تدرس إدارة الرئيس جو بايدن السحب من الاحتياطي النفطي الاستراتيجي الأميركي لدفع أسعار النفط للتراجع بالتعاون مع الدول الكبرى المستهلكة مثل الصين واليابان.
ويقول محللون إنه ربما لا يكون لمثل هذه الخطوة أثر على المدى البعيد في تهدئة ارتفاع أسعار النفط الأميركية التي بلغت أعلى مستوى منذ 7 سنوات متجاوزة 85 دولارا للبرميل في أواخر أكتوبر/تشرين الأول الفائت.
ومن الممكن أن يتيح طرح كمية من الاحتياطي النفطي في الأسواق لإدارة بايدن اتقاء انتقادات قبل انتخابات الكونغرس النصفية في 2022 بأنها لم تبذل جهدا يذكر للتصدي لارتفاع الأسعار.
وربما يتيح التحرك بالتعاون مع كبار المستهلكين، مثل الصين واليابان، لبايدن أن يقول إنه لم يقف مكتوف اليدين بعد أن قاومت السعودية وروسيا، العضوان في تكتل "أوبك+"، المطالب الأميركية بضخ المزيد من النفط في الأسواق العالمية.
وفيما يلي إجابات على بعض التساؤلات حول الاحتياطي الاستراتيجي:
لماذا كوّنت الولايات المتحدة الاحتياطي النفطي الاستراتيجي؟
بدأت الولايات المتحدة تكوين الاحتياطي النفطي الاستراتيجي في 1975 بعد أن أدى حظر النفط العربي إلى ارتفاع أسعار البنزين وألحق الضرر بالاقتصاد الأميركي.
ولجأ بعض الرؤساء إلى السحب من الاحتياطي لتهدئة أسواق النفط خلال أوقات الحرب أو عند حدوث أعاصير تسببت في تعطل البنية التحتية النفطية على امتداد الساحل الأميركي على خليج المكسيك.
ما هو حجم النفط في الاحتياطي الاستراتيجي؟
يبلغ حجم الاحتياطي الاستراتيجي حوالي 606 ملايين برميل مخزنة في كهوف بأربعة مواقع شديدة الحراسة على سواحل لويزيانا وتكساس. وتكفي هذه الكمية لسد الطلب الأميركي لفترة تزيد على الشهر.
وتحتفظ الولايات المتحدة أيضا بكميات صغيرة من وقود التدفئة والبنزين في شمال شرقي البلاد.
ما هي البلاد الأخرى التي تملك احتياطيا استراتيجيا؟
بخلاف الولايات المتحدة يتعين على الدول الأخرى الأعضاء في وكالة الطاقة الدولية، وعددها 29 دولة من بينها بريطانيا وألمانيا واليابان وأستراليا، الاحتفاظ باحتياطيات من النفط للطوارئ تغطي صافي الواردات لفترة 90 يوما. وتملك اليابان واحدا من أكبر الاحتياطيات بعد الصين والولايات المتحدة.
والصين عضو منتسب بوكالة الطاقة الدولية وهي ثاني أكبر الدول المستهلكة للنفط في العالم. وقد كونت احتياطيها النفطي الاستراتيجي قبل 15 عاما وأجرت أول مزاد لبيع كميات من الاحتياطي في سبتمبر/أيلول.
وتحتفظ الهند العضو المنتسب أيضا بوكالة الطاقة الدولية، وثالث أكبر الدول المستوردة والمستهلكة للنفط، باحتياطي استراتيجي.
وتقول وكالة الطاقة الدولية إن إجمالي الاحتياطيات لدى حكومات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية تجاوز 1.5 مليار برميل في سبتمبر/أيلول. ويفي ذلك بالطلب العالمي لفترة 15 يوما تقريبا قبل جائحة كورونا.
هل يمكن أن تسحب هذه الدول من احتياطياتها في وقت واحد؟
يمكن لرؤساء الولايات المتحدة تنسيق السحب من الاحتياطي الاستراتيجي مع خطوات مماثلة من الدول الأخرى الأعضاء في وكالة الطاقة الدولية في آن واحد.
أما مشاركة الصين والهند في السحب من الاحتياطي فستكون المرة الأولى من نوعها التي تنسق فيها الولايات المتحدة عملية السحب بمشاركة هاتين الدولتين.
