استمع إلى الملخص
- الهند، رغم كونها خامس أكبر اقتصاد عالمي، تواجه تحديات في توفير فرص عمل، مما دفعها لتوسيع نطاق عمل مواطنيها في الخارج، حيث وفرت شركة "داينمك" فرص عمل لأكثر من 3500 عامل هندي في إسرائيل.
- لا يزال عدد العمال الهنود في قطاع البناء الإسرائيلي أقل من العمال الفلسطينيين قبل الحرب، مما أدى إلى انخفاض أنشطة البناء بنسبة 25% وتأخير في توفير مساكن جديدة.
يتنقل راجو نيشاد مرتدياً حزام الأمان والخوذة وحذاء العمل بين السقالات ويدق الحجارة التي ستشكل جزءاً من مبنى في حي جديد في مدينة بئر يعقوب الإسرائيلية. وبينما يبدو وجود نيشاد وغيره من العمال الهنود الذين يعملون إلى جانبه في الموقع مألوفاً، إلا أنه من الواضح أنهم لم ينضموا إلا مؤخراً إلى قطاع البناء في إسرائيل، ليحلوا محل العمال الفلسطينيين.
يندرج وجود هؤلاء ضمن جهود الحكومة لملء الفراغ الذي تركه عشرات الآلاف من العمال الفلسطينيين الذين مُنعوا من دخول الدولة العبرية، في أعقاب اندلاع حرب هي الأعنف بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة، والتي دخل على خطها أيضاً حزب الله في لبنان والحوثيون في اليمن، فضلاً عن مواجهات مباشرة بين الدولة العبرية وإيران.
ولم تثنِ الحرب نيشاد (35 عاماً) عن المجيء إلى إسرائيل. ويقول "لا يوجد ما يخيف هنا"، رغم إطلاق صفارات الإنذار مراراً والركض نحو الملاجئ. ويضيف "بمجرد أن تتوقف (الصفارات)، نعود لاستئناف العمل". وتعتبر الرواتب مرتفعة في إسرائيل، إذ يمكن للبعض كسب ثلاثة أضعاف المبالغ التي يجنونها في بلدانهم، وهو ما يعد عامل جذب رئيسياً.
ويوضح نيشاد "أوفّر من أجل المستقبل، وأخطط للاستثمار بحكمة للقيام بأمر ما يحمل أهمية بالنسبة لعائلتي". ونيشاد واحد من حوالى 16 ألف عامل وصلوا من الهند العام الماضي، وتخطط إسرائيل لجلب الآلاف غيرهم.
العمال الهنود بدلاً من العمال الفلسطينيين
تعتبر الهند خامس أكبر اقتصاد في العالم وأحد أسرع الاقتصادات نمواً، لكنها واجهت صعوبة في توفير عدد كافٍ من فرص العمل بدوام كامل لملايين الأشخاص. ويعمل الهنود في إسرائيل منذ عقود في مجالات الرعاية والطبخ وتجارة الألماس وتكنولوجيا المعلومات، ولكن منذ تصاعد الحرب في غزة، بدأ القائمون على التوظيف في إطلاق حملة جديدة لجلب الهنود إلى قطاع البناء في إسرائيل.
ويقول سمير خسلا، رئيس شركة "داينمك" لخدمات التوظيف التي تتخذ من دلهي مقراً، إنه جلب حتى الآن أكثر من 3500 عامل إلى إسرائيل التي تعتبر سوقاً جديداً بالنسبة له. وسبق أن نجح خسلا في توفير فرص عمل لنصف مليون هندي موزعين على أكثر من 30 دولة.
ووصل خسلا إلى إسرائيل بعد شهر من اندلاع المواجهات في تشرين الأول/ أكتوبر، بناء على مكالمة عاجلة من السلطات الإسرائيلية لطلب عمال أجانب للعمل في قطاع البناء الذي توقف تماماً بعد نشوب الحرب. ومنذ الهجوم، توقّفت إسرائيل عن إصدار تصاريح عمل للعمال الفلسطينيين.
ويقول خسلا "لم نكن نعرف الكثير عن السوق هنا، ولم تكن هناك قوة هندية عاملة في السابق. كان علينا التحرك لفهم احتياجات السوق"، مضيفاً أنه يرى أن الهند خيار طبيعي بالنسبة لإسرائيل نظراً إلى "العلاقات الممتازة" بين الطرفين. ويأمل حالياً بجلب ما يصل إلى 10 آلاف عامل هندي، إذ إن لديه مجموعة كبيرة من العمال الهنود المهرة في مختلف المجالات.
وفي تل أبيب، يعيش مجموعة من الهنود في شقة صغيرة، حيث تعلموا الطبخ إلى جانب مهارات البناء التي جلبوها معهم، وخاصة الأطباق الحارة التي يفتقدونها من وطنهم. ويقول سوريش كومال فيرما (39 عاماً) والذي يعمل في موقع بناء شمال تل أبيب "يمكن للمرء أن يكسب أكثر في إسرائيل خلال مدة قصيرة. كسب المال ضروري، ومن المهم أن نواصل العمل الجاد من أجل مستقبل العائلة".
ويعتقد الباحثون الإسرائيليون أن عدد الهنود العاملين في قطاع البناء لا يزال أقل من عدد العمال الفلسطينيين الذين كانوا يعملون قبل الحرب، مما يعيق النمو العام في هذا القطاع. وقبل الهجوم، كان هناك نحو 80 ألف فلسطيني يعملون في قطاع البناء بالإضافة إلى نحو 26 ألف عامل أجنبي. أما اليوم، فيوجد نحو 30 ألف عامل أجنبي فقط، وهو عدد أقل بكثير مما كان عليه في السابق.
وبحسب باحثين، فإن أنشطة البناء في الربع الحالي من عام 2024 أقل بنسبة 25% عن مستويات ما قبل الحرب. ويقول إيال أرغوف من بنك إسرائيل "هذه الأرقام لا تزال منخفضة جداً.. على الرغم من أن الأمر لا يسبب نقصاً مباشراً في قطاع السكن، إلا أنه قد يؤدي إلى تأخير في توفير مساكن جديدة". ويشير أرغوف إلى أن "إسرائيل تشهد زيادة سنوية في عدد السكان بنسبة 2%، وهذا التأخير قد يؤدي إلى نقص في السكن في المستقبل".
(فرانس برس، العربي الجديد)