أن يكون بلدك أغنى دولة في العالم فهذا لا يعني بالضرورة أن تكون هي الأكبر. وهذا ما يؤكده تصنيف صادر لأغنى البلدان في 2023، في قائمة تتصدرها إيرلندا تليها لوكسمبورغ وسنغافورة ودولة قطر وماكاو، ثم الإمارات وسويسرا والنرويج، بينما تأتي في المرتبة التاسعة الولايات المتحدة صاحبة أكبر اقتصاد في هذا الكوكب، تتبعها سان مارينو.
وبحسب تقرير لمجلة "غلوبال فاينانس" تاريخ 21 أبريل/نيسان الجاري، تستفيد بعض البلدان الصغيرة جدا والغنية جدا - مثل سان مارينو ولوكسمبورغ وسويسرا وسنغافورة - من وجود قطاعات مالية وأنظمة ضريبية متطورة تجذب الاستثمار الأجنبي والمواهب المهنية والودائع المصرفية الكبيرة.
وثمة دول أخرى، مثل قطر والإمارات، لديها احتياطيات كبيرة من الهيدروكربونات أو غيرها من الموارد الطبيعية المربحة.
كما تُعد الكازينوهات المتلألئة وجحافل السياح جيدة لعالم الأعمال أيضا. فلا تزال ماكاو، ملاذ المقامرة في آسيا، واحدة من أكثر الدول ثراء في العالم رغم نحو 3 سنوات من الإغلاق المتقطع والقيود المفروضة على السفر المرتبطة بالوباء.
لكن ما المقصود عندما نقول إن بلدا ما "غني"، خاصة في عصر يتزايد فيه التفاوت في الدخل بين فاحشي الثراء وبقية الدول؟
بينما يقيس "الناتج المحلي الإجمالي" GDP قيمة جميع السلع والخدمات المنتجة في دولة ما، فإن تقسيم هذا الناتج على عدد المقيمين بدوام كامل هو طريقة أفضل لتحديد مدى ثراء أو فقراء بلد ما مقارنة بسكان دولة أخرى.
ومع ذلك، فقط عند الأخذ في الاعتبار معدلات التضخم وتكلفة السلع والخدمات المحلية، يمكن الحصول على صورة أكثر دقة لمتوسط مستوى المعيشة في الدولة المعنية. والرقم الناتج هو ما يسمى "تعادل القوة الشرائية" PPP، وغالبا ما يتم التعبير عنه بالدولار للسماح بإجراء مقارنات بين مختلف الدول.
تجدر الإشارة هنا إلى أن جائحة كورونا أماطت اللثام عن التفاوتات بطرق لم يكن يتوقعها سوى القليل. فرغم عدم وجود شك في أن الدول الأكثر ثراء - التي غالبا ما تكون أكثر عرضة للإصابة بفيروس كورونا بسبب كبار السن وعوامل الخطر الأخرى - لديها الموارد اللازمة لرعاية المحتاجين بشكل أفضل، إلا أن هذه الموارد لم تكن متاحة للجميع على قدم المساواة.
كذلك فإن التداعيات الاقتصادية لعمليات الإغلاق أصابت العمال ذوي الأجور المنخفضة بشكل أقوى من أولئك الذين لديهم وظائف عالية الأجر، وهذا بدوره أدى إلى نوع جديد من عدم المساواة بين أولئك الذين يمكنهم العمل بشكل مريح من المنزل وأولئك الذين اضطروا إلى المخاطرة بصحتهم وسلامتهم من خلال السفر إلى مواقع العمل.
كما أن من فقدوا وظائفهم بسبب إغلاق صناعاتهم بالكامل وجدوا أنفسهم بدون الكثير من عوامل شبكة الأمان، فقد تم الكشف عن ثغرات كبيرة في أنظمة الرعاية الاجتماعية الأكثر شهرة في العالم.
ثم مع انحسار الوباء، ارتفع التضخم على مستوى العالم وغزت روسيا أوكرانيا، مما أدى إلى تفاقم أزمة أسعار الغذاء والنفط. ومرة أخرى، كانت الأسر ذات الدخل المنخفض هي الأشد تضررا حيث أُجبرت على إنفاق نسب أكبر من دخولها على الضروريات الأساسية - السكن والغذاء والطاقة والمواصلات - التي تكون أسعارها أكثر تقلبا وتميل إلى الزيادة أكثر من غيرها.
وفي أفقر 10 دول في العالم، يبلغ متوسط القوة الشرائية للفرد 1380 دولارا، بينما في الدول العشر الأكثر ثراء، يزيد متوسط القوة الشرائية للفرد عن 105 آلاف دولار وفقا لبيانات "صندوق النقد الدولي".
ومنذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي، نمت القوة الشرائية للفرد بمقدار 30 دولارا فقط في البلدان الفقيرة وبأكثر من 5 آلاف دولار في البلدان ذات الدخل المرتفع.
1 - أيرلندا
يبدو أن اقتصاد أيرلندا لا يمكن إيقافه. فحتى قبل كورونا، وبينما كانت بقية أوروبا تواجه جميع أنواع عدم اليقين، كخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، التوترات التجارية مع الولايات المتحدة، أزمات اللاجئين والمهاجرين، على سبيل المثال لا الحصر، كان الاقتصاد الأيرلندي ينبض بالحياة.
وفي عام 2019، بينما نما اقتصاد منطقة اليورو بنسبة ضئيلة بلغت 1.5%، نما اقتصاد أيرلندا بأكثر من 5.4%، مما جعلها أسرع الاقتصادات نموا في الكتلة.
وعلى عكس كل الدول الأخرى تقريبا، لم يؤد الوباء العالمي إلى انكماش اقتصادي في أيرلندا، بل أدى إلى مزيد من النمو، حيث بلغ 6.1% في عام 2020، وأتبعه نمو نسبته 13.5% عام 2021، و11% عام 2022.
أما التوقعات لعام 2023 فهي أكثر محافظة إلى حد ما وتبلغ 5.5%، ولكن من هي الدولة التي لا تحلم بتحقيق مثل هذا المستوى من النمو في مرحلة من الركود العالمي؟
كانت أيرلندا، التي يبلغ عدد سكانها 5 ملايين نسمة فقط، واحدة من أكثر الدول تضررا من الأزمة المالية عام 2008. وبعد بعض تدابير الإصلاح الصعبة سياسيا، مثل التخفيضات الكبيرة في أجور القطاع العام وإعادة هيكلة النظام المصرفي، استعادت الدولة الجزيرة صحتها المالية، وعززت معدلات التوظيف وشهدت ضعف نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في فترة زمنية قصيرة.
لكن هل يشعر المواطنون بأنهم أغنى بثلاث مرات مما كانوا عليه قبل عقد من الزمن؟ ربما لا. فأيرلندا هي واحدة من أكبر الملاذات الضريبية للشركات في العالم، حيث يستفيد الناس العاديون أقل بكثير من الشركات متعددة الجنسيات.
ورغم أنها بلا شك أفضل حالا مما كانت عليه من قبل، وفقا لبيانات "منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية"، فإن الدخل المتاح للأسر المعيشية الوطنية هو في الواقع أقل قليلا من المتوسط العام في الاتحاد الأوروبي.
ومع وجود فجوة كبيرة بين الأغنى والأفقر حيث 20% من السكان الأعلى يكسبون نحو 5 أضعاف ما يكسبه 20% من الطبقة الدنيا، من المحتمل أن ترفض معظم العائلات الأيرلندية فكرة أنها ليست غنية فحسب، بل من بين الأغنى في العالم.
2 - لوكسمبورغ
يمكنك زيارة لوكسمبورغ لقلاعها وريفها الجميل ومهرجاناتها الثقافية أو تذوق الطعام، أو فقط لإنشاء حساب خارجي عبر أحد مصارفها وعدم الدخول إليها مجددا.
تقع في قلب أوروبا ويبلغ عدد سكانها 650 ألف نسمة، ولديها الكثير لتقدمه لكل من السياح والمواطنين. وهي تستخدم حصة كبيرة من ثروتها لتقديم مساكن ورعاية صحية وتعليم أفضل لشعبها الذي يتمتع إلى حد بعيد بأعلى مستوى من المعيشة في منطقة اليورو.
وفي حين أن الأزمة المالية العالمية والضغط من الاتحاد الأوروبي ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية للحد من السرية المصرفية، قد يكون لهما تأثير ضئيل على اقتصاد لوكسمبورغ، فإن تفشي كورونا أجبر العديد من الشركات على الإغلاق وتسريح العمال وظائفهم.
لكن البلاد نجت من كورونا على نحو أفضل من معظم جيرانها الأوروبيين. فقد انتعش اقتصادها من -0.8% عام 2020 إلى 5.1% في 2021. إنما لسوء الحظ، لم يدم هذا الانتعاش طويلا، فقد نما الاقتصاد 1.5% فقط في 2022 ومن المرجح أن يصل إلى 1.1% فقط هذا العام بسبب انخفاض ثقة الأعمال والمستهلكين وارتفاع أسعار الطاقة والغذاء.
