على الرصيف في منطقة طريق المطار في طرابلس، يقوم الطفل الليبي وائل بن مسعود ببيع الفول المطبوخ في الماء أحياناً، والخضروات أحياناً أخرى. وقال لـ "العربي الجديد" إنه يبلغ من العمر 15 عاماً، والده أصبح من ذوي الاحتياجات الخاصة بعدما فقد رجله بسبب القصف على المطار عام 2015.
وشرح وائل أنه يعيش مع أفراد أسرته وهم خمسة أشخاص في منزل بالإيجار، وأن دخله اليومي لا يتعدى 20 ديناراً (سعر الصرف 4.77 دنانير). وتابع أن هذا الدخل لا يكفي لدفع مصاريف المدرسة لأخوته، وهو بالكاد يوفر لهم حاجياتهم الأساسية.
بدوره، قال الطفل يحيى عتيقة إنه يبيع الخبز في شارع الرشيد في وسط طرابلس، وهو يعمل منذ أكثر من ثلاث سنوات عبر شراء الأرغفة من أحد المخابز ومن ثم بيعها بعد إضافة ربح بسيط. وأضاف: "عمري عشر سنوات وأنا أعمل كبائع متجول تركت المدرسة لأن ظروفنا الاقتصادية لا تسمح بالبقاء فيها".
وفي سوق منطقة إنجيله غرب طرابلس، يتوزع عدد من الأطفال في السوق لتوضيب الخضروات مقابل مبلغ مالي زهيد. شرح الطفل نزار التاورغي أنه يتقاضى مبلغاً بسيطاً يساعد أمه الأرملة، وأنه يعمل في السوق يومي الاثنين والخميس، وباقي الأسبوع في إحدى محطات الوقود لغسل السيارات.
وأكد مدير مركز الدراسات الاجتماعية التابع لوزارة الشؤون الاجتماعية بحكومة الوحدة الوطنية هيثم الصويعي أن هناك أعدادا بسيطة من الأطفال دخلت سوق العمل بسبب ظروف الفقر والعوز، فيما القانون يجرم تشغيل الأطفال منذ مطلع سبعينيات القرن الماضي.
وأوضح في تصريحات لـ "العربي الجديد" أن عمالة الأطفال انتشرت خلال السنوات الأخيرة في أسواق الخضروات وآخرين امتهنوا التسول في الطرقات، محذرا من أنه خلال المدة الأخيرة انخرط بعض الأطفال في التشكيلات المسلحة للحصول على مرتبات شهرية بالإضافة إلى لجوء بعضهم إلى قوارب الهجرة.
وأشار المحلل الاقتصادي عبد الهادي الأسود إلى أن الظروف المعيشية لعدد من الأسر ساهمت في زيادة عمالة الأطفال. وقال لـ "العربي الجديد" إنه لا توجد إحصائيات دقيقة بشأن عدد الأطفال الداخلين إلى سوق العمل وكيفية مساعدتهم وسط غياب الأجهزة الحكومية لمتابعة الظاهرة التي تنامت في السنوات الأخيرة.
قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف"، في تقريرها الأخير إن 32 ألف طفل يعانون من سوء التغذية الحاد في ليبيا. وأضافت أن الأطفال في عدة دول بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ومنها ليبيا، يعانون الآثار المروعة للنزاعات.