قائلاً "عملي يعتمد كلياً على المازوت المكرّر، ومع غياب الوقود أقضي أياماً دون عمل، الدخل اليومي أصبح صفراً، ونعيش على الديون ومساعدات الأقارب، ولم أعد أعلم كيف لي تأمين لقمة العيش لأطفالي في هذه الظروف الصعبة".

وأشار إلى استخدام المازوت المحسن أيضاً في التدفئة، وأنه يفكر الآن في العودة إلى الحطب رغم مشقة الحصول عليه، فالمازوت الأوروبي ليس خياراً لهم، ويطالب العبد الجهات المعنية بزيادة الجهود لإيجاد الحلول العاجلة قبل تفاقم المشكلة، وخاصة بالنسبة للعائلات التي تعيش تحت خط الفقر لتجنب تبعات أكثر تعقيداً على مختلف جوانب الحياة.

المساهمون