وقد لا يكون النمو الاقتصادي الضعيف أمرا يستحق الشكوى، لأن لوكسمبورغ تجاوزت علامة 100 ألف دولار في نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي عام 2014 ولم تنظر إلى الوراء منذ ذلك الحين.
3 - سنغافورة
أغنى شخص يعيش في سنغافورة هو مؤسس شركة المعدات الطبية "مايندراي" لي زيتينغ الذي تقدر ثروته الصافية بـ15.6 مليار دولار. ثم يأتي الأخوان ومطورا العقارات روبرت وفيليب نغ في المرتبة الثانية، يليهم جوه تشينغ ليانغ من صانعة الدهانات والطلاء "وثيلام هولدينغز".
وفي المركز الرابع، بأصول تبلغ حوالي 9.6 مليارات دولار يأتي هو إدواردو سافرين، المؤسس المشارك في "فيسبوك" الذي ترك الولايات المتحدة عام 2011 مع 53 مليون سهم في الشركة وأصبح مقيما دائما في هذه الدولة الجزيرة التي لم يخترها لمجرد عوامل الجذب الحضرية أو بواباتها الطبيعية، فسنغافورة هي ملاذ مالي ثري حيث مكاسب رأس المال والأرباح معفاة من الضرائب.
لكن كيف استقطبت سنغافورة هذا العدد الكبير من الأفراد ذوي الملاءة المالية العالية عندما نالت المدينة-الدولة استقلالها عام 1965، كان نصف سكانها أُمّيين. ومع عدم وجود موارد طبيعية تقريبا، نجحت سنغافورة في تعزيز نفسها من خلال العمل الجاد والسياسة الذكية، لتصبح واحدة من أكثر الأماكن الصديقة للأعمال في العالم.
واليوم، تعد سنغافورة مركزا تجاريا وتصنيعيا وماليا مزدهرا، وأصبح 98% من السكان البالغين الآن متعلمين. ولسوء الحظ، لم يجعلها ذلك في مأمن من التباطؤ الاقتصادي العالمي الناجم عن الوباء، ففي عام 2020، انكمش الاقتصاد 3.9%، مما دفع البلاد إلى الركود للمرة الأولى منذ أكثر من عقد.
وفي عام 2021، انتعش الاقتصاد السنغافوري مجددا بنمو نسبته 8.8%، لكن بعد ذلك أدى التباطؤ في الصين، الشريك التجاري الرئيسي، إلى إخراج الانتعاش عن مساره.
وأثرت المشاكل الاقتصادية في الصين على قطاع التصنيع في سنغافورة الذي يشكل 21.6% من إجمالي الناتج المحلي لسنغافورة، حيث تقلص 6% في الربع الأول من عام 2023. وهذا بدوره يضعف ثروات سنغافورة حيث من المتوقع أن يتوسع اقتصادها بنسبة 1.5% فقط عام 2023.
4 - قطر
في عام 2014، كان نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي للمواطن القطري أكثر من 143222 دولارا أميركيا. وبعد عام واحد، انخفض بشكل كبير وظل أقل من 100 ألف دولار للسنوات الخمس التالية. ومع ذلك، نما هذا الرقم تدريجا، حيث زاد بنحو 10 آلاف دولار كل عام.
ورغم ذلك، تبقى احتياطيات قطر من النفط والغاز والبتروكيماويات كبيرة جدا وعدد سكانها صغير يناهز 3 ملايين فقط، لدرجة أن دولة الهندسة المعمارية الحديثة ومراكز التسوق الفاخرة والمأكولات الفاخرة تمكنت من البقاء على رأس قائمة أغنى دول العالم لمدة 20 عاما.
ومع وجود حوالي 12% فقط من سكان البلاد من المواطنين القطريين، شهدت الأشهر الأولى من الوباء انتشار وباء كورونا سريعا بين العمال المهاجرين ذوي الدخل المنخفض الذين يعيشون في أماكن مزدحمة. وتم فرض الحجر الصحي وحظر التجول والإغلاق أكثر من مرة، ومع ذلك، عانت قطر من أعلى معدلات الحالات الإيجابية في المنطقة.
ومع ذلك، فقد أثبت الاقتصاد قدرته على الصمود. وانكمش بنسبة متواضعة نسبيا بلغت 3.5% عام 2020، ونما بنحو 1.5% في عام 2021، كما نما 4.2% عام 2022 بفضل زيادة عائدات الغاز والنفط والسائحين القادمين لمشاهدة كأس العالم.
5 - منطقة ماكاو الإدارية الخاصة
قبل بضع سنوات فقط، كان الكثيرون يراهنون على أن لاس فيغاس آسيا كانت في طريقها لتصبح أغنى دولة في العالم.
