الأزمة النقدية في اليمن: "المركزي" يوقف التعامل مع مصارف صنعاء

01 يونيو 2024
داخل البنك المركزي في عدن، 13 ديسمبر 2018 (صالح العبيدي/ فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- البنك المركزي اليمني في عدن أوقف التعامل مع مصارف صنعاء تحت سلطة الحوثيين لفشلها في الالتزام بقوانين مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
- الحكومة اليمنية طلبت إيداع النقود الورقية القديمة لتوحيد السياسة النقدية ومواجهة التحديات الاقتصادية منذ بداية الحرب في 2015.
- خبراء يرون هذه القرارات كأزمة خطيرة للاقتصاد اليمني، مع تأكيد على أهمية توحيد السياسة النقدية وتحذير من تداعيات سلبية محتملة.

قرر البنك المركزي اليمني في عدن، الخميس، إيقاف التعامل مع عدد من مصارف صنعاء العاملة تحت سلطة الحوثيين، "لفشلها في الالتزام بأحكام القانون وتعليمات البنك وعدم الامتثال لمتطلبات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، إضافة إلى استمرارها في التعامل مع جماعة مصنفة إرهابياً، وتنفيذ تعليماتها بالمخالفة لقواعد العمل المصرفي وأحكام القانون وتعليمات البنك المركزي".

ودعت الحكومة اليمنية من خلال البنك المركزي في عدن كافة الأفراد والمحلات التجارية والشركات والجهات الأخرى والمؤسسات المالية والمصرفية ممن يحتفظون بنقود ورقية من الطبعة القديمة ما قبل العام 2016 ومن مختلف الفئات إلى سرعة إيداعها خلال مدة أقصاها 60 يوماً.

ووصف خبراء اقتصاد ومصرفيون هذه القرارات التي تطاول مصارف صنعاء بأنها أخطر أزمة تواجه اليمن منذ بداية الحرب والصراع في البلاد العام 2015، إذ ليس هناك أفق محدد لتبعاتها الجسيمة على مختلف المستويات الاقتصادية والنقدية والمعيشية.

الخبير الاقتصادي مطهر العباسي، أستاذ الاقتصاد بجامعة صنعاء، أوضح في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن القرارات تأتي في إطار حرب مصرفية بين البنكين، وقد تتلوها قرارات أخرى، مؤكداً أن هذا المسار الذي تتخذه الأزمة له نتائج سلبية على أداء البنوك، والتي هي في حالة شلل عملياتي وفي حالة إفلاس مالي. وقال العباسي: "الأجدر بالسلطتين في عدن وصنعاء أن تتحملا المسؤولية لإنقاذ النظام المصرفي وتوحيد السياسة النقدية بالبلاد".

إجراءات تطاول مصارف صنعاء

كان البنك المركزي الحكومي في عدن قد أمهل مصارف صنعاء 60 يوماً منذ مطلع إبريل/ نيسان الماضي لنقل مراكزها الرئيسية وإدارة عملياتها إلى عدن العاصمة المؤقتة للحكومة المعترف بها دولياً، مؤكداً أن من يتخلف سيتم اتخاذ الإجراءات القانونية بحقه طبقاً لأحكام قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب النافذة ولائحته التنفيذية.

وأرجع البنك المركزي الحكومي في عدن سبب قراره إلى ما اتخذته جماعة الحوثي في صنعاء من إجراءات إصدار عملات قال إنها غير قانونية إخلالاً بالنظام المالي والمصرفي في البلاد ومنع البنوك والمصارف والمؤسسات المالية من التعامل بالعملة الوطنية، وإصدار تشريعات غير قانونية من شأنها تعطيل العمل بالقوانين المصرفية ومنع المعاملات البنكية والتدمير الممنهج لمكونات القطاع المصرفي.

في السياق، أشاد أستاذ الاقتصاد بجامعة تعز محمد قحطان، في حديث لـ"العربي الجديد"، بقرارات البنك المركزي في عدن التي من شأنها الضغط على الحوثيين للتعاطي مع الإجراءات المتخذة من خلال هذه القرارات. وتوقع قحطان أن تقوم مصارف صنعاء بنقل ما أمكن من أرصدتها واستثماراتها للخارج، الأمر الذي سيشكل ضربة قوية لاقتصاد الحوثيين.

ولفت إلى أن ذلك سيؤدي لرفع الطلب على العملات الأجنبية، وبالتالي يمكن أن ينخفض سعر صرف الريال، أو ستنشأ سوق سوداء للمتاجرة بالعملات الأجنبية، إذ يرجح مصرفيون حدوث أزمة سيولة للعملات الأجنبية في صنعاء ومناطق نفوذ الحوثيين.

وأعتبر قحطان أن قرار سحب الطبعة القديمة المتداولة في مناطق الحوثيين يعني فقدان الغطاء القانوني لهذه الطبعة بعد مرور المهلة المحددة من قبل البنك المركزي في عدن، ومن شأن ذلك دفع الناس لاستبدال ما لديهم من الطبعة القديمة بعملات أجنبية الأمر الذي قد يؤدي إلى ارتفاع الطلب على العملات الأجنبية وسعر صرف هذه العملات، إضافة إلى أهمية ذلك في حل مشكلة انقسام الجهاز المصرفي والعملة الوطنية.

ونصت المادة الأولى من القرار، الصادر يوم الخميس 30 مايو/ أيار، على أنه على كافة البنوك والمصارف وشركات ومنشآت الصرافة ووكلاء الحوالات في الجمهورية وقف التعامل مع بنك التضامن وبنك اليمن والكويت، ومصرف اليمن والبحرين الشامل، وبنك الأمل للتمويل الأصغر، وبنك الكريمي للتمويل الأصغر الإسلامي، وبنك اليمن الدولي، فيما نصت المادة الثانية على أنه على البنوك والمصارف المذكورة الاستمرار في تقديم خدماتها المصرفية للجمهور والوفاء بالتزاماتها تجاه عملائها حتى إشعار آخر.

بدوره، أشار الباحث الاقتصادي رشيد الحداد، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أنها قرارات غير مدروسة وستكون لها تداعيات سلبية على الوضع في مناطق سيطرة الحكومة في عدن أكثر من أثرها على الوضع في صنعاء، ناهيك عن كونها في مضمونها قرارات انفعالية ستدفع بالأوضاع الاقتصادية نحو المزيد من التأزم بين صنعاء وعدن، وستضيف المزيد من التعقيدات للملف الاقتصادي في اليمن بشكل عام.

كما رأى الحداد أن ما حدث بمثابة تصعيد غير مدروس، ولن يكون له أي أثر إيجابي على سعر صرف العملة المطبوعة في محافظات جنوب اليمن، وسيعمق الانقسام النقدي في البلد، لافتاً إلى أن قرار تجميد التعامل بالعملة المطبوعة قبل العام 2016، سيدفع نحو ارتفاع الطلب على الدولار في المحافظات الجنوبية كون القرار قد أوقف التحويلات المالية الداخلية التي كانت تجري بالعملات المحلية بشكل كلي، وهو ما سيدفع بالمواطنين نحو التحويل بالعملات الأجنبية بين صنعاء وعدن.

المساهمون