مع اقتراب السباق الرئاسي الأميركي من نهايته، تميل أسواق المال والاستثمار نحو فوز دونالد ترامب، حيث تُبنى رهانات كبيرة على النتائج الاقتصادية التي قد تجلبها سياساته، وهو ما ظهر في تحركات مؤشرات الأسهم الأميركية الرئيسية خلال الأسابيع الأخيرة، وأيضاً خلال الدقائق الأولى من تعاملات يوم الثلاثاء.
وفي تعاملات الساعة الأولى من يوم الانتخابات، شهدت أسواق المال تحركاً إيجابياً، حيث ارتفع مؤشر إس أند بي 500 بنسبة تقترب من 0.90%، كما صعد مؤشر ناسداك المركب بأكثر من 1%، وصعد مؤشر داو جونز الصناعي بمقدار 250 نقطة، أو ما يقارب 0.6%، فيما اعتبره محللون رد فعل لنتائج أحدث استطلاع رأي، والذي أظهر تقدماً بسيطاً لمرشح الحزب الجمهوري دونالد ترامب.
وقد يكون لنتيجة الانتخابات تأثير كبير على أسواق المال ومكان إغلاق الأسهم في نهاية العام، لكن المستثمرين قد يرغبون في الاستعداد لبعض التقلبات قصيرة الأجل. وتشير بيانات نشرتها شبكة سي أن بي سي الاقتصادية، يرجع بعضها إلى عام 1980، إلى أن المتوسطات الرئيسية عادةً ما تحقق مكاسب بين يوم الانتخابات ونهاية العام، لكنها غالباً ما تشهد انخفاضاً في الجلسة والأسبوع التاليين للانتخابات. وقد يؤدي عدم اليقين حول النتائج إلى مزيد من التذبذب في السوق.
وأظهر أحدث استطلاع من NBC News أن السباق "متقارب جداً" بين ترامب ونائبة الرئيس كامالا هاريس. وتوجهت الأنظار أيضاً نحو الحزب الذي سيسيطر على الكونغرس، حيث قد يؤدي اكتساح الجمهوريين أو الديمقراطيين إلى تغييرات كبيرة في الإنفاق أو إعادة هيكلة كبيرة في سياسة الضرائب.
وتم نشر آخر استطلاعات رأي حول الانتخابات صبيحة يوم الثلاثاء، بينما كان الأميركيون يتوجهون إلى صناديق الاقتراع، في وقتٍ تتضاءل فيه المعلومات الجديدة حول من قد يفوز ليصبح الرئيس المقبل للولايات المتحدة. لكن هذا لم يمنع المستثمرين من وضع رهاناتهم الأخيرة. ومن أسواق التوقعات إلى السندات، كان لهؤلاء طرق عديدة أكثر من أي وقت مضى لتسجيل آرائهم بشأن النتيجة المتوقعة للانتخابات. وقال الموقع الإلكتروني لمجلة "ذي إيكونوميست" إن معظم التوجهات الاستثمارية أظهرت ترجيح كفة دونالد ترامب، رغم أن الفارق بينه وبين كامالا هاريس تقلص في الأيام الأخيرة.
وأشارت "ذي إيكونوميست" إلى أن أبسط مكان يمكن فيه الحصول على قراءة واضحة حول تفكير المتداولين هو أسواق المراهنات الانتخابية، موضحةً أن المنصات الثلاث الأكثر جذباً للانتباه هي "بوليماركت Polymarket"، و"كالشي Kalshi"، و"برديكت PredictIt". وأضافت موضحة أن "بوليماركت"، وهي منصة تعتمد على العملات المشفرة وتُصنف نفسها أكبرَ سوق توقعات في العالم، أظهرت فرصة لفوز ترامب بنحو 60% حتى مساء الاثنين في الولايات المتحدة، وهو ما كان أقل من نسبة 67% التي سجلها الأسبوع الماضي، في تغيير جاء بعد نشر استطلاعات رأي متأخرة، ولا سيما استطلاع مفاجئ من "سلزر Selzer" في أيوا، الذي أظهر نتائج أكثر إيجابية لصالح هاريس.
وعلى النقيض، تُظهر منصة "برديكت" الأقدم، والتي أُسست قبل عشر سنوات، تقدماً طفيفاً لصالح هاريس، لكن المنصة مقيدة بعدد المراهنين وحجم رهاناتهم. وتأتي منصة "كالشي"، وهي بورصة منظمة، في المنتصف تقريباً، حيث ترى فرصة فوز ترامب بنحو 56%، بانخفاض عن 65% الأسبوع الماضي. وفي أعقاب استطلاع "سلزر"، أظهرت "كالشي" لفترة وجيزة تقدماً لصالح هاريس، قبل أن يعود التوازن لصالح ترامب.
وقد يبدو من السهل تجاهل هذه المنصات باعتبارها ساحات مراهنات يهيمن عليها الشباب الذين يقضون معظم أوقاتهم على الإنترنت. لكن من اللافت أن أسعارها توازي إلى حد كبير الأسواق المالية الأوسع. وللحصول على فكرة حول كيف يتموضع المستثمرون في الأسهم، أنشأ محللون في بنك بيبر ساندلر Piper Sandler محافظ أسهم تستفيد من فوز كل مرشح. وتتضمن محفظة ترامب شركات النفط ومصنعي الأسلحة، مع رهانات ضد شركات مثل آبل التي قد تتضرر من حرب تجارية مع الصين، بينما تتضمن محفظة هاريس شركات الطاقة المتجددة والمركبات الكهربائية، مع رهانات ضد الشركات المالية وشركات الأدوية، التي قد تواجه المزيد من القوانين تحت إدارة ديمقراطية.
وتماشى أداء محافظ بنك بيبر ساندلر تقريباً مع احتمالات بوليماركت. وفي أكتوبر، مع تراجع ترجيح الأسواق لفوز هاريس، ارتفعت محفظة ترامب بنسبة 3%، بينما انخفضت محفظة هاريس بنسبة 7%، قبل أن يتقلص الفارق بينهما الأسبوع الماضي. وتعرضت أسهم مجموعة جيو غروب، وهي شركة سجون في محفظة ترامب، لضغوط بيع، بينما ارتفعت أسهم شركة فيرست سولار، مصنّع الألواح الشمسية في محفظة هاريس.
وامتد تأثير توقعات الانتخابات أيضاً إلى الأسواق الأكبر والأكثر انتشاراً، إذ ارتفعت عوائد سندات الخزانة وقيمة الدولار خلال الأسابيع الستة الماضية، حيث يستعد المستثمرون لاحتمال رئاسة ترامب، معتقدين أن سياساته، بما في ذلك العجز الفيدرالي الأكبر والتعريفات الجمركية الأعلى، قد تدفع نحو نمو أكبر وتضخم أعلى. وكان يوم الاثنين قد شهد انعكاساً جزئياً في هذه التوجهات، مع انخفاض طفيف في العوائد والدولار، ما عكس وقتها تحسن موقع هاريس في الاستطلاعات.
ويعطي نموذج مجلة "ذي إيكونوميست"، المعتمِد على الاستطلاعات والعوامل الأساسية، نسبة متساوية تقريباً بين المرشحين، بينما تقترب أسواق المال الأميركية، من المراهنين الصغار إلى المؤسسات الكبرى، من نسبة 55% لصالح ترامب، وهي نسبة تضعف موقف هاريس بوضوح. وتظهر تحركات الأسواق أن المستثمرين عامةً، كانوا أكثر ثقة في فرص ترامب مقارنةً بالاستطلاعات نفسها.