عانى الاقتصاد الروسي من تحديات مصيرية بسبب الحرب والعقوبات الدولية، إلا أن التوقعات المتفائلة فيما يخص الطلب على النفط بدت وكأنها تلقي بطوق الإنقاذ للاقتصاد المتعثر، بعد أن تسببت في تخطي سعر خام الأورال حاجزاً كبيراً للمرة الأولى منذ الخامس من ديسمبر/كانون الأول.
وفرضت الدول السبع الكبرى حداً أقصى لسعر برميل النفط الروسي عند 60 دولارًاً لتحقيق هدفين؛ الأول هو الحد من عائدات موسكو من الطاقة التي يتم توجيهها إلى الحرب مع أوكرانيا، والآخر هو السماح للنفط الروسي بالاستمرار في التدفق إلى الأسواق، مما يحد من ارتفاع الأسعار العالمية للنفط.
لكن أسعار الخام الروسي في الأورال تجاوزت سقف الأسعار يوم الثلاثاء الماضي، مسجلةً 60.32 دولارًا للبرميل، وهو أعلى مستوى لها منذ منتصف نوفمبر/تشرين الثاني 2022، وفقًا لتقرير "ستاندرد أند بورز غلوبال إنسيتس".
وقال تاجر نفط أوروبي، لم يذكر اسمه، لـ"إس أند بي"، إن هناك طلبًا قويًا على النفط الروسي من المشترين الهنود. وأشار موقع "بيزنس إنسايدر" في إبريل/نيسان إلى أن الصين كانت تشتري الشحنات الروسية بصورة غير معلنة. ومع ذلك، فقد طالب كلا البلدين موسكو بتقديم تخفيضات كبيرة على مشترياتهما من الخام.
واليوم الخميس، أبقت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) على تفاؤلها بشأن مستقبل الطلب العالمي على النفط، رغم التحديات الاقتصادية، ورفعت توقعاتها لنمو الطلب في 2023، متوقعة استمرار الصين والهند في قيادة النمو في الطلب على الوقود.
وتوقعت وكالة الطاقة الدولية الخميس أيضاً ارتفاع الطلب على النفط إلى مستوى قياسي هذا العام، وبالتزامن مع تراجع المعروض في الأسواق.
وقبل يومين، رفعت إدارة معلومات الطاقة الأميركية توقعاتها لنمو الطلب العالمي على النفط في عام 2023 بواقع 170 ألف برميل يومياً، وصولاً إلى 1.76 مليون برميل يومياً.
وقد تؤدي هذه التوقعات، إن تحققت، إلى إضعاف الجهود التي يقودها الغرب، والرامية إلى ضرب الخزانة الروسية، بعد أن أثبتت فعالية كبيرة خلال العام الأخير.
وتسببت العقوبات الغربية على روسيا في تسجيل فائض في الحساب الجاري بلغ 5.4 مليارات دولار فقط في الربع الثاني من العام، بانخفاض هائل بنسبة 93% من فائض قياسي بلغ 76.7 مليار دولار في الفترة نفسها من العام الماضي، وفقًا لبيانات البنك المركزي الروسي الصادرة يوم الثلاثاء.
والأسبوع الماضي، انخفض سعر الروبل الروسي إلى أدنى مستوياته مقابل الدولار الأميركي منذ شهر مارس/آذار من العام الماضي، في أعقاب دخول الجيش الأراضي الأوكرانية، مسجلاً أكثر من 91 روبل لكل دولار.
وتستطيع روسيا، أحد أهم منتجي مصدر الطاقة الأهم في العالم، أن تؤثر على السعر من خلال تقليص إمداداتها منه. وكانت موسكو قد استخدمت هذه الأداة، وأعلنت عن خفض قادم لإنتاج النفط في وقت سابق من هذا الشهر، لتضيف للتخفيضات التي أعلنها أكبر مُصدر للنفط، وهو السعودية.
ويتوقع متعاملون في سوق النفط، المباشرة وغير المباشرة (من خلال أسواق الأسهم والمشتقات)، أن تتسبب التخفيضات المرتقبة في الإنتاج في زيادة أسعار النفط، إذ يفوق الطلبُ العرضَ المتوقع.
وبالفعل، تسببت التوقعات المتفائلة للطلب على الخام هذا الأسبوع في وصول أسعاره إلى أعلى مستوياتها في ما يقرب من ثلاثة أشهر، لاسيما مع ظهور بيانات أوضحت تراجع التضخم في الاقتصاد الأكبر في العالم، دون دخوله في ركود.