أحيت الأمطار المتساقطة منذ مطلع ديسمبر/كانون الأول الجاري، على مختلف محافظات الجزائر، الأمل في نفوس المزارعين من أجل إنقاذ موسم الشتاء، بعدما أرهقهم الجفاف طيلة الأشهر الماضية، مهدداً بموسم "أبيض" لا محاصيل فيه.
يقول المزارع عيسى غوماري، من محافظة المسيلة جنوب العاصمة الجزائر، لـ"العربي الجديد"، إن "الأرض كانت بحاجة كبيرة للأمطار، خاصة وأن حملة الحرث والبذر انطلقت متأخرة بسبب نقص الأمطار في فصل الخريف"، مضيفا أن "برودة الطقس ستعيد دورة الحبوب إلى طبيعتها، حيث ستنمو بشكل عادي، بعدما تخلص المزارعون من النباتات الطفيلية، وينتظر إن استمرت الأمطار إلى غاية منتصف مارس/آذار المقبل أن يبدأ موسم الحصاد مبكراً هذا الموسم، كما كان عليه الحال الموسم الماضي، كما أن هذه الأمطار ستقلص اعتمادنا على الري بالصهاريج التي تكلفنا ميزانية كبيرة".
وتوسعت دائرة المستبشرين بالأمطار، لتشمل مربي المواشي الذين استقبلوا موجات البرد والأمطار التي سجلتها المحافظات السهلية (وسط البلاد) منذ بداية الشهر الحالي، بكثير من الفرح والأمل، خاصة وأن هذه المناطق تعد "الممون" الأول للبلاد بكلأ المواشي، حيث تنفس الموالون (مربو المواشي باللهجة الجزائرية) الصعداء، بعد مرورهم بسنوات "عجاف"، أدت إلى ارتفاع أسعار الكلأ والشعير.
ويقول مختار العوني، مربي ماشية من محافظة المسيلة لـ"العربي الجديد"، إن "الأمطار التي تساقطت على البلاد خاصة في السهول والهضاب العليا (محافظات الوسط الجزائري)، ستوفر الكلأ الطبيعي للمواشي، ما سيعفي المربين من تكاليف اضطروا إلى دفعها في السنوات الأخيرة، بسبب شح الأمطار في شتاء 2020 و2021، وجزء من 2022، ودفع بأسعار الأعلاف إلى الارتفاع بنسبة وصلت إلى 70%".
وكانت الجزائر قد سجلت شتاء جافا في السنوات الأخيرة، أثر سلبا على المحاصيل التي تراجعت بأكثر من 50% بالنسبة للحبوب، ما أدى إلى ارتفاع أسعار الأعلاف المركية (تنتج من الحبوب المختلفة) بعد ارتفاع الطلب عليها وتراجع العرض، وتراجع مناطق الرعي بفعل الجفاف. كما تسبب الجفاف في تراجع محصول الحمضيات بنحو 45%.
لكن مصالح الأرصاد الجوية الجزائرية، تتوقع أن يتواصل سقوط الأمطار إلى غاية نهاية ديسمبر/كانون الأول الجاري، بعدما سجلت تساقطاً تعدى مستوى نفس الشهر من العام الماضي بين 20 و60 مليمترا.
ويتوقع عبد اللطيف ديلمي، الأمين العام للاتحاد العام للمزارعين الجزائريين، أن "تسجل الجزائر إنتاجا وفيراً في الحبوب هذه السنة، وحتى في الحمضيات التي بدأ موسم جني محاصيل البرتقال والليمون وغيرها من المنتجات الزراعية".
ويقول عليوي لـ"العربي الجديد" إن "أغلب المزارعين في الجزائر يعتمدون على مياه الأمطار في عملية سقي المحاصيل، وهو ما يجعل التوقعات إيجابية مقارنة بالسنوات الماضية، إلا أن المخاوف الآن تحوم حول موجة الصقيع التي يمكن أن تفسد فرحة المزارعين لأنها تفسد كل شيء عادة".
وكانت الحكومة قد أطلقت عملية دعم عمليات الري بالنسبة لجميع الفلاحين المنتجين للزيتون والتفاح والخضروات في البيوت البلاستيكية، بالإضافة إلى محاصيل الحبوب كالقمح والشعير، إضافة إلى دعم الأعلاف، وذلك لمساعدتهم في مواجهة مخلفات موجة الجفاف التي مست البلاد طيلة فصلي الخريف والشتاء.
وتخص العملية الري والسقي بتقنية التقطير، كما تخص شراء مضخات الآبا، وتقدر كلفة الدعم بحوالي 120 ألف دينار (900 دولار)، فيما بلغ دعم إقامة الأحواض المائية بغشاء بلاستيكي 400 ألف دينار (2900 دولار)، كما سمحت الحكومة للمزارعين بحفر الآبار مجددا بعدما جمدت العملية السنوات الماضية.