اتهامات بسبب إخراج العملة الصعبة من اليمن

21 نوفمبر 2024
مركز صرافة في صنعاء، 16 أغسطس 2021 (Getty)
+ الخط -

يتزايد الجدل في اليمن في ظل اتهامات للحكومة المعترف بها دوليًا بإخراج مبالغ ضخمة من العملة الصعبة إلى خارج البلاد، وتأثير ذلك على تردي الوضع الاقتصادي. في هذا السياق، تداول ناشطو وسائل التواصل الاجتماعي وثائق رسمية تكشف عما قالوا من أن الحكومة المعترف بها دوليًا تمارس الفساد عبر تهريب مئات الملايين من العملة الصعبة إلى خارج البلاد، في ظل أزمة اقتصادية خانقة تعاني منها البلاد.

وتكشف الوثائق التي جرى تداولها على نطاق واسع إخراج 690 مليونًا و272 ألفًا و294 دولارًا، أي ما يعادل 2 مليار و588 مليونًا و521 ألف ريال سعودي، خلال العام الماضي. كما كشفت الوثائق عن إخراج 2 مليار و463 مليونًا و750 ألف ريال سعودي منذ بداية العام، وهذه المبالغ أخرجت من منفذ واحد هو مطار عدن الدولي، دون حساب المبالغ التي جرى إخراجها من المنافذ الجوية والبحرية والبرية الأخرى.

وبحسب الوثائق، فإن المبالغ في العام 2023 أُخرجت عبر بنك التسليف التعاوني والزراعي، وبنك القطيبي، وبنك عدن، والبنك الأهلي. كما تضمنت الوثائق توجيهات من محافظ البنك المركزي في عدن، أحمد بن أحمد غالب المعبقي، إلى مدير عام مطار عدن الدولي بالسماح بإخراج مبالغ مالية تعود لبنك التسليف التعاوني والزراعي، وأخرى لبنك القطيبي.

إلى ذلك، سارع البنك المركزي اليمني في العاصمة المؤقتة عدن، الأربعاء، لنفي الأنباء التي تحدثت عن تهريبه للأموال بالعملة الصعبة إلى الخارج، مؤكدًا أنها "أموال تابعة للبنوك المرخصة في اليمن لتغطية استيراد المواد الغذائية والدوائية".

تبرير إخراج العملة الصعبة

وقال البنك المركزي اليمني، في بيان له، إن المبالغ المرحّلة عبر المنافذ الرسمية بترخيص من البنك تخص البنوك المرخصة والعاملة في الجمهورية اليمنية، والتي لها حسابات مفتوحة في البنوك المراسلة في بلدان استقبال هذه المبالغ، مشيرًا إلى أن "هذه المبالغ تستخدم لتغطية حاجات عملائها لتمويل استيراد المواد الغذائية والدوائية والخدمات الأخرى التي يحتاجها البلد".

واستهجن مصدر مسؤول في البنك ما نُشر في بعض مواقع التواصل تحت عنوان "بلاغ إلى النائب العام حول قيام البنك المركزي بتهريب الأموال بشوالات عبر المنافذ الرسمية وتحت توقيع المحافظ"، لافتًا إلى أن "ما ورد يكشف الجهل الفاضح لكاتب المنشور بالنظم المالية والمصرفية، وحركة نقل الأموال بين البلدان، وما تخضع له من إجراءات بموجب قوانين مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب من الدول المرحِّلة لتلك الأموال والدول المستقبلة لها، وهي دول صارمة في تطبيق هذه المعايير". وأكد أن "الدول التي تُرحّل لها البنوك اليمنية بغرض تغذية حساباتها في البنوك المراسلة تمتاز بصرامتها وعدم تهاونها مع أي أنشطة غير قانونية".

وأضاف البيان أن "تعمد استغفال الرأي العام عبر عرض مضلل للوقائع ومحاولة توصيف عملية الترحيل القانوني عبر المنافذ الرسمية للدولة بأنها تهريب، وما ينطوي عليه هذا الافتراء الزائف من إدانة لجميع أجهزة الدولة التي تدير وتتحكم بتلك المنافذ، وأهمها مطار عدن الدولي، يُعدّ استغفالاً لا يمكن فهمه في الظروف الحالية للبلد إلا ضمن عملية تخريب تستوجب المساءلة والمحاسبة".

وأوضح البيان أنه "لا يُصدر ترخيص من البنك المركزي بترحيل أي شحنة حتى تخضع لجميع إجراءات التحقق، وتطبيق كل معايير الالتزام عبر وحدة جمع المعلومات وقطاع الرقابة على البنوك"، لافتاً إلى أن البنك المركزي اليمني منذ تأسيسه يصدر تراخيص للبنوك بترحيل فوائضها من العملات وفقًا للإجراءات المتبعة، وكانت المبالغ المُرحّلة قبل الحرب تفوق 11 مليار ريال سعودي من مختلف العملات.

تلاعب في الملف؟

الباحث الاقتصادي عمار الصراري قال إن عملية إخراج العملة الصعبة من البلاد "تمثل حدثًا خطيرًا جدًا يزيد من التلاعب بسعر الصرف وحركة رؤوس الأموال، ويزيد من تداول العملة الأجنبية في السوق السوداء، وهذا من شأنه زيادة الانهيار الاقتصادي في ظل ما تعانيه البلاد من انهيار متسارع وغير مسبوق لسعر الصرف، ولجوء البنك المركزي لبيع مزادات من أجل ضخ العملة الصعبة للسوق في ظل انعدام السيولة".

وأضاف الباحث الاقتصادي أن "هناك تلاعبًا في هذا الملف من خلال انتشار محلات الصرافة غير القانونية وغير المرخصة، والتي تنتشر في المحافظات المحررة التابعة للحكومة الشرعية، وتقوم هذه المحلات بسحب العملة الصعبة من السوق وتهريبها خارج البلاد، وكذلك التلاعب بسعر الصرف في ظل غياب الرقابة من الجهات المسؤولة".

الناشط السياسي مراد الحداد قال لـ"العربي الجديد" إن عملية تهريب العملة الصعبة إلى خارج البلاد "يقف وراءها لوبي كبير من المسؤولين الذين يقومون بتهريب العملة الصعبة للخارج بغرض شراء عقارات في تركيا ومصر، والإحصائيات التي تتحدث عن ذلك مهولة، حيث تصدّر اليمنيون بكونهم ثالث جنسية في قائمة الجنسيات العربية الأكثر تملكًا للعقارات في تركيا للعام 2021، بإحصائية بلغت (1332) وحدة مباعة".

وأشار الناشط السياسي إلى أن "من مظاهر فساد الحكومة الشرعية في هذا السياق دفع رواتب وإعاشات 2000 مسؤول حكومي خارج البلاد بالعملة الصعبة، وتصل رواتبهم إلى 43 مليون دولار شهريًا، أي 408 ملايين دولار سنويًا، وهذا المبلغ يمثل حوالي 25% من ميزانية الدولة"، وفقًا لما كشف عنه محمد حسين حلبوب، رئيس مجلس إدارة البنك الأهلي اليمني في عدن. وتابع أن هذا الاستنزاف لخزينة الدولة من العملة الصعبة "يزيد من الطلب على العملة الصعبة، وينعكس سلبًا على قيمة العملة المحلية التي وصل سعر صرفها إلى 2050 ريالاً مقابل الدولار، وبالتالي زيادة التضخم، وارتفاع الأسعار، وانخفاض القدرة الشرائية للمواطن الذي يُعدّ المتضرر الأول من هذا العبث".

المساهمون