استمع إلى الملخص
- يحاول الرئيس التنفيذي ماكوتو أوشيدا معالجة الأزمة بخفض توقعات الأرباح وبيع جزء من حصة نيسان في ميتسوبيشي، مع تحديات كبيرة في سداد الديون المتزايدة.
- قد تعتمد نيسان على شراكاتها مع رينو وهوندا، حيث أعادت تنظيم تحالفها مع رينو وتعاونت مع هوندا وميتسوبيشي لتطوير السيارات الكهربائية.
أنقذها من الهلاك سابقاً رجل الأعمال اللبناني الأصل كارلوس غصن بشراكة مع رينو الفرنسية، وها هي نيسان اليابانية مجدداً في أزمة مالية خانقة. فما الحكاية؟ بحسب تقرير أوردته "بلومبيرغ" يوم الأربعاء، تكافح شركة نيسان موتور من أجل البقاء مرة أخرى، حيث أصبحت إحدى العلامات التجارية الرائدة في اليابان على وشك الانهيار، بعدما تسبب ضعف المبيعات في الولايات المتحدة والصين بخسائر فادحة تركت كبار المسؤولين التنفيذيين بلا خيار سوى شطب قسم من الوظائف، وخفض خُمس القدرة التصنيعية، والحد من توقعات أرباحها السنوية.
وتأتي الأزمة المالية المستجدة بعد أزمة خطرة شهدتها "نيسان" قبل نحو 25 عاماً وقد عالجتها شركة صناعة السيارات الفرنسية "رينو إس إيه" التي تدخلت بضخ نقدي وأرسلت من كان يُسمّى بـ"قاتل التكلفة" كارلوس غصن الذي أدار تحوّلاً دراماتيكياً وأعادها إلى الربحية والاستقرار. إلا أن الأوقات الجميلة لم تستمر، فقد تصاعدت التوترات بين غصن وبعض كبار المسؤولين التنفيذيين في "نيسان"، وفقاً لتقرير "بلومبيرغ"، ما أدى بنهاية المطاف إلى اعتقال غصن عام 2018 قبل أن يفر إلى لبنان أواخر عام 2019، مؤكداً أنه كان ضحية مؤامرة بين المسؤولين التنفيذيين في "نيسان"، عازياً هروبه إلى ما أسماه نظام العدالة "المزوّر" في اليابان.
والآن، يحاول الرئيس التنفيذي ماكوتو أوشيدا وقف النزيف في الميزانيات العمومية، وصد المستثمرين النشطين وإحياء العلامة التجارية، في وقت خفضت "نيسان" توقعات أرباحها التشغيلية للسنة المالية الحالية بنسبة 70% إلى 150 مليار ين (989 مليون دولار) من 500 مليار ين، عندما أعلنت عن أرباح ربع سنوية في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي. كما انخفض الدخل الصافي 94% خلال النصف الأول.
وهذا ما دفع بالشركة، الشهر الماضي، إلى إعلان نيتها بيع نحو ثلث حصتها في شريكتها "ميتسوبيشي موتورز كورب" بقيمة نحو 69 مليار ين، عندما جرى الإعلان عن الخطة، بعد حرق ما يقرب من 450 مليار ين خلال الفترة نفسها التي دامت ستة أشهر، علماً أن لدى "نيسان" نحو عام من مساحة التنفس، قبل الوصول إلى جدار استحقاق السندات القياسي.
ديون "نيسان" ومبيعاتها بالأرقام
تبلغ ديون شركة صناعة السيارات وشركات مجموعتها نحو 1.6 مليار دولار مستحقة العام المقبل، بانخفاض طفيف عن عام 2024، لكن الرقم سيقفز إلى نحو 5.6 مليارات دولار عام 2026، وهو أكبر مبلغ وارد في بيانات "بلومبيرغ" التي تعود إلى عام 1996. وكانت مبيعات "نيسان" في انخفاض لبعض الوقت في اليابان والصين والولايات المتحدة، أكبر وأهم أسواقها، فيما تعمل مجموعة المنتجات القديمة وتراكم المخزون على تغذية دورة تهدد بتسريع تراجع شركة أداء صناعة السيارات.
وحتى عندما تسير الخطط على ما يرام، يمكن أن تتجه الأمور إلى منعطف خاطئ. فقد أطلقت "نيسان" أول سيارة كهربائية في العالم للسوق الشامل باسم "ليف" (Leaf) والتي طُرحت للبيع عام 2010. لكنها لم تتمكن أبداً من الاستفادة وإنشاء نموذج عالمي مثلما فعلت شركة تويوتا موتور كورب بسيارتها الهجينة بريوس. والآن، لا تملك "نيسان" السيارات الكهربائية أو الهجينة للتنافس في الولايات المتحدة أو الصين.
ما أسباب خفض "نيسان" إنتاجها؟
بحسب تقرير "بلومبيرغ"، فإن من بين عناصر خطة أوشيدا الممتدة لثلاث سنوات لتنشيط الأعمال، تعهّد ببيع مليون سيارة إضافية سنوياً بحلول عام 2027. وبعد أقل من عام، يبدو هذا بالكاد في متناول اليد، كما أشار أوشيدا في أوائل نوفمبر، عندما قال إن "تحقيق أهداف مبيعاتنا سيكون تحدياً". وقد خفّضت "نيسان" توقعات إنتاجها ومبيعاتها للسنة المالية المنتهية في مارس/آذار 2025، بعد خفض التوقعات في كل من أسواقها الرئيسية، بما في ذلك أميركا الشمالية والصين واليابان وأوروبا. وهي تتوقع الآن، تصنيع نحو 3.2 ملايين مركبة وبيع 3.4 ملايين.
لكن في يونيو/حزيران الماضي، أعلنت الشركة أنها ستوقف الإنتاج في مصنع في تشانغتشو بسبب ضعف المبيعات. وقد انخفض سهمها 47% منذ تولى أوشيدا منصب الرئيس التنفيذي في الأول من ديسمبر/كانون الأول 2019، وهو أسوأ أداء للأسهم تحت قيادة أي مدير في الشركة منذ خمسة عقود على الأقل، وفقاً لبيانات جمعتها "بلومبيرغ".
هل يستطيع أحد إنقاذ "نيسان" بعد كارلوس غصن؟
وبعدما أنقذها كارولس غصن سابقاً، قد تضطر "نيسان" في هذه المرحلة، إلى الاعتماد على أحد شريكيها الاستراتيجيين: "رينو" و"هوندا موتور"، إذ لم يوفر بيع جزء من حصتها في "ميتسوبيشي" الكثير من الراحة لها، لكن تبادل الأسهم مع "رينو" أو "هوندا" قد يحل المشكلة، ولو مؤقتاً على الأقل.
وفي عام 2023، أعادت "نيسان" و"رينو" تنظيم تحالفهما الذي دام عقوداً. وخفضت "رينو" حصتها في "نيسان"، ووضعت خططاً لطرح مجموعة من الموديلات الجديدة، بالتعاون مع شريك التحالف الصغير "ميتسوبيشي". كما أبرمت "نيسان" و"هوندا" صفقة أولية في مارس 2024، للعمل مع "ميتسوبيشي" على تطوير برامج داخلية وبطاريات ومكونات أخرى للسيارات الكهربائية. وبينما لم تكشف التفاصيل بعد، فإن هذا من شأنه أن يضع الثلاثي في مواجهة "تويوتا" وشراكاتها مع "سوبارو كورب" و"سوزوكي موتور كورب" و"مازدا موتور كورب".