تتجه الديون المتعثرة في بنوك المغرب لتبلغ نحو 10 مليارات دولار في الفترة المقبلة، وذلك بالنظر لوتيرة الارتفاع الذي سجلته في الأشهر الأخيرة، ما يفرض إحداث سوق لتلك الديون التي سبق أن أوصى بها صندوق النقد الدولي في سياق الأزمة الصحية.
وتشير البيانات النقدية الصادرة عن بنك المغرب (البنك المركزي) إلى أن الديون المتعثرة بلغت 9.4 مليارات دولار في نهاية شهر أغسطس/ آب الماضي، بزيادة بنسبة 6.2 في المائة على مدى 12 شهرا.
ويتجلى أن القروض المتعثرة، التي تمثل حوالي 8.9 في المائة من مجمل القروض الموزعة من قبل البنوك، تتجه إلى تجاوز سقف 10 مليارات دولار، حسب مراقبين لـ"العربي الجديد".
وما فتئت تلك الديون المتعثرة ترتفع في الأعوام الأخيرة، حيث بلغت في العام الماضي 9 مليارات دولار، بعدما قفزت في عام جائحة كوفيد (2020) إلى 8 مليارات دولار، مقابل 7 مليارات دولار عام 2019.
ويحرص المغرب في الأعوام الأخيرة، بإشراف من البنك المركزي، على الامتثال لقواعد احترازية صارمة، تفرض على القطاع المصرفي التقيد بحدود متشددة على مستوى السيولة والأموال الذاتية وتدبير المخاطر.
وكانت مديرية الإشراف البنكي في البنك المركزي قد أكدت أن البنوك عمدت، من أجل مواجهة حالات صعوبة السداد الناجمة عن الديون المتعثرة، إلى تكوبن مخصصات تتيح تغطية حوالي 68 في المائة من تلك الديون.
ورغم حجم المخصصات التي كونتها المصارف بهدف مواجهة المخاطر التي قد تنجم عن الديون المتعثرة، إلا أن البنك المركزي ومؤسسات التصنيف الائتماني ومؤسسات مالية دولية أبدت قلقها من حجمها.
ويرجح الخبير في القطاع المصرفي مصطفى ملكو أن يكون ارتفاع الديون المتعثرة في الأعوام الأربعة الأخيرة مرده إلى تضرر الوضعية المهنية والمالية لبعض المقترضين منذ الأزمة الصحية.
ويضيف الخبير في القطاع المصرفي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن معدلات الفائدة التي تطبقها المصارف قد تساهم في زيادة حجم الديون التي يتحملها المقترضون، ما ينعكس على قدرتهم على الوفاء بها.
ويشير إلى أن ما يفضي إلى تضخم الديون المتعثرة، وحتى المعدومة، هو لجوء بعض المقترضين إلى استعمال القروض لأهداف غير تلك التي من أجلها منحت لهم.
وكانت مشاورات أطلق من أجل إحداث سوق ثانوية لتلك الديون المتعثرة في المغرب، بما يتيح تجنب الاحتكام للقضاء لتحصيلها، حيث إن الفاعلين في السوق الثانوية لتلك الديون سيتولون عملية استردادها.
يحرص المغرب في الأعوام الأخيرة، بإشراف من البنك المركزي، على الامتثال لقواعد احترازية صارمة
وتقوم الفكرة، التي أوصي بها صندوق النقد الدولي في سياق ارتفاع الديون المتعثرة في ظل الأزمة الصحية، على أن يتصدى مستثمرون، ممثلين في صناديق استثمار، لشراء الدين من البنك ويعملون على تحصيل الدين من خلال بيع الأصل موضوع القرض.
وتقوم هذه الصيغة على إقدام البنك على بيع جزء من محفظة القروض المتعثرة بقيمة تقل بحوالي 30 في المائة بعض الأحيان، ما يتيح للمصرف الحصول على سيولة وضخها في السوق وجني أرباح عوض اللجوء إلى القضاء بهدف تحصيل مستحقاتها.
وكانت مجموعة عمل شكلت تحت إشراف الأمانة العام للحكومة وبنك المغرب ووزير الصناعة والتجارة ووزير العدل ووزرة المالية، وبدعم من الشركة المالية الدولية، من أجل وضع المقتضيات القانونية التي تنظم السوق الثانوية للديون المتعثرة.
وكانت مديرة الإشراف البنكي في البنك المركزي هبة الزهوي أكدت، في تصريحات سابقة، أن مجموعة العمل وصلت إلى مرحلة تعمل فيها على بلورة نص قانوني نهائي، في الوقت نفسه، يفترض الحسم في مسألة إلحاق تلك المقتضيات بالتشريع المصرفي الحالي أو مدونة التجارة.
ومن جانبه، يعتبر ملكو أنه يجب تحصين السوق الثانوية للديون المتعثرة من المشترين الذين يمكن أن يضروا بالمقترضين، بالنظر لأنهم يبحثون عن تحقيق هوامش أرباح مهمة مع المصارف والمقترضين على حد سواء.