يبدو أن أزمة رفع الأجور الطبية في الأردن، التي دخلت حيز التنفيذ اعتباراً من السبت الماضي، تتسع دائرتها بشكل متسارع لتشمل نقابات مهنية، ومؤسسات مجتمع مدني، وأعضاء في البرلمان، اعتراضاً على تلك الزيادة التي وصلت، بعد التطبيق على أرض الواقع، إلى أكثر من 200% لبعض الحالات.
وفي الوقت الذي أعلنت فيه نقابة الأطباء، التي قررت رفع الأجور الطبية ووافقت عليها وزارة الصحة ضمناً، بعد السماح بنشرها في الجريدة الرسمية الحكومية، تمسّكها بزيادة الأجور الطبية ومطالبة أعضائها الأطباء بالالتزام بها تحت طائلة المسؤولية والتحويل إلى المجالس التأديبية الخاصة بها، بدت شركات التأمين أكثر اعتراضاً على الإجراءات المصاحبة لذلك، وخاصة ما يتعلق بإلزام الأطباء بتقاضي الأجور نقداً مباشرة، ما عدّته الشركات ضربة لها، وانقلاباً على العقود التأمينية التي توفرها للمؤمنين لديها.
وعلى الجهة المقابلة، دخلت نقابات مهنية ومؤسسات مجتمع مدني على خط الأزمة من خلال تعميم نقابة الصيادلة على الصيدليات بعدم التعاون مع بعض النقابات والهيئات الأخرى، في إجراء يفهم منه، بحسب مراقبين، مناصرة نقابة الأطباء في مساعيها للتطبيق الكامل لرفع الأجور. كما أعلنت نقابة الأطباء تحويلها مدير عام مستشفى خاص إلى مجلسها التأديبي، الذي يعدّ بمثابة محكمة خاصة للنقابة، وذلك إثر رفضه رفع الأجور الطبية، وتوعّدت غيره من الأطباء في حال عدم الالتزام.
شكاوى من الأجور الطبية
وذكر مواطنون لـ"العربي الجديد" أنهم بدأوا يشعرون بالارتفاع الكبير في أسعار الأجور الطبية في الأردن، حيث بلغت كشفية طبيب الاختصاص 141 دولاراً، وشمل الارتفاع مختلف المعالجات والمراجعات الطبية، مما يحد من قدرة الأشخاص على تلقي الرعاية الصحية اللازمة.
وأعلنت الجمعية الأردنية للتأمينات الصحية في الأردن والاتحاد الأردني لشركات التأمين في بيان مشترك بدء تطبيق الزيادات على الزيارات والمعالجات الطبية اعتباراً من السبت الماضي. وقال البيان إن كشفية الطبيب العام ستزيد بنسبة 100%، وكشفية طبيب الاختصاص بنسبة 50%. وأضاف أنه ستجري زيادة أجور الأطباء عن الإجراءات الواردة في لائحة أجور 2008 (باستثناء أجور الأشعة) بنسبة 20% للسنة الأولى، على أن تتبعها زيادة لاحقة في السنة الثانية.
أما بالنسبة للإجراءات الطبية الجديدة غير الواردة في لائحة أجور 2008، أشار البيان إلى أنه سيجري اعتماد مسودة لائحة أجور 2021 مع نسبة تخفيض 50% عليها. وأثارت تسعيرة الأجور الطبية الجديدة جدلاً منذ عدة أشهر، حيث جرى اقتراحها في السابق، وسحبها في حينه، وأعيد تمريرها مؤخراً. وحذر مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية من التداعيات السلبية للنزاع القائم بين نقابة الأطباء الأردنيين وشركات التأمين حول لائحة الأجور الطبية الجديدة، التي بدأ العمل بها يوم السبت الماضي. وأكد المركز أن المواطن الأردني هو المتضرر الأكبر من هذا النزاع.
وقال رئيس المرصد العمالي الأردني، أحمد عوض، لـ"العربي الجديد" إن شريحة كبيرة من المواطنين ستتأثر بشكل كبير برفع الأجور الطبية والخلافات الدائرة بين نقابة الأطباء وجهات أخرى، ما يهدد واقع الرعاية الصحية في الأردن، وعدم المقدرة على تلبية متطلبات الإنفاق عليها. وأضاف أنه يجب تدخل الجهات ذات العلاقة لمعالجة الأزمة، والعمل على إعادة النظر بالأجور الطبية، فمن غير المعقول ارتفاعها بتلك النسب في الوقت الذي يعاني فيه المواطن الأردني من صعوبات معيشية، ولن يكون بمقدوره الإنفاق على الرعاية الصحية.
وطالبت كتلة حزب جبهة العمل الإسلامي في مجلس النواب الأردني الحكومة بتوفير التأمين الصحي الشامل لجميع المواطنين، وذلك في سياق طرحها برنامج عمل للمرحلة المقبلة.