- السفير الفلسطيني السابق يصف الوضع بكارثة إنسانية، مؤكداً أن الهدف من سيطرة إسرائيل على المعابر هو عزل غزة نهائياً عن مصر وإحكام القبضة على القطاع.
- الحصار الإسرائيلي المستمر منذ 2006 والعدوان الأخير يفاقمان الوضع الإنساني في غزة، مع نقص حاد في السلع الأساسية وتصاعد التوترات الإقليمية بسبب اقتحام معبر رفح.
جريمة تجويع جديدة ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي ضد غزة بعد عزل رفح عن مصر وإغلاق المعبر البري الذي كان يعتمد عليه القطاع بشكل رئيسي لإمداده بالغذاء والوقود.
وفي هذا السياق، قال المتحدث باسم مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة، ينس لايركه، خلال مؤتمر صحافي في جنيف أمس الثلاثاء، إن إسرائيل أغلقت معبري رفح وكرم أبو سالم أمام عبور المساعدات والأفراد ضمن ما أسمته عملية عسكرية "محدودة النطاق" في رفح حيث يحتمي أكثر من مليون نازح.
وأضاف: "الشريانان الرئيسيان لإدخال المساعدات إلى قطاع غزة مغلقان الآن" فيما وكالات الأمم المتحدة ليس لديها سوى مخزونات قليلة جداً داخل قطاع غزة نظراً لاستهلاك الإمدادات الإنسانية أولاً بأول. وقال كذلك إن مخزون الوقود في القطاع لا يكفي إلا ليوم واحد. وتابع: "منع دخول الوقود إلى غزة لفترة طويلة يقضي على عملية الإغاثة الإنسانية في القطاع".
وفي هذا الإطار، وصف سفير فلسطين السابق بالقاهرة، بركات الفرا، سيطرة قوات الاحتلال الإسرائيلي على غزة بأنها كارثة إنسانية جديدة تضاف للجرائم التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي في عدوانه الوحشي المتواصل على أبناء الشعب الفلسطيني، مؤكداً أن الهدف من ورائه احتلال قطاع غزة وإحكام قبضته عليه بالكامل.
وأوضح الفرا في تصريح لـ"العربي الجديد" أن سيطرة الاحتلال على بوابات العبور في رفح الفلسطينية تستهدف إنهاء الارتباط الوحيد بين فلسطين ومصر لتصبح هي المتحكمة في المعابر كافة، مشيراً إلى أن العدوان جاء مقدمة للسيطرة على ممر صلاح الدين ومحور فيلادلفيا الممتد من بوابات المعبر حتى ساحل البحر المتوسط بطول 14 كيلومتراً، لتتمكن من عزل غزة نهائياً عن مصر، ويصبح من المستحيل على الفلسطينيين الدخول والخروج من غزة من دون تحكم شامل وموافقة مسبقة من سلطة الاحتلال.
وقال الفرا إن سيطرة إسرائيل على المعابر مع مصر ستؤدي إلى كارثة مأساوية. ودعا السلطات المصرية إلى سرعة التدخل بإبعاد جنود الاحتلال عن معبر رفح والالتزام بما توصلت إليه المفاوضات، أول من أمس الاثنين، بشأن الوقف الدائم للقتال والبدء بتحرير الأسرى من الطرفين، وإدخال المساعدات الإنسانية بصفة عاجلة قبل تزايد المجاعات وتفشي الأمراض الخطيرة بين المحاصرين داخل القطاع.
وأكد السفير الفلسطيني السابق بالقاهرة أن احتلال معابر غزة كان أمراً متوقعاً منذ ثلاثة أشهر مع إصرار إسرائيل على اقتحام رفح وإخلاء ممر صلاح الدين ومحور فيلادلفيا لإخراج غزة بأيّ طريقة من محيطها العربي وإنهاء الوجود الفلسطيني.
وشهدت المناطق الحدودية بين مصر وقطاع غزة ارتباكاً حاداً أدى إلى توقف عمليات دخول قوافل المساعدات الإنسانية المصطفة أمام منفذي رفح وكرم أبو سالم من الجانب المصري، إلى حين اتضاح الرؤية ومتابعة آثار العدوان الإسرائيلي المستمر على المناطق الحدودية المتاخمة لمصر.
وصبّت توقعات في اتجاه تزايد عدد الشاحنات التي ستدخل غزة إلى 600 شاحنة يومياً، منها 50 شاحنة وقود وفقاً لاتفاق وقف إطلاق النار الذي وافقت عليه "حماس" مساء الاثنين الماضي بضمانة مصرية قطرية، حسب مصادر لـ"العربي الجديد".
وطلبت السلطات الأمنية من الجمعيات الأهلية التي أعدت قوافل من تبرعات المواطنين للذهاب إلى العريش، عدم السفر اعتباراً من الثلاثاء إلى شبه جزيرة سيناء وتسليم ما لديهم من تبرعات وشاحنات جاهزة بالمساعدات إلى أحد المقار الأمنية بمدينة نصر شرق القاهرة لتتولى الأجهزة السيادية نقلها إلى رفح المصرية، وانتظار إدخالها بالتعاون مع الهلال الأحمر المصري والمنظمات الدولية في غزة.
ويعيش الفلسطينيون في قطاع غزة أسوأ فصول الحصار الإسرائيلي المفروض عليهم منذ عام 2006، بفعل تزامنه مع حرب الإبادة المعيشية وغياب السلع الأساسية والمواد الغذائية منذ بدء العدوان الذي دخل شهره الثامن. واستهدف الاحتلال قطع المياه والكهرباء وجميع الخدمات الأساسية منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
من جانبه، قال الخبير في الشؤون الإسرائيلية - المصرية، محمد سيف الدولة، إن دخول قوات الاحتلال معبر رفح اعتداء صارخ على معاهدة السلام الموقعة مع مصر عام 1979 والاتفاقيات المترتبة عليها، وخاصة تلك المتعلقة بترسيم الحدود ونشر القوات العسكرية وشبه المسلحة على امتداد الحدود بين الطرفين.
وأضاف سيف الدولة لـ"العربي الجديد" أن اقتحام المعبر سيؤدي إلى إنهاء الوجود المصري في محور فيلادلفيا والذي توافقت عليه مصر مع دولة الاحتلال منذ عام 2005، حيث حصلت إسرائيل على شريط حدودي بعرض ثلاثة كيلومترات يمتد من طابا إلى جنوب رفح، لا يسمح بوضع الدبابات داخله، مع نشر أربعة آلاف جندي بأسلحة خفيفة شخصية أسوة بالمنطقة "ب" وسط سيناء، مقابل إدارة الجانب المصري شؤون معبر رفح ومحور فيلادلفيا مع السلطة الفلسطينية.