رغم القلق العالمي من حدوث أزمة في إمدادات الأرز العالمية بعد القرار المفاجئ الذي اتخذته الحكومة الهندية بحظر تصدير الأرز الأبيض غير البسمتي يوم الخميس الماضي، لضمان توافر الإمدادات في السوق المحلية واستقرار الأسعار، لكن توقعات الإنتاج الوفير من الأرز الهندي هذا العام قد تحول دون حدوث صدمة أسعار في الأسواق العالمية.
وأعلنت الحكومة الهندية، يوم الخميس الماضي، أنها ستوقف جميع صادرات الأرز الأبيض غير البسمتي بأثر فوري.
وجاء القرار بعد ثلاثة أيام فقط من انسحاب روسيا من صفقة الحبوب في البحر الأسود يوم الاثنين. كما حدث التوقيت وسط موجة من الحرارة الشديدة التي هددت المحاصيل في بعض دول العالم، وبلغت درجات الحرارة ذروتها، ما أثار التساؤل حول أمن سلاسل الإمداد الغذائي في جميع أنحاء العالم.
تستأثر الهند بأكثر من 40% من صادرات الأرز في العالم، وهي أكبر مصدر للسلعة الغذائية
ووفقاً لبيانات منظمة الأغذية والزراعة (فاو) التابعة للأمم المتحدة، تستأثر الهند بأكثر من 40% من صادرات الأرز في العالم.
لذلك من المحتمل أن يؤثر الحظر على أسعار الأرز العالمية حينما تفتح بورصات السلع الأولية في شيكاغو وباريس غداً الاثنين، ولكن من غير المتوقع أن تقفز الأسعار بمستويات كبيرة.
وحسب تقرير في مجلة "بيزنس توداي" الهندية الصادرة باللغة الإنكليزية، من المرجح أن تكون الفيليبين هي الأكثر تأثراً، تليها سنغافورة وهونغ كونغ وماليزيا التي تعتمد أيضاً على الواردات الهندية لتلبية الكثير من احتياجاتها من الأرز.
في هذا الصدد، قال مصرف نومورا الياباني في مذكرة، أمس السبت، إن تايلاند يمكن أن تحقق مكاسب من قرار الحظر الهندي لأنها مصدر صاف للأرز.
وأضافت أن حوالي 42% من صادرات الأرز الهندية باتت محظورة الآن. وأشار محللون آخرون إلى أن دولاً مجاورة مثل بنغلادش ونيبال وبعض الدول الأفريقية قد تتأثر أيضًا.
وقالت وزارة شؤون المستهلك في نيودلهي في تبريرها للحظر إن "حظر تصدير الأرز الأبيض غير البسمتي سيؤدي إلى خفض الأسعار بالنسبة للمستهلكين في البلاد". ومن المتوقع أن تساعد الخطوة الأخيرة في إبقاء الأسعار المحلية للأرز تحت السيطرة.
وعلى الرغم من قيود التصدير التي نفتها الحكومة في سبتمبر/أيلول الماضي، إلا أن أسعار الأرز ارتفعت بمستويات معقولة بين سبمتبر/ أيلول ويونيو/ حزيران وبنسبة 12% فقط، وفقًا لبيانات نومورا.
مصرف نومورا الياباني : تايلاند يمكن أن تحقق مكاسب من قرار الحظر الهندي لأنها مصدر صاف للأرز
وتظهر البيانات الرسمية الهندية أن أسعار التجزئة للأرز ارتفعت بنسبة 11.78% في يونيو/ حزيران من 3.16% قبل عام. وكانت الحكومة الهندية قد فرضت في سبتمبر/أيلول الماضي ضريبة تصدير بنسبة 20% على أنواع مختلفة من الأرز ، باستثناء الأرز من نوعية بسمتي. وحسب تقرير نومورا، أدى تأخر وصول الرياح الموسمية الجنوبية الغربية وانتشارها غير المتكافئ إلى تعطيل بذر الأرز في الهند، إذ انخفضت المساحات بنسبة 6%على أساس سنوي اعتباراً من منتصف شهر يوليو/تموز الجاري.
استهلاك دول الخليج لبسمتي:
على صعيد دول مجلس التعاون، بلغ حجم سوق الأرز من نوعية بسمتي في دول مجلس التعاون الخليجي حوالي مليوني طن متري سنوياً وحسب نشرة منظمة الغذاء العالمية، بلغت سوق الأرز في دول مجلس التعاون 1.6مليار دولار في نهاية العام الماضي 2022، ومن المتوقع أن يرتفع إلى 1.7 مليار دولار في العام 2028.
