في خطوة تحذيرية غير مسبوقة، هددت وزارة العمل الأردنية منشآت محلية بالإغلاق إذا لم تلتزم بدفع رواتب موظفيها بانتظام وعدم تراكمها، ما يعد مخالفة صريحة لأحكام القانون والتشريعات الناظمة لسوق العمل.
وفي الوقت الذي تعالت فيه أصوات عاملين في عدة شركات أردنية من تأخر دفع رواتبهم وتراكمها لعدة أشهر، أعلنت وزارة العمل أنها لن تتهاون في حماية حقوقهم.
وقد تصاعدت مطالبات عدد كبير من العاملين في منشآت القطاع الخاص بالتزامن أيضا مع قرار قضائي غير مسبوق باعتبار الحقوق المالية للعاملين والرواتب المتراكمة المتأخرة لفترة طويلة تسقط بالتقادم، وذلك إثر رفع موظفي إحدى الشركات الكبرى دعوى للمطالبة برواتبهم المتأخرة منذ سنوات، لكنهم صدموا بالقرار الذي لم يكن في صالحهم وفقدوا حقوقهم المالية، بانتظار ما سيصدر عن محكمة الاستئناف بهذا الخصوص.
ووفق تصريحات لمدير علاقات العمل في وزارة العمل عدنان الدهامشة، فإنه تم إنذار شركة أدوية بالاتجاه نحو إغلاقها إذا لم تدفع رواتب الموظفين المتراكمة منذ عدة أشهر وارتكابها مخالفات صريحة لأحكام قانون العمل.
ورغم أن وزارة العمل عرضت على إدارة الشركة تسديد رواتب الخمسة شهور المتأخرة للموظفين على دفعات إلا أنها لم تستجب لذلك.
وفي هذا السياق، قال الخبير القانوني في قضايا العمل حمادة أبونجمة إن إجراء وزارة العمل لا يلغي مسؤولية صاحب العمل عن دفع الأجور المترتبة عليه، وهذا الحال لا ينطبق على أحوال التصفية أو الإفلاس الواردة في قانون العمل، وإنما ينطبق عليها ما جاء في المادة 50 من قانون العمل.
وتنص المادة على أنه "إذا اضطر صاحب العمل إلى وقف العمل بصورة مؤقتة بسبب لا يعزى إليه وليس في وسعه دفعه، فيستحق العامل الأجر عن مدة لا تزيد على العشرة أيام الأولى من توقف العمل خلال السنة، وأن يدفع للعامل نصف أجره عن المدة التي تزيد على ذلك، بحيث لا يزيد مجموع التعطيل الكلي المدفوع الأجر عن ستين يوما في السنة".
ونقل المرصد العمالي عن أبو نجمة قوله، في سياق تقرير موسع له، تحذيره من مفاوضة العمال والنقابة العامة للعاملين في الخدمات الصحية دون الالتفات إلى المقاضاة والتعامل القضائي، لأنه في حال مرور عامين على استحقاق العاملين لأجورهم وحقوقهم دون دفعها من قبل صاحب العمل فإنه ليس مطالبا بها لذهابها بالتقادم.
وأوضح عاملون لـ"المرصد العمالي الأردني" أنهم تقدموا بشكوى لمكتب العمل في المنطقة، مع استمرار تذرّع شركة الأدوية بأزمة مالية جراء دعوى قضائية مرفوعة ضدها بدون النظر إلى حاجة العمال وحقهم في الحصول على أجورهم لتسيير حياتهم اليومية.
وحسب الشكاوى التي وصلت، فإن نحو 40 عاملا وعاملة استقالوا للبحث عن وظيفة بأجر غير متقطع. ويشتغل العاملون في الشركة داخل معمل دوائي، على خط الإنتاج وفي الصيانة وغيرها، وتتراوح رواتبهم بين 260 دينارا و500 دينار (الدينار= نحو 1.4 دولار).
وفي سياق متصل وبحسب رصد قام به المرصد العمالي الأردني "ما يزال نحو 100 عامل في شركة لصناعة الأبواب والنوافذ ينتظرون تسلّم رواتبهم المتأخرة منذ نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، في حين تستمر الشركة في وعودها للعمال بدون الوفاء بها".
وقال العمال إن عددا منهم لم يتقاضوا حتى راتب أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وبيّنوا أنهم يعانون دائما من تأخر صرف الرواتب، وأنهم يريدون حلا جذريا للمشكلة بحيث تُصرف رواتبهم كل نهاية شهر، لأن معظمهم معيل لأسر ويتضررون جراء تأخر صرفها.
قال الخبير القانوني في قضايا العمل حمادة أبونجمة إن إجراء وزارة العمل لا يلغي مسؤولية صاحب العمل عن دفع الأجور المترتبة عليه
وأشاروا إلى أن تبرير الشركة الوحيد هو أنها تمر بأزمة مالية نتيجة قلة الطلبات، في حين أكدوا أن بإمكان صاحب الشركة دفع رواتبهم من حسابه الخاص ولا ذنب للعمال بما يحصل للشركة.
وفي حالة مماثلة أيضا، كشفت النقابة العامة للعاملين في التعليم الخاص عن تجاوزات قانونية تتعرض لها معلمات في عدد من المدارس الخاصة، من خلال الضغط عليهن للتوقيع على استقالة، بهدف حرمانهن من راتب كانون الثاني الحالي.
وفي بيان أصدرته النقابة، فإن شريحة واسعة من المعلمات يتم التحايل عليهن ويتعرضن للضغط بشتى الأساليب من أجل التوقيع على الاستقالة، وفي حال الرفض يتعرضن للتهديد بعدم العودة إلى العمل في بداية الفصل الدراسي الثاني.
ودعت النقابة وزارة العمل إلى التعامل بحزم مع مثل هذه التجاوزات، وتكثيف الرقابة والتفتيش على المدارس الخاصة. وقالت إن هذا الإجراء يتكرر مع بداية عام دراسي أكان في عطلة ما بين الفصلين أو العطلة الصيفية، واصفة إياه بـ"التجاوز على الحقوق العمالية وانتهاك صريح لبنود العقد الموحد الذي يسري على العاملين في قطاع التعليم الخاص".