- الإغلاق يؤدي إلى نقص حاد في الوقود للمستشفيات وارتفاع أسعار المواد الغذائية، مع تقرير الأمم المتحدة يشير إلى ارتفاع معدل الفقر في فلسطين إلى 58.4%.
- إغلاق المعابر يعتبر جزءاً من استراتيجية الإبادة من قبل الاحتلال الإسرائيلي، مما يحرم الفلسطينيين من الغذاء والوقود والمساعدات الطبية، مما يهدد بتوقف الحياة اليومية ويتطلب تدخلاً دولياً عاجلاً.
يطل شبح المجاعة من جديد برأسه في قطاع غزة الذي يعيش على وقع حربٍ إسرائيلية مدمرة للشهر الثامن على التوالي، في ظل استمرار الاحتلال الإسرائيلي في التحكم بمعابر القطاع بعد بدء العملية العسكرية في رفح.
ويسيطر الاحتلال الإسرائيلي بالقوة العسكرية على معبر رفح الذي يربط القطاع بالأراضي المصرية ويُعتبر بوابته الوحيدة نحو العالم، منذ يوم 7 مايو/ أيار الجاري، بالإضافة إلى معبر كرم أبو سالم التجاري وكلاهما يقعان في المناطق الشرقية الجنوبية للقطاع.
وعلى مدار ثمانية أشهر كان المعبران بمثابة شرايين الحياة لقرابة 2.4 مليون نسمة يعيشون على وقع حرب الإبادة الإسرائيلية، حيث كان الاحتلال يسمح بإدخال المساعدات الغذائية وبعض المواد التجارية بعد إخضاعها لتفتيش دقيق من قبل قواته في معبر العوجا.
استنزاف ما تبقى
مع إغلاق المعبر يعيش القطاع حالة استنزاف كبيرة في الموارد الشحيحة في ظل عدم توفر الوقود اللازم لتشغيل المولدات الخاصة بالمستشفيات أو ما تبقى من البلديات علاوة عن ارتفاع ملحوظ في أسعار المواد الغذائية.
وخلال فترة الحرب الإسرائيلية المتواصلة على غزة، عمد الاحتلال إلى تقنين أعداد الشاحنات بحيث لم تتجاوز يومياً حاجز 250 شاحنة من مختلف الأصناف والاحتياجات في وقت كانت تدخل إلى القطاع قرابة 550 شاحنة يوميًا قبل الحرب.
وأكد تقرير حديث للأمم المتحدة صدر يوم 2 مايو/ أيار الجاري، أنه بسبب العدوان الإسرائيلي على غزة واصل معدل الفقر في فلسطين ارتفاعه ليصل إلى 58.4%، إذ يُدفع بنحو 1.74 مليون شخص إضافي إلى براثن الفقر، كما يستمر انخفاض الناتج المحلي الإجمالي بشكل هائل بنسبة 26.9%، أي بخسارة قدرها 7.1 مليارات دولار من القيمة المقدرة لعام 2023 مع غياب الحرب.
وقفزت أسعار الخضروات، بنسبة تتجاوز 100%، خلال الأيام الأخيرة، مع بدء العملية العسكرية في رفح التي تمتلك جزءا كبيرا من الأراضي الزراعية فيما شحت أصناف كثيرة منها في وقت تغيب اللحوم والدواجن وبيض المائدة نظرًا لعدم فتح المعابر.
وتجاوزت أسعار السلع خلال الفترة التي سبقت شهر رمضان الماضي 300% من واقعها الطبيعي قبل أن تنكسر بفعل سلسلة من الإجراءات التي اتخذتها الجهات الحكومية في غزة تزامنًا مع ارتفاع في معدل إدخال الشاحنات يوميًا آنذاك.
ومع إغلاق المعابر وتوقف حتى عمليات الإنزال الجوي فإن مشهد المجاعة والتجويع الذي قام به الاحتلال الإسرائيلي سابقاً يعود للواجهة من جديد في ظل استمرار إغلاق المعابر وتلف الكثير من شاحنات المساعدات جراء العملية العسكرية في رفح.
وخلال الأيام الأخيرة، بدأ الكثير من السلع في الاختفاء من السوق فيما ارتفعت أسعار بعضها بشكل يفوق سعرها المعتاد، تزامنًا مع وقف بعض المستشفيات عمل مولداتها وسط تحذيرات من توقفها كليًا.
