بالتوازي مع قرار الأردن عدم توقيع اتفاق الطاقة مقابل المياه الذي كان يزمع إبرامه مع الكيان الإسرائيلي بشراكة مع دولة الإمارات العربية المتحدة، سرّعت الحكومة الأردنية إجراءات تنفيذ مشروع الناقل الوطني للمياه الذي يجري الإعداد له منذ عدة سنوات.
وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة المياه والري الأردنية عمر سلامة لـ"العربي الجديد" إن هنالك 5 شركات عالمية تقدمت لعطاء تنفيذ المشروع، ويفترض دراسة العروض بداية العام المقبل واتخاذ القرارات المناسبة حيالها.
وأضاف أن الأردن ماض بتنفيذ هذا المشروع الاستراتيجي الذي يعول عليه لمعالجة مشكلة نقص المياه من خلال تحلية المياه من البحر الأحمر عبر ميناء العقبة وجرها إلى باقي المحافظات.
وقال إنه غُطِّي جزء كبير من التمويل اللازم للمشروع، وتواصل الحكومة جهودها لتأمين باقي المبلغ المطلوب لإنجازه بالسرعة الممكنة. وكان وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، قد أعلن أخيرا أن بلاده لن توقع اتفاق الطاقة مقابل المياه، وذلك ردا على الحرب الإجرامية التي تشنها إسرائيل ضد قطاع غزة، وتنكيلها بالشعب الفلسطيني ومقدراته.
وردا على تصريحات الصفدي، فقد لمّح مسؤولون إسرائيليون إلى عدم قدرة الأردن على تأمين مصادر أخرى للمياه إذا لم يوقع تلك الاتفاقية، وأن ذلك سيؤدي من وجهة نظرهم إلى تعطيش الشعب الأردني، ما كان مدعاة لتأكيد الجانب الأردني قدرته على معالجة مشكلة نقص المياه من خلال مشروع الناقل الوطني ومجالات أخرى.
وزير المياه والري الأردني رائد أبو السعود، قال خلال لقائه مؤخرا بلجان برلمانية إن الوزارة وضعت الخطط البديلة لتوفير المياه للمواطنين تحسبا لأي مفاجآت قد تحصل، بقوله إن لا أحد يلوي ذراع الأردن بالمياه في إشارة منه إلى التهديدات الإسرائيلية.
وأضاف أن وزارة المياه تعمل على تأمين حلول ومصادر جديدة باستمرار لتنفيذ مشروع الناقل الوطني، مشيرا إلى أن تصريحات بعض الخبراء حول بعض البدائل عن المشروع مثل آبار المياه العميقة تحتاج إلى المزيد من الدراسة والتقصي للتثبت من نوعيتها وكميتها.
وقال إننا ننتظر عروض الائتلافات المؤهلة لتنفيذ مشروع الناقل الوطني والمقررة مطلع الشهر المقبل، ونسعى لتأمين التمويل والمنح الخارجية لمساعدتنا على تخفيض كلفة المشروع والدخول مع الائتلاف بمفاوضات لتخفيض التكلفة الإجمالية للعطاء المنوي إبرامه مع الأفضل عرضا.
وأوضح أن التكلفة الأولية للمشروع يتوقع أن تتراوح بين 2.5 إلى 3 مليارات دولار، وأنه لن يكون هناك كلف إضافية في الاستملاكات الخاصة بأرض المشروع كونه سيمر بشكل مجاور لخط مياه الديسي.
وسبق أن فشل مشروع ناقل البحرين الذي كان يقوم على نقل مياه البحر الأحمر إلى البحر الميت وإقامة محطة لتحلية المياه بموجب اتفاق بين الأردن والسلطة الفلسطينية وحكومة الاحتلال التي ماطلت في تنفيذه إلى أن أُعلِن عن انتهاء الفكرة من قبل الجانب الأردني. ورصدت الحكومة الأردنية مبلغ 70 مليون دولار في موازنتها لعام 2024 لصالح مشروع الناقل الوطني للمياه.
وقال الخبير في قطاع المياه، أياد الدحيات، لـ"العربي الجديد إن "الناقل الوطني يعد مشروعا استراتيجيا بأولوية قصوى يجب العمل على تنفيذه بالسرعة الممكنة لمعالجة مشكلة نقص المياه في الأردن".
وأضاف أن الأردن يعاني مشكلة نقص المياه وهو من أفقر دول العالم مائيا، حيث ارتفعت الضغوط عليه خلال السنوات الأخيرة نتيجة لاستقبال البلاد أكثر من 1.3 مليون لاجئ سوري.
ووفق البيانات التي قدمها الدحيات والذي كان يشغل منصب وكيل سلطة المياه في الأردن، فإن العجز السنوي من المياه في الأردن يقدر بحوالي 400 مليون متر مكعب في ظل تأثير التغير المناخي وتراجع الهطولات المطرية بنسبة تتجاوز 20%.
وأشار إلى أن مشروع الناقل الوطني يتضمن بناء وتشغيل كل من محطة التحلية، ونظام أنابيب ناقل لمياه التحلية بطول 460 كيلومترا مواز للخط الناقل القائم لمشروع مياه الديسي، ولفترة امتياز تبلغ مدّتها 30 عاماً بهدف توفير 300 مليون متر مكعب سنوياً من المياه الصالحة للشرب من محطة تحلية مياه البحر التي ستُشيّد جنوب مدينة العقبة، لكل من محافظة العاصمة بكمية 250 مليون متر مكعب، ومدينة العقبة بكمية 50 مليون متر مكعب.
ويرى الدحيات أن تسريع وتيرة العمل يجري من خلال التعديل في إجراءات تنفيذ المشروع الحالي، وفصله لجزأين من دون تأخير تنفيذ أحدهما على الآخر، وهما نظام نقل المياه الوطني الاستراتيجي ومحطة تحلية المياه في مدينة العقبة.
وفي قراءة تحليلية له نشرت سابقا كتب الدحيات: "سيواجه تنفيذ نظام نقل المياه الوطني الاستراتيجي تحدياً كبيراً، لأنه سيقطع مجموعة واسعة من التضاريس والارتفاعات".