استمع إلى الملخص
- يخطط ترامب لزيادة الرسوم الجمركية على السلع الأوروبية، مما يهدد صناعات السيارات والصلب والألمنيوم، واحتمال إلغاء العقوبات على روسيا يثير مخاوف من زيادة عائدات روسيا وتقويض الجهود الأوروبية لعزل موسكو.
- تقليل المساعدات لأوكرانيا قد يزعزع استقرار اقتصادها ويزيد الضغط على أوروبا، مع مخاوف من تباين السياسات المناخية واضطرابات في الإنفاق الدفاعي، مما يؤثر على الميزانيات والاستثمارات الأوروبية.
أظهرت البيانات الأخيرة، على مدار الأسبوعين الماضيين، ارتفاع فرص فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأميركية لعام 2024، حيث ارتفعت احتمالية فوزه إلى نحو 64% على منصات المراهنات مثل Polymarket اعتباراً من 23 أكتوبر/تشرين الأول، كما أظهرت توقعات FiveThirtyEight فوز ترامب في 54 من أصل 100 نتيجة محتملة، الأمر الذي أطلق أجراس الإنذار في أوروبا، خوفاً من التبعات السلبية لفوز المرشح الجمهوري على اقتصاديات القارة العجوز.
وعلى الرغم من أن استطلاعات الرأي الوطنية ما زالت تُظهر سباقاً متقارباً، إذ تتقدم كامالا هاريس بفارق ضئيل في بعضها، تبقى النتيجة النهائية غير مؤكدة، خاصة مع اعتماد الانتخابات على المجمع الانتخابي، وتأثير الإقبال على التصويت، والأحداث غير المتوقعة قبل يوم الانتخابات. ومع ذلك، يشعر العديد من القادة والشركات الأوروبيين بالقلق بشأن ما قد يعنيه فوز ترامب للعلاقات التجارية عبر الأطلسي، والعقوبات الاقتصادية، والدعم المقدم لأوكرانيا.
ويثير احتمال فوز ترامب في الانتخابات الرئاسية الأميركية مخاوف اقتصادية كبيرة بالنسبة لأوروبا. فبالإضافة إلى القضايا الأساسية، من رسوم جمركية والعقوبات على روسيا، والمساعدات لأوكرانيا، هناك تحديات أوسع تتعلق بالسياسات المناخية، والإنفاق الدفاعي، واستقرار الأسواق المالية، مما يضيف تعقيداً للعلاقة الاقتصادية عبر الأطلسي. وبينما تستعد أوروبا لشراكة محتملة مضطربة عبر الأطلسي، فقد تحتاج إلى تطوير خطط طوارئ لتخفيف التداعيات الاقتصادية لإدارة ثانية لترامب.
ترامب يخطط لزيادة الرسوم الجمركية
خلال فترة ترامب السابقة، فرضت الولايات المتحدة تعريفات جمركية على مجموعة من السلع الأوروبية، خاصة في قطاعي السيارات والصلب والزراعة، مما أثار نزاعات تجارية. وفي حال فوزه بالانتخابات 2024، هناك مخاوف من عودة إجراءات حمائية كهذه، بعد أن أشار في أكثر من مناسبة إلى رغبته زيادة نسبة الرسوم المقررة إلى 200%، وربما أكثر من ذلك، على حد قوله.
وتهدد الرسوم المتزايدة صناعة السيارات الأوروبية، حيث أعرب ترامب مراراً عن عدم رضاه عن الفائض التجاري الأوروبي مع الولايات المتحدة، خاصة في قطاع السيارات. وقد تواجه الشركات المصنعة الأوروبية رسوماً جمركية جديدة أو قيوداً على الواردات، مما سيضر بالصادرات، خاصة في ألمانيا وفرنسا وإيطاليا.
ولن تكون صناعة السيارات الأوروبية وحدها في تلك الورطة، حيث يترقب البعض إعادة فرض وزيادة الرسوم الجمركية من ترامب على الصلب والألمنيوم الأوروبيين، متذرعاً بمخاوف أمنية وطنية، كما فعل في عام 2018. وقد يؤدي ذلك إلى تعطيل سلاسل الإمداد وإلى فرض رسوم انتقامية من الاتحاد الأوروبي، مما يصعد التوترات التجارية.
إلغاء العقوبات على روسيا
من بين أكثر الأمور إثارة للقلق بالنسبة لأوروبا يبرز احتمال إلغاء ترامب للعقوبات الاقتصادية على روسيا. فقد فُرضت هذه العقوبات رداً على غزو روسيا لأوكرانيا، وتلعب دوراً كبيراً في استراتيجية الاتحاد الأوروبي للضغط على موسكو، الأمر الذي يجعل إلغاء أو تخفيض تلك العقوبات مكلفاً للغاية للحليف الأوروبي.
