قبل أن تصبح الرحلات إلى الساحل الشمالي في مصر رائجة، كانت مدينة الإسكندرية الوجهة الأولى لقضاء العطل الصيفية للمصريين، كما أن الكثير من العرب والأجانب يأتون إليها بهدف الاستمتاع بالأجواء الصيفية على شاطئ البحر المتوسط.
اليوم، يسترجع الكثير من المصريين ذكريات الطفولة في تلك المدينة. يذكرون بائع شراب "الفريسكا" المثلج الذي لطالما كان يجول بين رواد الشاطئ، كما يستذكرون الحفلات الغنائية والمهرجانات التي تقام ليلاً.
ورغم أنها وجهة صيفية بامتياز، فإن الإسكندرية وجهة مهمة ثقافياً وتراثياً أيضاً. فقد نشأ الطلاب، سواء في مصر أو الدول العربية، وهم يدرسون عن تاريخ الإسكندرية الطويل، وعن الإسكندر المقدوني، ولهذا السبب، كانت هذه المدينة وجهة أساسية للطلاب. إن كانت هذه الأسباب غير مشجعة لزيارتها، فإن تكاليفها البسيطة، ومحبة أهلها وترحيبهم بالزوار، ستجعلكم تفكرون بزيارتها قريباً.
الاستجمام على الشاطئ
يعد شاطئ الإسكندرية ملتقى للكثير من المصريين والعرب. سنوياً، مئات العائلات تسعى إلى قضاء العطلة على طول الشاطئ، الذي يتميز بمياهه الصافية. صحيح أن النشاطات قد تبدو محدودة، لكن مجرد الاستمتاع فقط بالسباحة، يجعل الزائر في منتهى السعادة.
عادة ما يقضي الزوار فترة بعد الظهر والمساء في التنزه على طريق الكورنيش والواجهة البحرية في وسط مدينة الإسكندرية. يمنحك التنزه على الكورنيش، ولا سيما الجزء الواقع بين ميدان سعد زغلول المواجه للشاطئ الرئيسي وقلعة قايتباي على الطرف الغربي للميناء الشرقي، إحساسا حقيقيا بالعيش في حقبة القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، حيث لا تزال الكثير من آثار الهندسة المعمارية من هذه الحقبة قائمة على طول الكورنيش. وخلال نزهه، ستكون على موعد للتعرف إلى مسجد أبو العباس المرسي ذي القباب المتعددة.
الغنى التاريخي
صحيح أن المدينة وجهة سياحية ترفيهية، لكنها أيضاً مكاناً رائعاً لاكتشاف الآثار. ويمكن تخصيص يوم لزيارة قلعة قايتباي، التي تعود إلى القرن الخامس عشر، وتقع على حافة البحر الأبيض المتوسط.
تعتبر واحدة من أهم معاقل الدفاع وتم بناؤها في ظل حكم السلطان سيف الدين خليج، كما أنها تعد واحدة من عجائب الدنيا. يستطيع الزائر الوصول إليها سيراً على الأقدام، والصعود نحو أربعة طوابق إلى الأعلى لاكتشاف الأفق الواسع على البحر المتوسط.
إضافة إلى زيارة القلعة، يمكن أيضاً للزوار التوجه إلى مقابر "كوم الشقافة"، المحفورة من الصخر على المنحدرات الجنوبية للتل في منطقة كارموس، ويُعتقد أنها تعود إلى القرن الثاني الميلادي، وهي تقدم مثالًا رائعاً على الانصهار الإسكندري المميز للطرازين المصري واليوناني الروماني.
ويمكن للسياح زيارتها ضمن مجموعات صغيرة، ومشاهدة النقوش الفرعونية التي تملأ الجدران الداخلية.
زيارة ثقافية
زائر الإسكندرية يتمتع بكافة التفاصيل اليومية البسيطة، سواء في المأكل أو المشرب أو زيارة المناطق السياحية، ولا بد له من تخصيص وقت لزيارة مكتبة الإسكندرية. ببساطة، لأنها تعد واحدة من أهم المعالم المعاصرة في مصر والقلب الثقافي للمدينة.
وتتمحور هندستها المعمارية على شكل قرص الشمس العملاق، الذي يطل على كورنيش الواجهة البحرية. في الداخل، يمكن أن تستوعب المكتبة الرئيسية الضخمة وغرفة القراءة الخاصة بها ثمانية ملايين مجلد. وحقيقة أنها باتت من أكثر المعالم زيارة في المدينة، بحسب بيانات إحصائية صادرة عنها، حيث يزورها سنوياً أكثر من 800 ألف قارئ.
أيضاً، لا بد من زيارة متحف الآثار بالإسكندرية، الذي يضم مجموعة من الآثار القديمة التي يعود تاريخها إلى العصر اليوناني والروماني، ومن أبرز المعروضات التماثيل التي تم العثور عليها خلال الحفريات الأثرية تحت الماء في الميناء.
التراث القديم
قد تكون الإقامة هناك عاملاً إضافياً لزيارة المدينة التي تجمع الفنادق ذات الطابع التراثي التقليدي، وهي عبارة عن نموذج فريد للهندسة المعمارية التي طغت على المدينة في القرون الماضية.
ويمكن لأي زائر أن يقصد فنادق "خمس نجوم" للتعرف إلى تلك الهندسة المعمارية التقليدية، حيث ترتفع أسقف الغرف وتتدلى منها الثريات التي يعود تاريخها إلى أكثر من 50 عاماً. وبالمناسبة، فإن اختيار فندق 5 نجوم لا يعني أن الزائر سيتكبد مبالغ مالية كبيرة، إذ يمكنه أن يجد غرفة بسعر لا يتجاوز 30 دولاراً.
من المزايا المهمة للإسكندرية أيضاً طعامها اللذيذ، على الرغم من أنها تقدم الأطباق المصرية النموذجية، كالكبدة، والكوشري والسمك، إلا أن مذاق الطعام فيها مختلف.
أضف إلى ذلك أنه بفضل المحافظة على تقاليدها، يمكن للسيدات بشكل خاص ارتداء الألبسة التقليدية والتقاط الصور الفوتوغرافية.
السياحة مورد اقتصاد مهم
لطالما تميزت الإسكندرية بوصفها واحدة من أفضل الأماكن السياحية في مصر، وتعد السياحة مورداً اقتصادياً هاماً، إذ يعمل في قطاع الفنادق والمطاعم نحو 13% من إجمالي عدد سكانها. صحيح أن الحركة السياحية في المدينة تراجعت في السنوات الماضية، نظراً لإقبال السياح الأجانب تحديداً على زيارة أماكن أخرى، على غرار شرم الشيخ، إلا أن ذلك لا يعني أن المدينة لم تعد على خريطة السياحة. فبعد انتشار وباء كورونا، ومع القيود التي وضعت والتي حدت من إمكانية السفر والانتقال، ازدهرت السياحة الداخلية، حيث شهدت شواطئ الإسكندرية زيارة المئات من العائلات.
إضافة إلى السياحة، تعد الإسكندرية مركزاً صناعياً هاماً، حيث يبلغ إنتاجها الصناعي نحو 40% من الناتج الكلي.
وتتميز الإسكندرية بأسعارها الرخيصة نسبياً، إذ يمكن حجز غرفة فندقية بسعر لا يتجاوز 30 دولاراً، أما في ما يخص كلفة الطعام، فهي أيضاً رخيصة جداً، إذ يمكن تناول وجبة شعبية بسعر لا يزيد عن 3 دولارات.