قالت مصادر خاصة في وزارة الاقتصاد، لـ"العربي الجديد"، اليوم الثلاثاء، إنّ كميات من حليب الأطفال سُحِبَت من السوق قبل حوالي سنة ونصف السنة، بيد أن الموافقة على الإتلاف من جانب مجلس الإنماء والإعمار تأخرت فحصلت العملية أمس، الإثنين، مشيرةً إلى أن "وزارة الاقتصاد ستصدر بياناً تفصل فيه الوقائع كافةً وصولاً إلى عملية الإتلاف".
وانتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أمس الإثنين، صور تظهر تلف كمية كبيرة من حليب الأطفال في مستودع بإحدى المناطق في لبنان، من دون ذكر أي تفاصيل إضافية.
ويسود التكتم من جانب السلطات اللبنانية والأجهزة المعنية حتى الساعة حول تفاصيل عملية الإتلاف، ومكان المستودع وهوية مالكيه.
بالصور: 20 طن من حليب الأطفال مخبئة.. وتم تلفها بعد انتهاء صلاحيتها pic.twitter.com/ulLqgpDL9G
— Lebanon Times (@lebanontimes3) June 14, 2021
وعبّر لبنانيون عن امتعاضهم من هذه المشاهد، في ظل معاناة اللبنانيين من أزمة شحّ حليب الأطفال وانقطاع أصناف عدّة من المواد الغذائية الأساسية والسلع الاستهلاكية والأدوية لأسبابٍ عدّة، منها تخزين البضائع داخل المستودعات لطرحها لاحقاً في السوق وبيعها بأسعار مضاعفة وتحقيق أرباح خيالية، وخصوصاً المدعومة منها من جانب مصرف لبنان، بانتظار رفع الدعم عنها، إلى جانب التهريب.
تم تلف ٢٠ طن من حليب الاطفال.
— Alexandra† (@AlexandraAlad) June 15, 2021
اباء و امهات كل يوم كانوا يبرموا الدني على حليب لاولادن، في اطفال ما كانوا يناموا من الجوع.
شو كان صار لو بعت الحليب عال١٢٠٠٠ بدل ١٥٠٠٠؟ تاجر طميع و حقير و فاسد ! pic.twitter.com/cyOSs9s1wT
ويرى مواطنون أن أي تبرير من جانب السلطات اللبنانية لهذه الجريمة لن يكون مقنعاً أو يمرّ عليهم في وقتٍ يعيشون فيه أسوأ أزمة اقتصادية ومعيشية في تاريخ لبنان وتقف الدولة في موقع المتفرّج، لا بل المسهل لاحتكار التجار وجشعهم وعملياتهم غير الشرعية.
كما عبّروا عن استغرابهم كيف لكمية بهذا الحجم أن تبقى مكدسة على الرفوف وتشارف صلاحيتها على الانتهاء بينما الطلب يعد كبيراً على الحليب منذ بدء الأزمة وحتى اليوم.
وقالت مصادر بشركة "نستله" في لبنان، لـ"العربي الجديد"، إنّ "هذه المواد لم تكن مدعومة والطلب في تلك الفترة أي عامي 2018 و2019 لم يكن على قدر الكميات الموجودة والموزعة على السوق، على صعيد نيدو باللون الأحمر، والأمر نفسه ينطبق على نيدو باللون الأخضر، خصوصاً الأحجام الصغيرة، لذلك كانت البضائع تتكدس في السوق وعلى الرفوف".
وأضافت أن الشركة عادة ما تلجأ إلى سحب البضاعة من السوق قبل انتهاء صلاحيتها بمدة تحدد تبعاً لنوع المواد وتركيبتها من شهرين أو ثلاثة أو حتى ستّة أشهر، وخصوصاً "سيريلاك" وحليب "نيدو" باللون الأحمر والمخصص لأعمار من سنة إلى ثلاث سنوات، على أن تنقلَ إلى المستودعات بانتظار إتلافها.
وأشارت المصادر إلى أنّها لا تكسر أسعار الحليب خصوصاً بالأعمار المشار إليها عند قرب انتهاء صلاحيتها، وتفضل بدل ذلك سحب المواد من السوق.
ولفتت المصادر إلى أن الشركة لم تبع حليب الأطفال بالنوع المشار إليه منذ عام تقريباً في السوبرماركت، وتسلمه فقط للصيدليات تنفيذاً لقرار وزارة الصحة، كاشفة لـ"العربي الجديد"، أنّ الدعم سيرفع هذا الشهر عن حليب "نيدو" و"كليم" ومشتقاته الكريمية.