يذكر أن بيانات الفاو أشارت إلى أن أسعار القمح ارتفعت بنحو 126.2 نقطة في يونيو/ حزيران عن مستوياتها في العام 2014، وارتفعت أسعار الأرز بنسبة تراوح بين 5 إلى 7% في يونيو/ حزيران مقارنة بمستوياتها في مايو/آيار الماضي. ويعتبر الأرز جزءًا أساسيًا من الوجبات الرئيسية بدول مجلس التعاون، إلى جانب القمح. وتعد المملكة العربية السعودية السوق الإقليمية الأكبر للأرز الهندي في منطقة الخليج، حيث تستحوذ على حصة كبيرة من إجمالي الاستهلاك.
ويمكن أن يرجع ذلك إلى قاعدة المستهلكين الكبيرة في المملكة مقارنة ببقية المنطقة. إذ يساهم غياب إنتاج الأرز في دول مجلس التعاون الخليجي والطلب المتزايد على جودة أعلى للمنتج بين المستهلكين في المنطقة بشكل كبير في نمو سوق الأرز من نوعية بسمتي في دول مجلس التعاون الخليجي.
تعد الكثافة العالية للمغتربين من آسيا بالدول الخليجية إحدى عوامل زيادة الطلب على الأرز في دول التعاون الخليجي
وتعد الكثافة العالية للمغتربين من آسيا بالدول الخليجية إحدى عوامل زيادة الطلب على الأرز في دول التعاون الخليجي.
أكبر المصدرين:
تعد الهند أكبر مصدري الأرز في العالم على الرغم من أن الأرز الأبيض غير البسمتي يمثل نسبة أقل، حوالي 25% من صادرات الأرز.
لكن رغم الظروف المناخية، من المرجح أن يرتفع إنتاج الأرز في الهند إلى مستوى قياسي هذا الموسم بسبب الأمطار الموسمية الجيدة وبعد أن رفعت الحكومة الهندية من السعر الذي ستشتري به محصول الموسم الجديد من المزارعين.
وحسب نشرة "مينت" الهندية، يمكن أن يؤدي ارتفاع إنتاج الأرز في الموسم الجاري إلى إضعاف الأسعار المحلية وزيادة قدرة الصادرات على المنافسة، وتعويض انخفاض الإمدادات من المنافسين من دول مثل تايلاند وفيتنام.
كما يمكن كذلك أن يجبر الوكالات الهندية التي تديرها الدولة في الهند على زيادة مشترياتها من المزارعين حتى مع تضخم المخزونات. في هذا الصدد، قال رئيس اتحاد مصدري الأرز في الهند بي في كريشنا راو، للنشرة: "المزارعون مهتمون بالأرز. ومن المرجح أن يوسعوا المساحة بسبب الدعم الحكومي.
وأضاف: "يمكننا إنتاج ما يصل إلى 120 مليون طن في عام التسويق الجديد". ورفعت الحكومة الهندية السعر الذي ستشتري به أرز الموسم الجديد من المزارعين بنسبة 2.9%.
وبدأت الهند، التي أنتجت رقمًا قياسيًا بلغ 117.94 مليون طن من الأرز في 2019/ 20، زراعة محصول الصيف مع انتشار الرياح الموسمية إلى مناطق زراعة الأرز الرئيسية في الجنوب والشرق.
وقال نائب رئيس شركة أولام الهندية لتجارة الأرز نيتين جوبتا إن الأمطار الموسمية الجيدة وزيادة الصادرات بسبب ارتفاع الأسعار العالمية شجع المزارعين الهنود على زراعة المزيد من الأرز.
وكانت الوكالات التي تديرها الدولة تمتلك 27.4 مليون طن من الأرز و21 مليون طن أخرى من الأرز غير المطحون، وفقًا لمؤسسة الغذاء الحكومية الهندية (FCI).
وقال راو إن حصادًا قياسيًا آخر يمكن أن يضعف الأسعار المحلية ويجبر مؤسسة الغذاء الحكومية على شراء ما يقرب من نصف الإنتاج من المزارعين.
حقق المزارعون الهنود عوائد جيدة من الأرز في العام الماضي، إذ استفادوا من مشتريات الحكومة المكثفة للأرز غير المطحون ومن الطلب القوي على الصادرات
ويتوقع راو أن يبلغ إنتاج الأرز 127 مليون طن متري في الموسم الجاري 2023/ 2024 من منطقة مزروعة تبلغ 46.5 مليون هكتار، مع إنتاجية تقدر بنحو 4.09 طن متري للهكتار.
وحقق المزارعون الهنود عوائد جيدة من الأرز في العام الماضي، إذ استفادوا من مشتريات الحكومة المكثفة للأرز غير المطحون ومن الطلب القوي على الصادرات.
وحسب منظمة "فاو"، من المتوقع أن ينمو حجم سوق الأرز الهندي، من 51.577 مليار دولار في العام الجاري إلى 58.071 مليار دولار في العام 2028، بمعدل نمو سنوي مركب قدره 2.40% خلال الفترة المتوقعة (2023-2028).