تداعيات كارثية
في الأثناء، يقول مدير عام المكتب الإعلامي الحكومي إسماعيل الثوابتة إن الاحتلال قام بالسيطرة على معبر رفح البري وإغلاق معبر كرم أبو سالم التجاري، ما أثر سلبا على الواقع المعيشي والإنساني في القطاع.
ويضيف الثوابتة لـ "العربي الجديد" أن إغلاق المعبر يهدد حياة عشرات المرضى والمصابين الذين يحتاجون للسفر من أجل العلاج في الخارج في ظل انهيار المنظومة الصحية بشكل كامل من جراء الاستهداف الإسرائيلي لها.
ويشير إلى أن إغلاق المعبر يمنع إدخال المساعدات الغذائية أو حتى بعض المساعدات الطبية التي يحتاجها الفلسطينيون من أجل ما تبقى من مستشفيات تعمل بشكل شبه جزئي من جراء التدمير المتواصل.
ويلفت إلى أن إغلاق المعابر يشكل أزمة إنسانية عميقة تنعكس بالسلب على حياة الفلسطينيين، لا سيما في ظل الحاجة الماسة لفتح المعابر وحاجة القطاع لتدفق المساعدات واللوازم المختلفة للحياة في غزة.
ويحتاج القطاع حالياً لتدفق نحو 1000 شاحنة يوميًا محملة بالمساعدات الغذائية والأدوية والمستهلكات الطبية في ظل الأزمة الإنسانية الشديدة التي تعصف بقرابة 2 مليون فلسطيني نزحوا من مناطق سكناهم.
وفقًا لتقديرات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" فإن ما يقرب من 450 ألف شخص قد نزحوا قسرًا من رفح منذ 6 مايو/أيار، حيث يواجه الناس إرهاقًا مستمرًا، وجوعًا، وخوفًا في ظل عدم وجود مكان آمن.
استكمال حلقات الإبادة في غزة
من جانبه، يعتبر نائب المدير العام للهيئة المستقلة لحقوق الإنسان "ديوان المظالم" جميل سرحان أن إغلاق المعابر هو حلقة من حلقات استكمال الإبادة التي يقوم بها الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني في غزة.
ويقول سرحان لـ "العربي الجديد" إن المنع الإسرائيلي للقوافل التجارية كان واضحًا منذ بداية الحرب حيث كان الاحتلال لا يسمح إلا بشاحنات قليلة لا تزيد تغطيتها الزمنية عن يوم واحد وهو ما ينعكس بالسلب على حياة الفلسطينيين.
يعتبر نائب المدير العام للهيئة المستقلة لحقوق الإنسان "ديوان المظالم" جميل سرحان أن إغلاق المعابر هو حلقة من حلقات استكمال الإبادة
ويشير نائب المدير العام للهيئة المستقلة لحقوق الإنسان إلى أن السلوك الإسرائيلي بالسيطرة على المعبر يكشف عزم الاحتلال منع الفلسطينيين من المواد الغذائية والمحروقات وهو ما يدلل على قرب توقف جميع مرافق الحياة خلال يومين على الأكثر.
ويشدد على أن المنظمات الدولية ستتعثر في عملية تقديم الخدمات الإنسانية للسكان بفعل عدم وجود أي مخزون كبير وعدم توفر الوقود اللازم للحركة والتنقل عدا عن تضرر محطات المياه وانقطاعها بشكلٍ تام.
ويعتقد سرحان أن إغلاق المعبر وحالة الطوق سيمس قطاع المياه والمستشفيات والاحتياجات الخاصة بالوقود وإغلاق المخابز القليلة التي تعمل، وتوقف قطاع البلديات وغيرها من القطاعات الحيوية.
وينوه إلى أن ما يحصل حالياً من حالة إطباق للحصار تندرج عليه المادة الثانية من اتفاقية منع الإبادة الجماعية، حيث إن الأفعال التي تعتبر جزءاً من الإبادة تقوم على إيقاع أكبر قدر ممكن الضحايا بالقتل المباشر ثم الأفعال التي تشكل إبادة جماعية تتمثل في إيقاع آلام جسيمة مما يشكل تكسيراً وتهشيماً للحياة الإنسانية وهو ما يحصل حاليًا.