أساليب تجويع متنوعة للاحتلال في غزة... ولا بدائل لأونروا

12 نوفمبر 2024
توزيع مساعدات في مدرسة تابعة لأونروا بدير البلح يوم 7 نوفمبر الجاري (أشرف عمرا/الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تأثير القرار على الجهود الإغاثية: قرار إسرائيل بوقف التعامل مع أونروا يهدد الجهود الإغاثية في المناطق الفلسطينية، حيث تعتمد 6 ملايين لاجئ على خدماتها الصحية والتعليمية، مما يزيد من الأزمة الإنسانية في ظل حصار غزة.

- الفراغ المتوقع في الخدمات: تنفيذ القرار قد يخلق فراغًا في تقديم الخدمات الأساسية، حيث لا توجد مؤسسة أخرى قادرة على تعويض دور أونروا، مما يثير مخاوف من انهيار الاستجابة الإنسانية في غزة.

- التحديات المالية والسياسية: أونروا تواجه أزمات مالية منذ تأسيسها، وتعرضت منشآتها للقصف خلال الحرب الإسرائيلية، لكنها تستمر في تقديم المساعدات رغم التحديات السياسية والمالية.

 

شكل إبلاغ حكومة الاحتلال الإسرائيلي الأمم المتحدة قرار وقف التعامل مع وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" ضربة للجهود الإغاثية باعتبار الوكالة الأممية من أكبر الفاعلين في المجال الإغاثي والخدماتي وأكثرها تنظيماً وقدرة على التعامل مع الواقع الصعب الذي يعيشه الفلسطينيون، خصوصاً منذ أكثر من 13 شهراً في قطاع غزة.
وتعمل أونروا في 5 مناطق عمليات هي الضفة الغربية المحتلة بما في ذلك القدس إلى جانب قطاع غزة والأردن ولبنان وسورية، وتتولى مهام تقديم الخدمات لقرابة 6 ملايين لاجئ فلسطيني يعيشون في هذه المناطق.
وتشمل الخدمات التي تقدمها أونروا الخدمات الصحية عبر العيادات الطبية المنتشرة، بالإضافة إلى التعليم والبيئة وخدمات المياه والبيئة، ما يجعل استبدالها بمنظمات بديلة أمراً غاية في الصعوبة في ظل القرار الإسرائيلي الذي جاء بناء على تشريع أُقِرَّ في الكنيست الإسرائيلي في 29 أكتوبر/تشرين الأول الماضي. ويأتي ذلك التطور الخطير في ظل حصار كامل لقطاع غزة وإغلاق كل المعابر والتعطيل المتعمد للاحتلال في إدخال المساعدات والتحكم فيما يدخله من إغاثات عبر عصابات مسلحة.
وتواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي إغلاق معبري كرم أبو سالم التجاري، ورفح الحدودي أمام حركة التجارة والمساعدات الإنسانية، وسط تحذيرات من كارثة إنسانية بالقطاع المحتل. وكانت قوات الاحتلال قد أغلقت، في السادس من مايو/ أيار الماضي، بالكامل معبر كرم أبو سالم جنوب شرق مدينة رفح، ومنعت إدخال المساعدات الإنسانية والطبية، وتقوم بفتحه فترات قليلة جداً.

فراغ مرتقب

ويعتبر الجانب الإغاثي الذي يشمل تقديم المساعدات الغذائية هو الجانب الأبرز في ما يخص الفلسطينيين في القطاع في ضوء استمرار الحرب الإسرائيلية للعام الثاني على التوالي والتحكم الإسرائيلي في حركة المعابر وعدد الشاحنات المسموح لها بالدخول وسياسة التجويع المتبعة في مناطق شمال القطاع ووسطه وجنوبه.
وبحسب الأمم المتحدة فإن إيجاد بديل لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" في غزة والضفة الغربية ليس مسؤولية المنظمة الدولية، وإنما يقع على عاتق إسرائيل ما يعكس إمكانية وجود فراغ تام في حال تم تنفيذ القرار بشكل كامل في ظل السياسات التي تقوم بها الحكومة الإسرائيلية بتركيبتها اليمينية الحالية.
ولا تمتلك أي مؤسسة أممية قدرة تشغيلية أو إمكانيات لوجستية مماثلة لما تمتلكه أونروا في إمكانية تقديم الخدمات للاجئين الفلسطينيين ما يجعل قدرة المنظمات التابعة للأمم المتحدة ضعيفة على صعيد ملء الفراغ الذي قد يحل محل أونروا، ولا سيما مع امتلاك الأخيرة تفويضاً حتى العام 2026 للاستمرار في تقديم الخدمات.
ورغم القرار الإسرائيلي الذي أبلغت الأمم المتحدة به، لم يتم إبلاغ أونروا وإخطارها بموعد تطبيق القرارات الجديدة التي تتعلق بخطط عملها، وسط تأكيد من الوكالة الأممية الاستمرارَ في تقديم خدماتها.