في السابق كانت مستعمرة للإمبراطورية البرتغالية، وتم تحرير صناعة الألعاب عام 2001، وشهدت هذه المنطقة الإدارية الخاصة لجمهورية الصين الشعبية ثروتها تنمو بوتيرة مذهلة.
يناهز عدد سكانها 700 ألف نسمة، وفيها أكثر من 40 كازينو منتشرة على مساحة حوالي 30 كيلومترا مربعا، وأصبحت شبه الجزيرة الضيقة هذه الواقعة جنوب هونغ كونغ مباشرة آلة لكسب المال.
وكان ذلك، على الأقل، حتى بدأت الآلة في خسارة المال بدلا من صنعه. فعندما ضربت كورونا، توقف السفر العالمي، وتراجعت ماكاو لفترة من الوقت عن تصنيف أغنى 10 دول.
أما اليوم، وبعد أكثر من 3 سنوات منذ بداية الوباء، تعود ماكاو ببطء إلى العمل كالمعتاد. ومع ذلك، فهي أيضا الدولة الوحيدة في القائمة التي يكون نصيب الفرد من قوتها الشرائية أقل مما كان عليه قبل حالة الطوارئ الصحية العالمية. فقد كان حوالي 125 ألف دولار عام 2019، بانخفاض بأكثر من 35 ألف دولار اليوم.
6 - الإمارات
الزراعة وصيد الأسماك وتجارة اللؤلؤ كانت هذه في السابق الدعائم الاقتصادية لهذه الدولة الخليجية. ثم تم اكتشاف النفط في الخمسينيات وتغير كل شيء.
واليوم، يتمتع سكان الإمارات ذوو التنوع الكبير بثروة كبيرة. تمتزج العمارة الإسلامية التقليدية مع مراكز التسوق الجذابة والعمال يأتون من جميع أنحاء العالم للحصول على رواتب معفاة من الضرائب وأشعة الشمس على مدار العام. وحوالي 20% فقط من الأشخاص الذين يعيشون في البلاد هم في الواقع مولودون محليا.
كما أصبح اقتصاد الإمارات متنوعا بشكل متزايد. فخارج قطاع النفط والغاز المهيمن تقليديا، تُعد السياحة والبناء والتجارة والتمويل من الصناعات الرئيسية. وهذا لا يعني أن البلد لم يتأثر بالوباء وما صاحب ذلك من انخفاض أسعار النفط، بل على العكس تماما.
قد يبدو الأمر مذهلا، فقد تراجعت الإمارات لفترة وجيزة عن تصنيف "صندوق النقد الدولي" لأغنى الدول على مستوى العالم للمرة الأولى منذ عقود. إنما فبمجرد انتعاش أسعار الطاقة، استعادت الإمارات سريعا مكانتها التاريخية بين الدول العشر الأكثر ثراء في العالم.
7 - سويسرا
الشوكولا البيضاء والتزلج الجماعي وسكين الجيش السويسري وفأرة الكمبيوتر والخلاط الغاطس والفيلكرو و"إل إس دي" LSD ليست سوى بعض الاختراعات الجديرة بالملاحظة التي جلبتها سويسرا إلى العالم.
ويدين هذا البلد الذي يبلغ عدد سكانه حوالي 8.7 ملايين نسمة بالكثير من ثروته للخدمات المصرفية والتأمينية والسياحة وتصدير المنتجات الصيدلانية والأحجار الكريمة والمعادن الثمينة والأدوات الدقيقة (ساعات) والآلات (الأجهزة الطبية وأجهزة الكمبيوتر).
وفقا لتقرير الثروة العالمية لعام 2022 الصادر عن "كريدي سويس"، جاءت سويسرا مرة أخرى في المقدمة عندما يتعلق الأمر بمتوسط ثروة الفرد البالغ 700 ألف دولار.
وعلاوة على ذلك، يمتلك شخص بالغ من كل 6 أصولا تزيد قيمتها عن مليون دولار أميركي.
هل هي حقا مفاجأة أن سويسرا لديها أكبر كثافة من أصحاب الملايين في العالم؟
لسوء الحظ، لم يستطع كل هذا السخاء حماية الاقتصاد السويسري من تأثيرات كورونا. ففي عام 2020، انخفض الإنتاج 2.5%. ومع ذلك، كان من الممكن أن تكون الأمور أسوأ.
فقد عانى النمو أقل مما كان عليه في البلدان المجاورة بسبب الاستجابة السريعة للسياسات (الإنفاق في حالات الطوارئ وتدابير الاحتواء) وبسبب تركيبة الاقتصاد نفسه، مع اعتماده المنخفض على القطاعات كثيفة الاتصال، وصناعات التصدير التنافسية.