ويخشى المسؤولون الأوروبيون أن يؤدي رفع العقوبات إلى زيادة عائدات روسيا من صادرات النفط والغاز، مما يقوض الجهود الأوروبية لعزل روسيا اقتصادياً. ومن شأن ذلك أن يضعف قدرة الاتحاد الأوروبي على ممارسة الضغوط على موسكو، وقد يجعله أكثر عرضة للابتزاز في مجال الطاقة، خاصة في ظل استمرار محاولات أوروبا لتنويع مصادر الغاز بعيداً عن روسيا.
ومن ناحية أخرى، قد يضع إلغاء العقوبات الشركات الأوروبية في موقف غير مواتٍ. ومع ظهور احتمالات لعودة الشركات الأميركية إلى السوق الروسية، فقد تكون الشركات الأوروبية أبطأ في إعادة الانخراط بسبب ضغوط حكوماتها والاتحاد الأوروبي، مما يخلق منافسة غير متكافئة.
ومن ناحية أخرى، فقد تضطر الاقتصادات الأوروبية، التي تأثرت بفعل العقوبات، وخاصة في قطاعات مثل الطاقة والزراعة، إلى إعادة تقييم سياساتها. وقد يؤدي الاختلاف في نهج التعامل مع روسيا بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى توتر العلاقات عبر الأطلسي، مما يؤثر على الأسواق العالمية.
إيقاف المساعدات لأوكرانيا
انتقد ترامب مراراً الدعم المالي الأميركي لأوكرانيا، مشيراً إلى ضرورة أن تتحمل الدول الأوروبية العبء الأكبر. وحال فوزه بالانتخابات، قد ينفذ ترامب تهديداته بوقف أو تقليل المساعدات المقدمة لأوكرانيا، والتي كانت بمثابة أنبوب أوكسجين للاقتصاد المتردي، في أكثر فترات احتياجه له.
ويعتمد الاقتصاد الأوكراني كثيراً على المساعدات الغربية، سواء في جهود الحرب أو في إعادة الإعمار. وقد يؤدي انخفاض الدعم الأميركي إلى زعزعة استقرار الاقتصاد الأوكراني، مما يزيد من الضغط على أوروبا في شكل تدفقات الهجرة وزيادة الإنفاق على المساعدات للاجئين.
وستواجه الدول الأوروبية ضغوطاً لتعويض النقص في الدعم الأميركي، مما قد يؤدي إلى تحويل الأموال من الاستثمارات المحلية إلى تعزيز مرونة أوكرانيا العسكرية والاقتصادية، الأمر الذي قد يؤثر ذلك الإنفاق الاجتماعي، وتطوير البنية التحتية، والنمو الاقتصادي في مختلف بلدان الاتحاد الأوروبي.
ومن ناحية أخرى، قد يكون لعدم الاستقرار الاقتصادي في أوكرانيا آثار أوسع على الأمن الأوروبي، مما يدفع الدول الأوروبية إلى زيادة الإنفاق العسكري في وقت تعاني فيه الاقتصادات الأوروبية من التضخم المرتفع والنمو البطيء والقيود المالية.
مخاوف اقتصادية أخرى
في حين أن التعريفات والعقوبات والمساعدات لأوكرانيا تشكل مصدر القلق الرئيسي، هناك مخاطر اقتصادية أخرى مرتبطة بعودة محتملة لترامب إلى السلطة:
تباين السياسات المناخية: انتقد ترامب سابقاً مبادرات مكافحة تغير المناخ، وانسحب من اتفاقية باريس خلال فترة ولايته الأولى. وقد تؤدي عودة ترامب للبيت الأبيض إلى إبطاء الجهود الدولية للتحول نحو الطاقة النظيفة، مما يخلق توتراً مع الأهداف المناخية الطموحة للاتحاد الأوروبي، ويؤثر على التعاون عبر الأطلسي في تقنيات الطاقة النظيفة.
اضطرابات في الإنفاق على الناتو والعقود الدفاعية: سبق أن ضغط ترامب على حلفاء الناتو لزيادة إنفاقهم الدفاعي، وقد يتسارع هذا الضغط في حال فوزه بولاية ثانية. وعلى الرغم من أن هذا قد يخلق فرصاً للمصنعين الأوروبيين في قطاع الدفاع، إلا أنه قد يجبر الحكومات الأوروبية على إعادة تخصيص الأموال بعيداً عن الأولويات الاقتصادية الأخرى، مما يزيد من الضغط على الميزانيات.
عدم استقرار الأسواق المالية: غالباً ما تؤدي القرارات السياسية غير المتوقعة لترامب إلى تقلبات في الأسواق المالية العالمية. وقد تواجه الأسواق الأوروبية، التي تتشابك بشكل كبير مع الأسواق الأميركية، زيادة في حالة عدم اليقين، مما يؤثر على أسعار الصرف، وأسعار الفائدة، والمعنويات الاستثمارية بشكل عام، الأمر الذي قد يدفع الشركات الأوروبية إلى التردد في القيام باستثمارات طويلة الأجل، خوفاً من التغيرات المفاجئة في السياسات.