استمع إلى الملخص
- تكاليف خدمة الدين المرتفعة تحد من قدرة ترامب على المناورة في الميزانية، وتؤثر على أسعار الفائدة، مما يصعب شراء المنازل والسيارات، وتستنزف الإنفاق على البنية التحتية والتعليم.
- جهود ترامب لتجديد تخفيضات 2017 تواجه تحديات بسبب الديون، حيث يرى البعض أنها تفيد الأغنياء وتزيد العجز، بينما يؤكد فريقه على التفويض الشعبي لتنفيذ وعوده.
يرسم الرئيس المنتخب دونالد ترامب خططاً طموحة للاقتصاد، لكنه يواجه مشكلة كبيرة تتعلق بالديون المتزايدة وتكلفتها المرتفعة، مما قد يشكل عقبة أمام تنفيذ تلك الخطط، خاصة ما يتعلق منها برفع معدلات نمو الاقتصاد، والقضاء على التضخم. وفي تقرير حديث، قالت أسوشييتد برس إن ترامب يضع أفكارًا جريئة تتعلق بتخفيض الضرائب وفرض الرسوم الجمركية وبرامج أخرى، لكن أسعار الفائدة المرتفعة وتكلفة سداد ديون الحكومة الفيدرالية الحالية قد تحدّ من قدرته على تحقيق هذه الأهداف. وتبلغ الديون الفيدرالية حاليًّا حوالي 36 تريليون دولار، وأدى ارتفاع التضخم بعد جائحة كورونا إلى زيادة تكاليف الاقتراض الحكومي لدرجة أن خدمة الدين العام في العام المقبل ستتجاوز بسهولة الإنفاق على الأمن القومي.
وتقلل تكاليف خدمة الدين المرتفعة من قدرة ترامب على المناورة في الميزانية الفيدرالية أثناء سعيه لتخفيض ضرائب الدخل، كما أنها تشكل تحديًا سياسيًّا، لأن أسعار الفائدة المرتفعة تجعل من الصعب على العديد من الأميركيين شراء منازل أو سيارات جديدة. وقد ساهمت هذه القضية المتعلقة بارتفاع التكاليف في إعادة ترامب إلى البيت الأبيض، بعد أن منحه الناخب المتضرر من استمرار ارتفاع الأسعار صوته في الانتخابات الأخيرة.
ونقلت أسوشييتد برس عن شاي أكاباس، المدير التنفيذي لبرنامج السياسات الاقتصادية في مركز السياسات الحزبية، قوله إن "من الواضح أن حجم الديون الحالي يضع ضغوطًا تصاعدية على أسعار الفائدة، بما في ذلك معدلات الفائدة المطبقة على قروض الرهن العقاري على سبيل المثال". وأضاف أن تكلفة الإسكان والمواد الغذائية ستؤثر بشكل متزايد على الأسر بطريقة تضر بالآفاق الاقتصادية المستقبلية.
وأكد أكاباس أن تكاليف خدمة الدين بدأت بالفعل في استنزاف الإنفاق الحكومي على الاحتياجات الأساسية مثل البنية التحتية والتعليم، حيث يتم الآن إنفاق حوالي خُمس المبلغ الذي تنفقه الحكومة على سداد الأموال المستدانة، بدلًا من تمكين الاستثمارات التي تعزز النمو الاقتصادي المستقبلي. ولا تغيب هذه القضية الشائكة عن رادار ترامب الذي قال، في بيان إعلانه اختيارَ وزير الخزانة، إن الملياردير المستثمر سكوت بيسنت "سيساعد في كبح المسار غير المستدام للدين الفيدرالي".
وتعقد تكاليف خدمة الدين الإجمالية، بالإضافة إلى الديون المرتفعة، جهود ترامب لتجديد تخفيضاته الضريبية لعام 2017، والتي من المقرر أن تنتهي صلاحيتها في نهاية العام المقبل. وقد تؤدي الزيادة في الدين الناتجة عن تلك التخفيضات الضريبية إلى رفع أسعار الفائدة أكثر، مما يزيد من تكلفة خدمة الدين، ويقلل من أي فوائد قد تنتج عن التخفيضات الضريبية في دفع النمو.
وقال بريان ريدل، الزميل البارز في معهد مانهاتن والمساعد الجمهوري السابق في الكونغرس لأسوشييتد برس: "من الواضح أن العودة إلى التخفيضات الضريبية نفسها بعد تضاعف العجز ثلاث مرات هو أمر غير مسؤول". وأضاف: "حتى الجمهوريون في الكونغرس يبحثون في الكواليس عن طرق لتقليص طموحات الرئيس".
ويقول الديمقراطيون والعديد من الاقتصاديين إن تخفيضات ترامب الضريبية على الدخل تفيد الأغنياء أكثر مما تفعل للفئات الأخرى، بسبب حرمان الحكومة من الإيرادات اللازمة للبرامج الموجهة إلى الطبقة المتوسطة والفقراء. وقالت جيسيكا فالتون، نائبة رئيس السياسات في مركز الدراسات السياسية والاقتصادية المشتركة: "سياسة الرئيس المنتخب الضريبية ستزيد من العجز، لأنها ستخفض الضرائب على أولئك الذين يملكون أعلى قدرة على الدفع، مثل الشركات التي اقترح تخفيض معدل الضرائب عليها أكثر ليصل إلى 15%".
لكن فريق ترامب يؤكد أنه يستطيع جعل الحسابات تعمل لصالحه. وقالت كارولين ليفيت، المتحدثة باسم المرحلة الانتقالية لترامب: "لقد أعاد الشعب الأميركي انتخاب الرئيس ترامب بأغلبية ساحقة، مما يمنحه تفويضًا لتنفيذ الوعود التي قدمها خلال الحملة الانتخابية، بما في ذلك خفض الأسعار. وسيحقق ذلك". وخلال فترة رئاسته الأولى، التي انتهت عام 2020، كانت الحكومة الفيدرالية تنفق 345 مليار دولار سنويًّا لخدمة الدين العام. وكان من الممكن زيادة الدين العام مع تخفيض الضرائب والمساعدات الوبائية لأن متوسط معدل الفائدة كان منخفضًا، مما جعل تكاليف السداد قابلة للإدارة حتى مع ارتفاع مستويات الدين.
وتشير توقعات مكتب الميزانية في الكونغرس إلى أن تكاليف خدمة الدين العام في العام المقبل قد تتجاوز تريليون دولار. هذا الرقم يفوق الإنفاق المتوقع على الدفاع، كما أنه أكبر من الإنفاق غير الدفاعي على البنية التحتية والمساعدات الغذائية وبرامج أخرى تحت إشراف الكونغرس. وكان ارتفاع أسعار الفائدة هو العامل الذي أدى إلى زيادة تكاليف خدمة الدين. ففي إبريل/نيسان 2020، عندما كانت الحكومة تقترض تريليونات الدولارات لمواجهة الجائحة، كان العائد على سندات الخزانة لأجل 10 سنوات في حدود 0.6%، لكنه الآن وصل إلى 4.4%، بعد أن ارتفع منذ سبتمبر/أيلول، مع توقع المستثمرين أن يضيف ترامب عدة تريليونات دولار إلى العجز المتوقع نتيجة تخفيضاته الضريبية.