لم تسلم الثروة الحيوانية بسورية، من تداعيات الحرب الروسية على أوكرانيا، بعد ارتفاع أسعار الأعلاف وشحها بالأسواق المحلية والتي تستورد جل مستلزماتها من سوقي روسيا وأوكرانيا، بعد تناقص الإنتاج الزراعي في البلاد وتراجع غلال القمح من نحو 3.5 ملايين طن عام 2011 إلى عتبة مليون طن العام الماضي.
وفي هذا السياق، يحذر رجل الأعمال السوري، بشار هلال، من "شح المواد المستوردة من روسيا وأوكرانيا" بعد ما وصفها بمشاكل النقل والاستيراد والتوريد، كاشفاً لـ"العربي الجديد" أن التأمين على البضائع ارتفع بنسبة 100% حالياً، بسبب زيادة المخاطر، خاصة بمنطقة دول البحر الأسود وارتفاع أجور النقل والنفط عالمياً.
ويكشف هلال أن سورية تستورد معظم الأعلاف والحبوب من روسيا وأوكرانيا، وقد تصل أجور النقل والتأمين، لمستوى ثمن البضائع وربما أكثر؛ فأجور نقل "الكونتينر" كانت في حدود 1500 دولار، وبلغت حالياً نحو 10 آلاف ليرة، وهذا مخالف لنظام التجارة، الذي يمنع زيادة قيمة الشحن على سعر السلع المنقولة، معتبراً أن ذلك سيؤثر على خبز السوريين وتدفئتهم، وعلف الحيوانات.
وكانت تقارير سورية رسمية قد حذرت من "تلاشي الثروة الحيوانية" بعد تقلص أعداد القطعان في سورية بنحو 40 في المائة، متأثرة كغيرها من القطاعات نتيجة الحرب، وهو ما ينعكس على الحياة المعيشية للمواطن، وخاصة مربي الماشية.
وكشف رئيس اتحاد الفلاحين السابق في محافظة الحسكة كبرى المدن السورية بالزراعة وتربية الأغنام، ذياب عبد الكريم، أسباب تراجع الثروة الحيوانية في سورية، معتبراً أن الجفاف الذي تعاني منه المنطقة وغلاء المواد العلفية لأضعاف مضاعفة، أهم الأسباب التي أدت إلى تراجع الثروة الغنمية وخسارة المليارات.
ويصل سعر كيلو التبن (العلف) بسورية حالياً إلى نحو 1200 ليرة سورية بعدما كان يباع بـ200 ليرة العام الماضي، كما قفز سعر كيلو الشعير من نحو 200 ليرة إلى 1500 ليرة (الدولار = نحو 365 ليرة).
ويضيف رئيس اتحاد الفلاحين أن غلاء الأسعار والجفاف هبطا بقطاع الثروة الحيوانية بنحو 40 بالمئة، فضلا عن قيمة الأضرار لهذه الثروة خلال سنوات الحرب.
ويتابع: "أصبحت تربية قطيع الماشية تشكل عبئاً كبيراً على مالكيها، بعد ارتفاع تكاليف الأعلاف وظروف النقل الصعبة من منطقة لأخرى".
وهذا ما أكده مدير مشروع الثروة الحيوانية في وزارة الزراعة، سلمان مرتضى، خلال تصريحه أول من أمس، والذي قال إن "أعداد الثروة تراجعت بنسبة 40%". وأكد أن السبب الأهم يعود إلى تهريب رؤوس الأغنام باتجاه الدول المجاورة والذبح العشوائي وخاصة الإناث وارتفاع تكاليف الإنتاج.
بدوره، يؤكد تاجر الأغنام بريف دمشق، رضوان محمد، على ارتفاع أسعار اللحوم، بعد زيادة أسعار الأعلاف واستمرار التصدير، مبيناً أن سعر كيلو لحم الخروف يبلغ نحو 34 ألف ليرة.
وأضاف محمد لـ"العربي الجديد" أن مؤشرات الموسم المقبل، من تراجع الهطول المطري وغلاء الأسعار بواقع الحرب وصعوبة الاستيراد، تدلل على ارتفاعات مقبلة وتراجع بأعداد الثروة الحيوانية.
وتابع: "سعر كيلو الأعلاف اليوم نحو 1700 ليرة، وارتفع سعر طن الذرة المستوردة من 180 دولاراً العام الماضي إلى 340 دولاراً اليوم، كما أن الأدوية البيطرية ارتفعت خمسة أضعاف ما كانت عليه العام الماضي".
وحسب مكتب الإحصاء بدمشق، بلغ عدد رؤوس الأغنام في سورية العام الماضي نحو 14.5 مليون رأس، ولم يزد عدد الأبقار عن 887 ألفا.
ويطاول ارتفاع أسعار الأعلاف بسورية، جراء صعوبة الاستيراد والحرب الروسية على أوكرانيا، قطاع صناعة الدواجن بسورية، بعد هجر كثير من المربين هذه المهنة، بحسب ما يقوله مربي الدواجن محمود شحور من محافظة إدلب الذي يقول لـ"العربي الجديد" إن ارتفاع أسعار الأعلاف ومواد التدفئة (مازوت وفحم حجري) حوّل هذه المهنة لمجازفة.
وأكد تراجع هذه الصناعة بمحافظة حماة، كبرى المناطق في هذا المجال، بأكثر من 50%، وشبه خلو محافظتي حلب وإدلب من مزارع الدواجن.
وكان قطاع الدواجن في سورية يشكل ثقلاً وداعماً للاقتصاد، عبر مساهمة لحوم الدواجن بحوالي 54% من إجمالي استهلاك السوريين من أنواع اللحوم، وتساهم منتجات القطاع بتوفير حوالي 42% من استهلاك المواطن من البروتين الحيواني.
وزادت صادرات القطاع عن 15 مليار ليرة عام 2010، لكن سنوات الحرب بسورية حولت البلاد إلى مستورد للدجاج وبيض المائدة، من إيران وتركيا.
كما تراجع دور المؤسسة العامة للدواجن (حكومية تتبع وزارة الزراعة) التي تضم 11 منشأة فيها 20 خطاً إنتاجياً، منها 10 خطوط لإنتاج بيض المائدة و5 خطوط لإنتاج الدجاج.