عادت الأنشطة الاقتصادية والتجارية إلى العمل في قطاع غزة تدريجاً، بعد توقف كلي عن العمل بسبب الإغلاق العام للسيطرة على انتشار فيروس كورونا.
وفتحت الأسواق العامة أبوابها في مختلف المحافظات أمام السكان وسط إجراءات احترازية مشددة ورقابة من قبل السلطات الحكومية في غزة، تراعي إجراءات التباعد الاجتماعي لضمان عدم تفشي الفيروس بصورة أكبر مما هو عليه حالياً.
كذلك فتحت أسواق الذهب والعملة، وسُمح "للشاليهات" الترفيهية بالعمل وفقاً لإجراءات وضوابط خاصة، إضافة إلى فتح المطاعم والفنادق أمام المواطنين وفق إجراءات مشددة. وألحقت فترة الإغلاق الشامل الضرر بالأنشطة الاقتصادية المتنوعة من أصحاب المحال التجارية أو المصانع والشركات المختلفة، بالتزامن مع استمرار الحصار الإسرائيلي المفروض منذ عام 2006 وسط تلاحق للحروب وجولات التصعيد العسكري.
وبحسب الجهاز المركزي الفلسطيني للإحصاء، انخفض دخل 42 في المائة من الأسر الفلسطينية بمقدار النصف أو أكثر خلال فترة الإغلاق، مقارنة بشهر فبراير/ شباط الماضي، فيما وصلت النسبة إلى 38 في المائة في غزة. وخلال فترة الإغلاق ارتفعت معدلات البطالة والفقر، وازدادت نسب انعدام الأمن الغذائي، إذ يعتمد 80 في المائة من العاملين في القطاع الخاص بغزة على تلقي أجورهم بنظام اليومية.
ويقول الباحث الاقتصادي أسامة نوفل، إن قرار استئناف الأنشطة الاقتصادية من قبل الجهات الحكومية أوقف انهياراً شاملاً في شتى المجالات، نظراً للتداعيات الاقتصادية المترتبة عن قرار حظر التجوال الشامل.
ويوضح نوفل لـ"العربي الجديد" أن الأوضاع كانت متردية قبل كورونا، نظراً لارتفاع نسبة البطالة وصعود معدلات الفقر إلى 70 في المائة بين السكان وانهيار القطاعات الاقتصادية المختلفة، ومع انتشار الجائحة زادت حالة الانهيار. ويشير نوفل إلى أن نسبة البطالة ارتفعت خلال جائحة كورونا إلى 60 في المائة، فيما دخل 100 ألف عامل ضمن إطار العاطلين من العمل، جميعهم كانوا يعملون بنظام اليومية، وهو ما انعكس سلباً على حياتهم ومعيشتهم. ووفقاً لجهاز الإحصاء المركزي، فإن 58 في المائة من سكان القطاع يلجأون إلى عملية الشراء بالدَّين من المحال التجارية الغذائية، خلال فترة جائحة كورونا، وهو ما يعكس حالة التدهور في الأوضاع المعيشية والاقتصادية في غزة.
ويرى الباحث الاقتصادي نوفل أن النقطة الإيجابية في إعادة فتح الأسواق والأنشطة، إيقاف عملية الانهيار الشامل للاقتصاد، وإعادة الكثير من العاطلين من العمل إلى وظائفهم من جديد، وهو ما سيحرك العملية التجارية ويعيد بعض السيولة النقدية إلى الأسواق. ويؤكد أن القطاع المحاصر إسرائيلياً للعام الرابع عشر على التوالي يحتاج إلى تدخل حكومي وضخّ أموال ووقف للعقوبات التي فرضتها السلطة الفلسطينية من أجل إعادة المشهد الاقتصادي للواقع الذي كان عليه قبل جائحة كورونا.
وارتفعت معدلات انعدام الأمن الغذائي بين سكان القطاع إلى أكثر من 80 في المائة بين السكان، فيما وصل مؤشر النشاط الاقتصادي المتعلق بعمليات البيع والشراء إلى مرحلة من الانهيار غير المسبوق، إذ بلغ 68 نقطة بالسالب. ويؤكد مدير العلاقات العامة والإعلام في الغرفة التجارية في غزة، ماهر الطباع، أن استئناف النشاط الاقتصادي من جديد سيوقف حالة التدهور الحاصلة بفعل الإغلاق، نظراً إلى انتشار جائحة كورونا داخل المجتمع منذ أغسطس/ آب الماضي.
ويقول الطباع لـ"العربي الجديد" إن من شأن استئناف الأنشطة إعادة الحياة إلى بعض القطاعات، وخصوصاً السياحة التي أصيبت بشلل كامل مع قطاع الإنشاءات مقارنة ببقية القطاعات التي كانت أقل تضراراً.
ويحذّر المسؤول في الغرفة التجارية من أن غزة مهددة بالتعرض لمزيد من الانهيارات الاقتصادية، في ظل انخفاض السيولة النقدية المتوافرة وعدم وجود رواتب كاملة يتقاضاها الموظفون، سواء المحسوبون على السلطة، أو على الحكومة التي تديرها حركة حماس.
ويشير إلى أن العديد من المنشآت والشركات سرّحت العاملين لديها، نظراً لحالة الانهيار الحاصلة، فضلاً عن عمل الكثير من المصانع بطاقة إنتاجية بسيطة للغاية، في ظل ضعف السيولة النقدية وتضاؤل القدرة الشرائية للمواطنين.