كيف يصل النفط من الاحتياطي الاستراتيجي إلى الأسواق؟
لقرب موقعه من مراكز تكرير النفط والبتروكيميائيات الكبرى في الولايات المتحدة، يمكن ضخ ما يصل إلى 4.4 ملايين برميل يوميا من الاحتياطي الاستراتيجي. وتقول وزارة الطاقة إن وصول النفط للسوق الأميركية يمكن أن يستغرق 13 يوما فحسب من صدور قرار رئاسي.
وعادة ما تُجري وزارة الطاقة مزادا عبر الإنترنت تتقدم فيه شركات الطاقة بعروض لشراء النفط. وبمقتضى ترتيب مبادلة، يمكن لشركات النفط تسلم النفط الخام لكنها تكون مطالبة برده بالإضافة إلى فائدة.
وقد أصدر رؤساء أميركيون تفويضا بطرح مبيعات للطوارئ من الاحتياطي الاستراتيجي 3 مرات كان أحدثها عام 2011 خلال الصراع الذي تفجر في ليبيا العضو في منظمة "أوبك". وسبق ذلك طرح كميات خلال حرب الخليج عام 1991 وبعد الإعصار "كاترينا" عام 2005.
كما حدثت مبادلات كثيرة كان آخرها في سبتمبر/أيلول بعد الإعصار "أيدا".
ما هو دور وكالة الطاقة الدولية في الاحتياطيات الاستراتيجية الوطنية؟
تساهم وكالة الطاقة في تنسيق السحب من الاحتياطي في الدول الأعضاء وتوفر بيانات عن مستويات المخزونات وتؤدي أدوارا أخرى.
وتوجد 3 طرق للاحتفاظ باحتياطيات استراتيجية تفي بمعيار التسعين يوما وفقا لموقع الوكالة الإلكتروني. وتتمثل في الاحتياطيات التجارية لدى شركات التكرير والاحتياطيات لدى الحكومات والوكالات الحكومية. ولكل دولة أن تختار توزيع الكمية المطلوبة على أنواع الاحتياطيات الثلاثة.
وتقول الوكالة أيضا إن من الممكن العمل بتدابير للحد من الطلب أو المساعدة في توفير الإمدادات. وقد تشمل هذه التدابير دعوات للحد طوعا من استهلاك الوقود، أو الانتقال من نوع من الوقود إلى نوع آخر ومن ذلك التحول من النفط إلى الغاز في توليد الكهرباء، أو زيادة الإنتاج للاستفادة سريعا من المخزون في باطن الأرض.
كما تقول الوكالة إن تخفيف المعايير البيئية يمكن أن يساهم أيضا في تحقيق مزيد من المرونة في الإمدادات.
تجاوب آسيوي مع الضغط الأميركي
قالت أكبر اقتصادات عالمية يوم الخميس، إنها تدرس السحب من احتياطياتها النفطية الاستراتيجية بعد طلب نادر من الولايات المتحدة باتخاذ خطوة منسقة لتهدئة أسعار الطاقة العالمية.
وقال مكتب الاحتياطي الحكومي في الصين لـ"رويترز" إنه يتحرك من أجل السحب من احتياطياته من الخام، وإن امتنع عن التعقيب على الطلب الأميركي.
وذكر مسؤول في وزارة الصناعة اليابانية أن واشنطن طلبت من طوكيو التعاون في التعامل مع أسعار النفط المرتفعة، لكنه لم يستطع تأكيد إن كان الطلب يشمل استخداما منسقا للاحتياطيات، وإن أضاف أن القانون يمنع اليابان من السحب من الاحتياطي لخفض الأسعار.
كما أكد مسؤول في كوريا الجنوبية أن الولايات المتحدة طلبت من سول استخدام بعض احتياطيات النفط.
وذكر مصدر في المجموعة، طلب عدم ذكر هويته، أنه سيكون من المثير للدهشة استخدام بعض المخزونات بهدف خفض الأسعار وليس بهدف سد عجز في الإمدادات.
وقال مصدر آخر في "أوبك+" إن استخدام بعض الاحتياطيات الاستراتيجية "غير ضروري نظرا لأن حالات كوفيد في ازدياد ومن المؤكد أنه سيجري فرض إجراءات احتواء حديدة، الأمر الذي سيقلص الطلب على النفط ويؤثر على الأسعار"، فيما أشار مصدر ثالث إلى أن السحب من الاحتياطيات سيكون له "أثر محدود".