استمع إلى الملخص
- المؤسسة العامة للأعلاف التابعة للنظام السوري حددت سعر شراء أعلى للشعير مقارنة بـ"الإدارة الذاتية"، مما دفع العديد من المزارعين للتفكير في بيع محاصيلهم للنظام بدلاً من الإدارة.
- تسعيرة الشعير المنخفضة وتحديد مراكز شراء محدودة أدت إلى تحديات لوجستية ومالية للمزارعين، بعضهم اختار تخزين المحصول أو بيعه للتجار الذين يبيعونه للنظام بسعر أعلى، مما يخدم النظام غير مباشرة.
في خطوة اعتبرها الكثير من المزارعين والفلاحين في الجزيرة السورية "تنازلاً" للنظام السوري، وفشلاً في إدارة قطاع الزراعة، ولا سيما زراعة محاصيل الحبوب من قمح وشعير أو محصولي القطن والذرة الصفراء، أصدرت هيئة الزراعة والري التابعة لـ"الإدارة الذاتية" شمال شرقي سورية قراراً، أمس الثلاثاء، حددت بموجبه سعر شراء محصول الشعير من المزارعين ضمن مناطقها بـ16 سنتاً للكيلو الواحد من الشعير الأسود، و15 سنتاً للكيلو الواحد من الشعير الأبيض، يضاف لها مكافأة قيمتها 10 دولارات عن كل طن (الدولار يساوي حوالي 15000 ليرة سورية).
وحصرت "الإدارة الذاتية" التابعة لـ"قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) عمليات الشراء بمركزي الميلبية في الحسكة والكبش في الرقة، ما يعني من الناحية العملية استبعاد شراء الشعير من المناطق البعيدة عنهما، نظراً لتكاليف النقل العالية مقابل سعر الشراء. وكانت "الإدارة الذاتية"، في الموسم الفائت قد حددت تسعيرة 350 دولاراً أميركياً للطن الواحد من الشعير، وهي تساوي أكثر من ضعفي تسعيرة موسم هذه السنة، لكنها امتنعت عن شراء المحصول في الموسم الفائت رغم تسعيرها لمادة الشعير.
من جهتها، حددت المؤسسة العامة للأعلاف التابعة للنظام السوري سعر شراء مادة الشعير من الفلاحين لهذا الموسم بمبلغ 2800 ليرة سورية للكيلوغرام الواحد، يضاف إليها 200 ليرة، دعماً من صندوق دعم الإنتاج الزراعي ليصبح سعر الكيلو الواحد 3000 ليرة (حوالي 20 سنتاً) وذلك من كل المحافظات عدا الحسكة.
وفي تصريح لمدير عام مؤسسة الأعلاف في حكومة النظام السوري عبد الكريم شباط، لوكالة سانا، قال إنّ الاستلام يبدأ اعتباراً من تاريخ 26 مايو/أيار وفق شهادة المنشأ التي يقدمها الفلاح، حيث سيتم استلام 100 ألف طن، بهدف تعزيز مخازن المؤسسة من مادة الشعير، لافتاً إلى أن دفع ثمن المحصول سيكون خلال 72 ساعة من تاريخ التسليم، بعد اتخاذ الإجراءات اللازمة ورفع القوائم للمصرف الزراعي. وأشار شباط إلى أن المؤسسة حددت 26 مركزاً للاستلام في كل المحافظات.
ويقول حكيم علي، مزارع من ناحية عامودا شمال الحسكة لـ"العربي الجديد" إنّ تسعيرة "الإدارة الذاتية" لمحصول الشعير هذه السنة "هي قليلة جداً، تماماً كما كان سعر القمح متدنياً، وأغلب الناس خزنت محصول الشعير، وهناك بعض المزارعين يملكون مساحات صغيرة، وعمدوا أيضاً إلى تخزينه، لأن سعره سوف يرتفع في موسم زراعته".
وأضاف علي أن "بعض المزارعين يمتلكون مساحات كبيرة، فهم يبيعونها للتجار ويقبضون ثمن محصولهم مباشرة، ويقوم التجار بدورهم ببيع محصول الشعير للنظام لأن السعر لديه أعلى من مناطق الإدارة الذاتية". وقال إن شحن الشعير يكلف المزارعين مصاريف إضافية، حيث يوجد في محافظة الحسكة كلها مركز واحد فقط، بينما أجور الشاحنات التي تقوم بنقل المحصول مرتفعة جداً، وقد تصل إلى 400 دولار للسفرة الواحدة، ولهذا يتم بيعها للتجار "على مبدأ (ريّح رأسك وارتاح) أفضل من الانتظار لشهور حتى يتم صرف الفواتير".
كما رأى شيركو شاكر، من ريف الدرباسية، شمال مدينة الحسكة، أنّ "تسعيرة الشعير متدنية جداً، فسعر 16 سنتاً (2200 ليرة) للكيلو الواحد بخس جداً وأنا اشتريت البذار في موسم الزراعة بمبلغ 4300 ليرة".
وأضاف شيركو: "هذا السعر خسارة كبيرة للفلاح، خاصة أنه لا يوجد غير مركز واحد في عموم محافظة الحسكة يستلم محصول الشعير، وهناك مزارعون من المالكية فكيف لهم أن يقطعوا مسافة نحو 200 كيلومتر حتى يتم شحن محصولهم، فهذا يكلف أجوراً مرتفعة جداً للطريق، كما أنه غالباً ما تنتظر الشاحنات في المراكز لأيام عديدة، ويتقاضى صاحب الشاحنة عن كل يوم تأخير مبلغ 50 دولاراً".
واعتبر شيركو أن أسعار "الإدارة الذاتية" المنخفضة هي مجرد "خدمة" للنظام السوري، لدفع المزارعين إلى بيع محاصيلهم للنظام حيث السعر الأعلى، بينما الإدارة ربما ما كانت ترغب في الشراء هذا العام أيضاً، كما حصل في العام الماضي، وفق قوله. ورأى أن ما تقوم به الإدارة "مجرد خطوات لتسليم كل المؤسسات للنظام السوري، وقد سلّمت فعلاً مطحنة مانوك بالقامشلي للنظام، وتعمل تدريجياً على تسليم ملفي القمح والقطن كاملين له"، بحسب توضيحه.
وبلغ إنتاج القمح في سورية العام الماضي نحو مليون طن، ونحو نصفها من الشعير، انخفاضاً من نحو 4 ملايين طن قبل عام 2011.