حرب أميركية إسرائيلية على أونروا

وفقاً لتقديرات أونروا فإن إجمالي المستفيدين من خدماتها قبل السابع من أكتوبر 2023 تبلغ نسبتهم 75% من إجمالي عدد السكان المقدر بنحو 2.4 مليون نسمة، فيما ارتفعت هذه النسبة بعد الحرب الإسرائيلية على القطاع المتواصلة للعام الثاني على التوالي.
وتأسست أونروا عام 1949 لتقديم الخدمات للاجئين الفلسطينيين ومرت تاريخياً بسلسلة من الأزمات المالية كان أبرزها أزمة عام 2017 حينما جمد الرئيس الأميركي الأسبق والفائز بالانتخابات الحالية دونالد ترامب الدعم المقدم لها حيث تعتبر واشنطن الممول الأكبر لبرامج المنظمة الأممية، ما انعكس بالسلب على خدماتها وجودتها.
وخلال الحرب الإسرائيلية الحالية المتواصلة للشهر الرابع عشر على التوالي دمرت القوات الإسرائيلية عشرات المباني ومراكز الإيواء المحسوبة على أونروا بالرغم من أنها ترفع العلم الأممي، حيث لم يفرق الاحتلال بين منشآت أونروا أو غيرها من المؤسسات في القطاع.
ويبلغ إجمالي عدد العاملين في وكالة الغوث 30 ألف موظف وموظفة، منهم 13 ألف موظف وموظفة يعملون في القطاع، في حين تعتبر خدمات الوكالة الأممية العمود الفقري للاستجابة الإنسانية للاجئين الفلسطينيين، تواجه الوكالة حالياً صعوبات مع استمرار المساعي الإسرائيلية الممنهجة لتفكيكها، حيث بلغ إجمالي عدد المنشآت التابعة لها والتي تم قصفها 190 منشأة في مختلف مناطق القطاع.
وحتى تشرين الأول/ أكتوبر من العام الماضي، وفرت أونروا التعليم لأكثر من 300 ألف فتى وفتاة في غزة، أي ما يعادل نصف مجموع أطفال المدارس، الذين يخسرون الآن عامهم الدراسي الثاني، وفي الضفة الغربية، يذهب ما يقرب من 50 ألف طفل إلى مدارس المؤسسة، بحسب بيانات أونروا.

من سيوفر الطعام والمساعدات؟

وفقاً للمفوض العام لأونروا فليب لازاريني، قدمت الوكالة الدولية المساعدات الغذائية لأكثر من 1.9 مليون شخص منذ بداية الحرب بالإضافة إلى تقديم الإمدادات الأساسية لمئات الآلاف من الأشخاص في ملاجئ أونروا علاوة على تقديم أكثر من 6 ملايين استشارة طبية فيما تعتبر أونروا أكبر مزود للرعاية الصحية الأولية وأكبر منظمة إنسانية في القطاع.
في الأثناء، يقول النازح الفلسطيني أحمد البرعي إن "قرار حجب عمل أونروا سينعكس سلباً على الكبير والصغير في غزة فلا مساعدات ولا غذاء أو طعام يقدم لنا إلا من خلال هذه المؤسسة والقرار حكم إعدام جماعي علينا".
ويضيف البرعي لـ"العربي الجديد": "ماذا سنفعل إذا تم تنفيذ القرار؟ فأنا أعيش على الخدمات التي أحصل عليها من الوكالة منذ بداية الحرب ومنها الطحين وغيره من الخدمات المتعلقة بالأدوية المرتبطة بالأمراض المزمنة".
أما الفلسطينية نهى أبو الخير فتقول: "من سيوفر لنا الطعام والمساعدات وكيف لنا أن نحصل على التطعيمات والأدوية لنا ولأطفالنا، أونروا توفر لنا كل هذه الخدمات بشكل مجاني ولا يوجد أي بديل سيوفره لنا".
وتشير أبو الخير لـ "العربي الجديد" إلى أن أونروا هي من وفرت لها ولعائلتها عدة مرات الطحين بعد النزوح في بداية الحرب علاوة على حصول أطفالها على تطعيم شلل الأطفال وبقية الخدمات الصحية في المناطق التي كانت تنزح إليها من خلال مراكز الرعاية الصحية الأولية ونقاطها.

مخاوف انهيار الاستجابة الإنسانية

بدورها، تقول القائم بأعمال مدير الإعلام في وكالة أونروا إيناس حمدان، إن قرابة مليوني شخص في قطاع غزة يعتمدون بشكل كبير على خدمات الوكالة الأممية المنقذة للحياة بما في ذلك المساعدات الغذائية والرعاية الصحية في الوقت الراهن.
وتضيف حمدان لـ "العربي الجديد" أن تطبيق القرار الإسرائيلي ممكن أن يتسبب في انهيار عملية الاستجابة الإنسانية في القطاع حيث تعتبر أونروا عمودها الفقري مع استمرار الحرب الإسرائيلية للعام الثاني على التوالي.
وعن الجهة التي ستقدم الخدمات حال توقف أونروا، تشير القائم بأعمال مدير الإعلام إلى أنه لا توجد لديهم أي إجابة حيال ذلك، باستثناء طرح المزيد من التساؤلات حول من سيقوم بتقديم الخدمات الصحية أو من سيقوم بخدمة التعليم لنحو 500 ألف طالب وطالبة.
وبحسب حمدان، فإن أونروا تعمل في 5 مناطق وهذه تشمل قطاع غزة والضفة الغربية بما في ذلك القدس الشرقية علاوة على وجود قرابة 6 ملايين لاجئ فلسطيني في هذه المناطق الخمس يعتمدون على الخدمات الصحية والتعليمية والإغاثية التي تقدمها أونروا.
وتؤكد القائم بأعمال مدير الإعلام في أونروا استمرارها في تقديم الخدمات في الوقت الراهن بالرغم من القيود المفروضة عليها، ولا سيما مع استمرار الحرب الإسرائيلية للشهر الرابع عشر على التوالي.

المساهمون