وفي وقتٍ لاحقٍ، أوضح روجيه ميغيرديتشيان الشريك الإداري في شركة Vivacity and Prodigy الموزعة لمنتجات الأغذية في لبنان بما فيها منتجات شركة نستله، أنه "في 14 يونيو/حزيران الجاري تم إتلاف منتجات حليب أطفال فوق عمر السنة في الموقع الرسمي لإتلاف الأغذية في الكرنتينا وذلك وفق القانون وتحت إشراف الهيئات والسلطات الرسمية المختصة والمعنية بالموضوع".
وأضاف، "سحبت هذه المنتجات من السوق قبل ثلاثة أشهر من تاريخ انتهاء صلاحيتها وذلك ليتم إتلافها وفق الأصول المتبعة الخاضعة لمعايير سلامة الغذاء وبعد الحصول على موافقة كل من مجلس الإنماء والإعمار ووزارة المالية"، مشيرة إلى أن "تاريخ صلاحية معظم هذه المنتجات يعود إلى عامي 2018 و2019 وأوائل عام 2020 أي قبل البدء ببرامج دعم منتجات الأغذية في لبنان".
وقال، "إن عملية الحصول على هذه الموافقات أخذت أكثر من سنة بسبب عوامل عدّة أهمها الإقفال التام للبلد بسبب فيروس كورونا وعوامل أخرى مرتبطة بوضع البلد".
على صعيدٍ آخر، تابع الرئيس اللبناني ميشال عون اليوم الثلاثاء خلال لقاءاته في قصر بعبدا الجمهوري الإجراءات التي اتخذت لمعالجة ازمة المحروقات والأدوية والمستلزمات الطبية وحليب الأطفال، حيث دعا الأجهزة والإدارات المختصة الى التشدد في ملاحقة المحتكرين ومستغلي الأوضاع الراهنة لرفع الأسعار وتحقيق أرباح غير مشروعة، بحسب ما أفاد بيان الرئاسة اللبنانية.
وتستمرّ أزمة البنزين في لبنان رغم التطمينات بـ"الانفراج" بعد الموافقة على الاعتمادات التي أعطاها مصرف لبنان لبواخر استيراد المحروقات وتوزيع الشركات المستوردة في السوق المحلي أمس الاثنين ما يقارب 12 مليون ليتر بنزين، حيث إن غالبية محطات الوقود في مختلف المناطق اللبنانية تشهد زحمة سيارات خانقة وطوابير طويلة للحصول على البنزين.
غالبية محطات الوقود في مختلف المناطق اللبنانية تشهد زحمة سيارات خانقة وطوابير طويلة للحصول على البنزين.
ويقول صاحب محطة وقود في بيروت لـ"العربي الجديد" إن الزحمة متوقعة يومياً حتى لو تأمنت المواد ووزعت على السوق باعتبار أن المحطات تملأ خزانات السيارات بكمية محدودة من البنزين، انطلاقاً من سياسة الترشيد والتقنين، أي أنها لن تكون كافية للمواطنين وخصوصاً العاملين الذي يتنقلون على الطرقات لساعاتٍ ويحاصَرون في الزحمة ما يحتم عليهم التوجه أكثر من مرّة إلى المحطة في اليوم نفسه.
تبعاً لذلك، يؤكد صاحب المحطة أن مشاهد الطوابير ستبقى طالما أن الحلول قصيرة المدى، ومؤقتة وتبقى خارج إطار سياسة الحلول الجذرية والخطة العامة الشاملة الواضحة المعالم.
وعلى صعيد أزمة سعر الصرف، يواصل الدولار تحليقه في السوق السوداء متخطياً اليوم حاجز 15500 ليرة لبنانية في مسار تصاعدي من المتوقع استمراره ولا سيما في ظلّ التطورات على صعيد الملف الحكومي، وآخرها نية رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري الاعتذار عن تشكيل الحكومة، في ظلّ الاتهامات المتبادلة مع الرئيس عون بالتعطيل، وأحدثها ما صدر اليوم عن المكتب الإعلامي في رئاسة الجمهورية الذي شنّ هجوماً غير مباشر على الحريري ورئيس البرلمان نبيه بري ضارباً بعرض الحائط مبادرته الحكومية.