هل هذا يعني أن السويسريين ليس لديهم أي مخاوف اقتصادية على الإطلاق؟ ليس تماما. ففي مارس/آذار المنصرم، كاد مصرف "كريدي سويس" أن ينفجر من الداخل قبل عملية إنقاذ هندستها الحكومة من قبل منافسته منذ فترة طويلة، أي مجموعة "يو بي إس".
ولم يقتصر الأمر على "كريدي سويس" فحسب، بل أضر بسمعة سويسرا كمركز مصرفي عالمي آمن وموثوق به مع وجود وظائف معرضة للخطر أكثر من 9 آلاف وظيفة تم استبعادها بالفعل في خطة إعادة الهيكلة العام الماضي.
8 - النرويج
منذ اكتشاف احتياطيات كبيرة في الخارج في أواخر ستينيات القرن العشرين، كان محرك الاقتصاد النرويجي مدفوعا بالنفط. وبصفتها أكبر منتج للنفط في أوروبا الغربية، فقد استفادت البلاد لعقود من ارتفاع الأسعار.
وقد انهارت الأسعار في بداية عام 2020، ثم تبع ذلك الوباء العالمي وتراجعت الكرونة. وفي الربع الثاني من ذلك العام، انخفض الناتج المحلي الإجمالي 6.3%، وهو أكبر انخفاض في نصف قرن وربما منذ الحرب العالمية الثانية.
فهل هذا يعني أن النرويجيين أصبحوا أقل ثراء بكثير مما كانوا عليه قبل الوباء؟ بالتأكيد لا. فبعد الصدمة الأولية، قلص الاقتصاد الخسائر تدريجا وأغلق العام عند نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة سالبة بلغت -1.2%. ثم في عام 2021، انتعش الاقتصاد، ونما بشكل عام بنحو 3.9% ثم بحوالي 3.3% عام 2022.
وعندما يتعلق الأمر بأي مشكلة اقتصادية غير متوقعة، يمكن للنرويجيين دائما الاعتماد على صندوق ثروتهم السيادي البالغة قيمته 1.3 تريليون دولار، وهو الأكبر في العالم.
9 - الولايات المتحدة
تمكنت الولايات المتحدة من دخول قائمة العشر الأوائل بعد أن تأرجحت على حوافها في العقدين الماضيين.
فهل أصبح الأميركيون أكثر ثراء أثناء كورونا؟ كان الخُمس الأعلى من سكان الولايات المتحدة الذين يكسبون أكثر من 60 ألف دولار سنويا يتطورون. فقد عمل الكثير منهم من المنزل، بينما نمت قيمة محافظ الأسهم الخاصة بهم وتلقوا شيكات تحفيزية.
وفي الطرف الآخر، كان يقبع الأميركيون الذين فقدوا وظائفهم وأعمالهم، ووجدوا أنفسهم مثقلين بفواتير طبية فلكية واصطفوا في بنوك الطعام المحلية.
لكن تعافى سوق العمل منذ ذلك الحين، وسجل التضخم أعلى مستوياته في 40 عاما ملحقا الضرر بالعاملين، لا سيما ما يقرب من 52 مليون عامل، أي نحو ثلث القوة العاملة بأكملها، الذين يكسبون أقل من 15 دولارا في الساعة وفقا لمنظمة "أوكسفام أميركا".
وفي ذروة الوباء، وجدت الأبحاث التي أجراها "أميركيون من أجل العدالة الضريبية" ATF و"معهد الدراسات السياسية" IPS أن أغنى الأميركيين يمتلكون أكثر من 4 أضعاف ثروة ما يقرب من 165 مليون في النصف السفلي من السكان.
10 - سان مارينو
هي أقدم جمهورية في أوروبا وخامس أصغر دولة على الخريطة. قد يكون لديها 34 ألف مواطن فقط، لكنها من بين أغنى المواطنين في العالم.
من المفيد أن تكون معدلات ضريبة الدخل منخفضة للغاية، حيث تبلغ حوالي ثلث متوسط الاتحاد الأوروبي. ومع ذلك، تعمل سان مارينو على مواءمة قوانينها المالية ولوائحها مع تلك الخاصة بالاتحاد الأوروبي والمعايير الدولية.
وقد أظهرت الدولة الصغيرة مرونة ملحوظة خلال الوباء، وبعد ذلك وسط ظروف نقدية صارمة وأزمة الطاقة، مع تحول صناعة السياحة وقطاع التصنيع فيها إلى أداء قوي بشكل خاص.