إسرائيل تدفع تعويضات للمتضررين من الحرب الحالية تفوق ثلاثة أضعاف حروبها خلال 20 عاماً

10 أكتوبر 2024
عامل إسرائيلي في مصنع بمدينة عسقلان جنوب فلسطين المحتلة، 14 نوفمبر 2023 (فرانس برس)
+ الخط -

تزيد عمليات الاستدعاء الواسعة لجنود الاحتياط في إسرائيل للمشاركة في الحرب الواسعة على جنوب لبنان وقطاع غزة، من خسائر الاقتصاد في دولة الاحتلال، الذي يخسر شهريا 1.1 مليون ساعة عمل بتكلفة تقدر بنحو 900 مليون شيكل (242 مليون دولار)، فيما دفعت تعويضات للمتضررين من الحرب الحالية تفوق ثلاثة أضعاف حروبها خلال 20 عاماً، وسط تحذيرات من فاتورة مفتوحة مع استمرار الصراع ونذر توسعه إلى حرب مباشرة مع إيران.

وقفز عدد ساعات العمل الضائعة بسبب عمليات استدعاء جنود الاحتياط بمعدلات غير مسبوقة في نحو عشرين عاماً، إذ كان عبء جنود الاحتياط على الأنشطة الإنتاجية والخدمية منخفضا للغاية بما يقل عن 0.1% من إجمالي ساعات العمل في الاقتصاد بما يعادل حوالي 110 آلاف ساعة شهرياً قبل السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، إلا أنها انفلتت لتصل إلى 5% من إجمالي ساعات العمل، وفق تقرير حول "الوضع الوظيفي لجنود الاحتياط" بعد عام من الحرب، أعده باحثون من المعهد الإسرائيلي للديمقراطية، وفق تقرير لصحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية، أمس الأربعاء.

وأشار التقرير إلى أنه خلال الأشهر من أكتوبر/ تشرين الأول إلى ديسمبر/كانون الأول 2023 كان هناك 130 ألف عامل غائبين عن العمل شهرياً.

ويشير الباحث في المعهد الإسرائيلي كينيث بورتال إلى أن "هذا الحجم من الاحتياطيين غير مسبوق في العقدين الماضيين، ويشكل عبئاً ثقيلاً على ميزانية الجيش وأصحاب العمل على حد سواء".

وفي الأشهر الأولى من الحرب، كان عبء فقدان ساعات العمل مرتفعاً خصوصاً في صناعات الفن والترفيه بنسبة تصل إلى 14% من إجمالي ساعات العمل في هذه الأنشطة خلال أكتوبر/ تشرين الأول 2023 على سبيل المثال، والضيافة والطعام 12%، والبناء 11%)، وهي صناعات تعتمد على الشباب. وعانت الصناعات ذات التقنية العالية من انخفاض بنسبة 7%. وفي المقابل، تعرض قطاع التجارة لأضرار بلغت 1.7% فقط والقطاع العام 3.4%.

واعتباراً من يوليو/تموز 2024، كان العبء معتدلاً بالنسبة لجميع قطاعات الاقتصاد، وظل مرتفعاً نسبياً في قطاعي الضيافة والأغذية بنسبة خسارة بلغت 2.2% من إجمالي ساعات العمل. في حين فقدت صناعة التكنولوجيا الفائقة خلال هذه الفترة 1% من ساعات العمل، والقطاع العام 0.8%.

وقال بورتال إن "هذا التغيير في عبء الخدمة قد يؤدي إلى عواقب سلبية كبيرة على أصحاب الأعمال الصغيرة تحديداً، لأنه لا يجوز فصلهم وفق القانون". وأضاف أن الارتفاع الذي طرأ على عدد ساعات العمل التي يخسرها الاقتصاد الإسرائيلي بسبب استدعاء قوات الاحتلال يمثل عبئاً كبيراً على كل من المرافق الإنتاجية والخدماتية، وكذا على الجمهور الذي يتلقى هذه الخدمات.

غياب العمال العرب يفاقم الخسائر

ووفق التقرير فإن هناك ظاهرة أخرى مثيرة للقلق، تتمثل في أن أكثر من 22 ألف رجل عربي في سن العمل الأساسي (من 25 عاماً إلى 64 عاماً)، بما يعادل 5.7% من مجمل الرجال العرب في هذه الأعمار والذين عملوا قبل الحرب في إسرائيل، لم يعودوا إلى سوق العمل حتى يوليو/تموز 2024.

وفي السياق، قال جوردان كيدر، الباحث في المعهد الإسرائيلي للديمقراطية والذي شارك في إعداد التقرير، إن معدل تشغيل الرجال العرب انخفض من 78% إلى 72%، وهي ظاهرة مقلقة للغاية يمكن أن تضر بالوضع الاجتماعي والاقتصادي الضعيف أصلاً للمجتمع العربي.

ومما يفاقم من عبء خدمة قوات الاحتياط، أن دولة الاحتلال تدفع مخصصات للقوى البشرية التي تشغل المرافق الإنتاجية والخدماتية بعد استدعائها لخدمة الاحتياط، وفق تقرير لصحيفة "كالكاليست" الإسرائيلية، أمس. وأوضح التقرير أن الجندي الذي يخدم في قوات الاحتياط يكلف خزانة الدولة شهريا 45 ألف شيكل (12 ألف دولار)، حيث يشمل المبلغ المخصصات المالية التي يحصل عليها جندي الاحتياط وتكلفة نقله إلى ساحة الحرب ومتطلبات استيعابه في الوحدات العسكرية.

وتوقع التقرير أن يسهم تعاظم تكلفة استدعاء قوات الاحتياط للخدمة العسكرية في اضطرار حكومة الاحتلال مجدداً إلى تجاوز إطار الميزانية قبل نهاية العام الجاري 2024.

في السياق ذاته، ذكرت صحيفة "غلوبس" الاقتصادية أن الحكومة الإسرائيلية دفعت منذ بداية الحرب في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023 نحو 17 مليار شيكل (4.6 مليارات دولار) للأشخاص والمرافق التي تضررت مصالحهم من الحرب بشكل مباشر أو غير مباشر.

تعويضات غير مسبوقة في 20 عاماً

وأفادت الصحيفة بأن حجم التعويضات الذي دفعته دولة الاحتلال حتى الآن يفوق حجم التعويضات التي دفعت أثناء تفشي وباء كورونا الذي انتشر في 2020 ويفوق بثلاثة أضعاف حجم التعويضات التي دفعتها خلال كل الحروب التي شنتها إسرائيل منذ حرب لبنان الثانية في عام 2006. وأَضافت أن التعويضات دفعت للأشخاص وأرباب المرافق الذين تضررت بيوتهم ومرافقهم بشكل مباشر من إطلاق الصواريخ.

ولا تتوقف التكاليف التي يتحملها أصحاب الأعمال بسبب غياب العمال والموظفين لاستدعائهم للانضمام إلى الجيش، وإنما أيضا ارتفاع قيمة الأجور التي يدفعونها لمن بقي في العمل. ووفق بيانات المكتب المركزي للإحصاء، بلغ متوسط الأجر الشهري في إسرائيل 13138 شيكل (3515 دولارا) في أغسطس/آب 2024، بزيادة 5.3% عن نفس الشهر من العام الماضي.

وفي قطاع التكنولوجيا الحيوي بالنسبة للاقتصاد الإسرائيلي، بلغ متوسط الأجر الشهري في يوليو/تموز 2024 نحو 31508 شيكل (8400 دولار)، بزيادة 7.4% عن نفس الشهر من 2023، وهو ما يفوق معدل التضخم إلى حد كبير.

المساهمون