يشكل بحر قطاع غزة وسيلة ضغطٍ يلجأ إليها الاحتلال الإسرائيلي لابتزاز فصائل المقاومة الفلسطينية، في أوقات الحروب وجولات التصعيد من أجل وقف إطلاق الصواريخ والقذائف تجاه المدن والبلدات المحتلة عام 1948 والمواقع العسكرية المحاذية للقطاع.
وينعكس السلوك الإسرائيلي الذي تكرر عشرات المرات خلال الأعوام الثلاثة الماضية، سلباً على أكثر من 4 آلاف صياد فلسطيني، بالإضافة إلى 1500 عامل آخرين في قطاع الصيد الذي يشكل مصدر رزقهم الوحيد، ويعيلون من خلال عملهم فيه قرابة 50 ألف أسرة.
وقرر الاحتلال، أمس الاثنين، إغلاق بحر غزة كلياً بعد ساعات قليلة من إعلانه تقليص مساحة الصيد بشكل محدود، بزعم استمرار إطلاق الصواريخ والقذائف تجاه مستوطنات غلاف غزة، وهو ما حرم آلاف الصيادين من ممارسة عملهم بشكل اعتيادي.
وشهد مارس/ آذار الماضي زيادة ملحوظة في معدل الانتهاكات الإسرائيلية بحق الصيادين والتي تنوعت ما بين عمليات الاستهداف المباشرة وغير المباشرة، إذ استشهد 3 صيادين بفعل طائرة مفخخة إسرائيلية وقعت في شباكهم فيما ألحق الاحتلال أضراراً بمراكب وصادر معدات.
في الأثناء، يعتبر نقيب الصيادين الفلسطينيين، نزار عياش، القرار الإسرائيلي بإغلاق مساحة الصيد كلياً بأنّه يأتي في سياق محاولات الابتزاز الإسرائيلي المتكررة للفصائل الفلسطينية والصيادين، والتي تكررت مرات عدة خصوصاً منذ عام 2018 وحتى العام الجاري.
ويؤكد عياش لـ "العربي الجديد" أنّ القرار الإسرائيلي "المجحف" سينعكس بالسلب على واقع الصيادين المعيشي المتدهور من الأساس، لا سيما أنّ غالبية العاملين في مهنة الصيد يعتمدون على عمليات البيع اليومي من أجل توفير مصدر دخل لعائلاتهم.
ويشير نقيب الصيادين الفلسطينيين في غزة إلى أنّ قرار إغلاق البحر هو الأول هذا العام، إذ أغلق الاحتلال بحر غزة وقلص مساحة الصيد فيها في أغسطس/ آب الماضي، بحجة إطلاق البالونات الحارقة والمتفجرة تجاه الأراضي القريبة من غلاف غزة.
وفي أعقاب انطلاق مسيرات العودة الكبرى وكسر الحصار التي انطلقت في مارس/ آذار 2018، لجأ الاحتلال لاستخدام مساحة الصيد وإغلاق البحر والمعابر التجارية ومنع إدخال الوقود كأدوات ضغط على الفصائل الفلسطينية لوقف التصعيد وإعادة حالة الهدوء.
ووفقاً لعياش، فإنّ الاحتلال الإسرائيلي خلال عام 2020 قلص مساحة الصيد وأغلق شاطئ البحر قرابة 6 مرات لفترات زمنية متفاوتة وصل بعضها إلى ثلاثة أسابيع، فيما كان عام 2019 الأكثر ابتزازاً، إذ تلاعب الاحتلال بمساحة الصيد قرابة 20 مرة.
ويقسم الاحتلال مساحة الصيد في بحر غزة إلى قسمين إذ لا تزيد المساحة المسوح بالعمل فيها في المناطق الشمالية للقطاع عن 6 أميال بحرية فيما يسمح للصيادين في وسط القطاع وجنوبه بمساحة تتراوح بين 12 و15 ميلاً بحرياً.
بدوره، يقول مسؤول لجان الصيادين في اتحاد لجان العمل الزراعي، زكريا بكر، إنّ هناك حالة تخبط إسرائيلي واضحة في التعامل مع الصيادين الفلسطينيين من خلال تقليص مساحة الصيد في البداية ثم التراجع عن القرار وإغلاق البحر بشكلٍ كامل.
ويؤكد بكر لـ "العربي الجديد" أنّ القرار يحاول فرض العقاب الجماعي على الصيادين الفلسطينيين بشكل يتعارض مع اتفاقية جنيف الرابعة، إذ بات واضحاً أنّ أحد أهداف القرار الرئيسية هي الابتزاز السياسي والضغط على الفصائل والصيادين على حدٍ سواء.
ويبين بكر أنّ عمليات الاستهداف الإسرائيلي تتركز على تدمير المحركات الخاصة بالقوارب، إذ يمنع الاحتلال دخولها فيما يلجأ العاملون في قطاع الصيد إلى بدائل أخرى، إذ تقدر نسبة المحركات البحرية التي لا تصلح للعمل بنحو 95 في المائة، في حين يحتاج القطاع إلى 300 محرك جديد لا يتوفر أيّ منها في السوق المحلية.