استمع إلى الملخص
- التدابير الجديدة تحظر إعادة شحن الغاز الطبيعي المسال في الاتحاد الأوروبي وتستهدف نظام SPFS الروسي للتعاملات المالية، مع الحفاظ على إمدادات الغاز الضرورية لبعض دول الاتحاد.
- العقوبات الجديدة، الرابعة عشرة منذ فبراير 2022، تأتي بعد مفاوضات مكثفة وتسعى للحد من إمكانية تحويل المنتجات المدنية إلى استخدامات عسكرية، مع تمديد العقوبات الاقتصادية لعام إضافي بسبب ضم القرم.
وافقت دول الاتحاد الأوروبي، الخميس، على فرض دفعة جديدة "قوية ومهمة" من العقوبات على روسيا، في محاولة لتضييق الخناق على مجهود الحرب الروسي ضدّ أوكرانيا، حسب ما أعلنت بلجيكا التي تتولّى رئاسة الاتحاد.
وكتبت الرئاسة البلجيكية على منصة إكس أنّ "هذه الحزمة توفّر تدابير جديدة محددة الأهداف وتعزز تأثير العقوبات الحالية عن طريق سدّ الثغرات". من جهتها، قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أرسولا فون ديرلاين، عبر منصة إكس، إنّ "هذه التدابير القوية ستمنع روسيا من الوصول إلى التكنولوجيات، كما أنّها ستحرم روسيا من عائدات إضافية في قطاع الطاقة".
ومن بين هذه التدابير، حظر إعادة شحن الغاز الطبيعي المسال في الاتحاد الأوروبي، بحسب الوثيقة التي تتضمّن هذه العقوبات وحصلت وكالة فرانس برس على نسخة منها. ويهدف هذا الإجراء إلى عرقلة الخدمات اللوجستية لصادرات الغاز الروسي من القطب الشمالي، والتي تتطلّب استخدام ناقلات الغاز الطبيعي المُسال كاسحة للجليد خلال أشهر الشتاء. وتقوم هذه السفن بنقل الغاز الطبيعي المسال إلى موانئ أوروبية، مثل زيبورغ في بلجيكا أو مونتوار دي بريتان في فرنسا، ليُنقل بعد ذلك بواسطة ناقلات الغاز الطبيعي المسال التقليدية إلى السوق الآسيوية، خصوصاً الصين.
وبالتالي، فإنّ هذه العقوبات الجديدة لا تقلّل من كميّات الغاز الطبيعي المورّدة إلى الاتحاد الأوروبي، التي تعدّ ضرورية بالنسبة لبعض الدول نظراً إلى اعتمادها بشكل كبير على الإمدادات الروسية. وتهدف هذه العقوبات الجديدة إلى الحدّ من استخدام روسيا سفن الشحن "الشبح" للتحايل على عقوبات الاتحاد الأوروبي في ما يتعلّق بصادرات النفط الروسية. كذلك، تستهدف نظام SPFS الذي يسمح بإجراء تعاملات مالية، والذي أنشأته روسيا بعد استبعادها من نظام سويفت المالي الدولي بين المصارف.
وحزمة العقوبات هذه، التي تعدّ الرابعة عشرة منذ الغزو الروسي لأوكرانيا في شباط/فبراير 2022، كانت موضوع مفاوضات مكثّفة لأسابيع في مواجهة إحجام بعض الدول الأعضاء عن الموافقة عليها، بما في ذلك ألمانيا. وبهدف تحسين فعالية العقوبات السابقة ومنع التحايل عليها، اقترحت المفوضية الأوروبية تعزيز التزام الشركات الأوروبية مراقبة البضائع التي تبيعها، لتجنّب أن ينتهي بها الأمر في روسيا عبر شركات من دول أخرىً.
ويسعى الاتحاد الأوروبي منذ العام 2022 إلى الحدّ من إمكانية حصول روسيا على منتجات للاستخدام المدني، مثل المعالجات الدقيقة، التي يمكن أن تُستخدم أيضاً في تصنيع الأسلحة. ويُشتبه في أنّ العديد من الدول المجاورة لروسيا تعمل منصّات لإعادة تصدير المنتجات الغربية إلى روسيا، إلا أنّ ألمانيا، الدولة المصدّرة الأولى في أوروبا، اعتبرت أنّ هذه الإجراءات مقيّدة للغاية، وفقاً لدبلوماسيين. وقبلت أخيراً التسوية التي طرحتها الرئاسة البلجيكية على الطاولة مساء الأربعاء، والتي جرت الموافقة عليها صباح الخميس.
ومطلع الأسبوع الحالي، مدد الاتحاد الأوروبي عقوباته الاقتصادية على روسيا عاماً إضافياً، بسبب ضمها غير القانوني لشبه جزيرة القرم الأوكرانية عام 2014. وذكر مجلس الاتحاد الأوروبي، في بيان، أنه مدد الإجراءات التقييدية ضد روسيا حتى 23 يونيو/ حزيران 2025. وتحد العقوبات من أنشطة مواطني دول الاتحاد وشركاته في منطقتي شبه جزيرة القرم ومدينة سيفاستوبول، أبرز مدن شبه الجزيرة، وتحظر استيراد المنتجات من القرم إلى دول الاتحاد الأوروبي. وتحظر العقوبات أيضاً على مواطني وشركات الاتحاد الأوروبي الاستثمار وتقديم الخدمات المالية لهاتين المنطقتين، وتحظر تصدير المنتجات والتقنيات المستعملة في قطاعات النقل والاتصالات والطاقة إلى القرم، وتمنع أيضاً تقديم التكنولوجيا والدعم الفني إلى المنطقة، خاصة في مجال التنقيب عن النفط والغاز الطبيعي والمعادن واستخراجها وإنتاجها.
وفي 24 فبراير 2022، أطلقت روسيا عملية عسكرية في أوكرانيا، وتشترط لإنهائها "تخلي" كييف عن خطط الانضمام إلى كيانات عسكرية، وهو ما تعده الأخيرة "تدخلاً" في سيادتها. وأقر الاتحاد الأوروبي، في فبراير/شباط الماضي، الحزمة الثالثة عشرة من العقوبات على روسيا، التي شملت تجميد أصول أفراد وكيانات روسية إضافية، وتوسيع نطاق العقوبات القطاعية القائمة، وتقييد قدرة روسيا على الوصول إلى التكنولوجيا العسكرية من خلال كيانات مقرها خارج الاتحاد الأوروبي.
ورغم العقوبات المتتالية، تجاوزت واردات أوروبا من الغاز الطبيعي من روسيا الإمدادات المقدمة للقارة العجوز من الولايات المتحدة في شهر مايو/أيار للمرة الأولى منذ ما يقرب من عامين، على الرغم من الجهود التي بذلتها المنطقة لإبعاد موسكو عن تزويد أوروبا بالغاز بعد الغزو الروسي للأراضي الأوكرانية، وفقاً لما نقلته صحيفة فاينانشال تايمز الأحد الماضي. ورغم تسبب عوامل استثنائية في هذا التراجع بعد فترة شهدت قطع أغلب الإمدادات الروسية، إلا أن البيانات الأخيرة تسلط الضوء على صعوبة منع تزويد أوروبا بالغاز القادم من روسيا، كون العديد من دول أوروبا الشرقية مستمرة في الاعتماد على استيراده من الجارة الكبرى، وفقاً للصحيفة البريطانية.
(فرانس برس، العربي الجديد)